رمز الخبر: ۳۰۱۰۳
تأريخ النشر: 10:46 - 24 April 2011
 أعربت سورية عن أسفها للبيان الذي أصدره الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء أول من أمس بخصوص الأوضاع في سورية، ووصفت البيان بأنه «لا يستند إلى رؤية موضوعية شاملة لحقيقة ما يجري».

وقال مصدر سوري مسؤول إن «سورية تعبر عن أسفها لصدور بيان بالأمس (أول من أمس) للرئيس باراك أوباما بشأن الأوضاع في سورية كونه لا يستند إلى رؤية موضوعية شاملة لحقيقة ما يجري». وأشار المصدر إلى أن سورية سبق ونفت «ما روجت له الإدارة الأميركية حول الاستعانة بإيران أو غيرها في معالجة أوضاعها الداخلية» وعبر المصدر عن استغرابه من «إصرار الإدارة على تكرار هذه الادعاءات» معتبرا أن ذلك «يشير إلى عدم المسؤولية وإلى أن ذلك جزء من التحريض الذي يعرض أمن مواطنينا للخطر». وكان أوباما دان مساء الجمعة استخدام العنف ضد المتظاهرين في سورية متهما النظام السوري بالسعي للحصول على مساعدة إيران لقمع التحركات الاحتجاجية. وقال أوباما في بيان إن «الولايات المتحدة تدين بأشد العبارات استخدام الحكومة السورية للقوة ضد المتظاهرين» مؤكدا أن «هذا الاستخدام المروع للعنف ضد المظاهرات يجب أن يتوقف فورا».

ورأى الرئيس الأميركي أن أعمال العنف هذه تدل على أن إعلان النظام السوري رفع حالة الطوارئ لم يكن «جديا» متهما بشكل مباشر الرئيس السوري بشار الأسد بالسعي للحصول على مساعدة طهران لقمع الاحتجاجات.

وتابع أوباما «عوضا عن الاستماع لشعبه يتهم الرئيس الأسد الخارج، ساعيا في الوقت عينه للحصول على المساعدة الإيرانية لقمع السوريين باستخدام السياسات الوحشية نفسها المستخدمة من قبل حلفائه الإيرانيين».وقال: «نعترض بشدة على المعاملة التي تخص بها الحكومة السورية مواطنيها ولا نزال نعترض على موقفها الذي يزعزع الاستقرار بما في ذلك دعمها للإرهاب وجماعات إرهابية». وكان البيت الأبيض عبر قبيل تصريح أوباما عن قلقه بشأن العنف في سورية ودعا الحكومة السورية وكافة الأطراف إلى وقف الاضطرابات.

وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض «نستنكر استخدام العنف» داعيا الحكومة السورية «وجميع الأطراف» إلى «الامتناع عن استخدام العنف».

من جانبها رفضت إيران اتهامات أوباما بأن النظام السوري يسعى للحصول على مساعدة طهران لقمع حركات الاحتجاج بعد يوم من المظاهرات في عدد من المدن السورية أسفر عن سقوط أكثر من 80 قتيلا. ونقلت قناة «العالم» الإيرانية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست قوله «نرفض هذه التصريحات. سياستنا الخارجية واضحة جدا. لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى». وانتقد المتحدث الإيراني استخدام القوة ضد المتظاهرين. وقال: «إننا نحترم سيادة الدول الأخرى وكذلك مطالب الناس. نرى أن استخدام القوة ضد الأفراد في أي بلد أمر غير مقبول» من دون أن يسمي سورية مباشرة. وسورية حليف إيران الرئيسي في العالم العربي منذ الثورة الإسلامية في 1979.

وفي 14 أبريل (نيسان) اتهمت الولايات المتحدة إيران بمساعدة النظام السوري في قمع المظاهرات. وقال مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأميركية «نعتقد أن هناك معلومات ذات مصداقية مفادها أن إيران تساعد سورية في قمع المتظاهرين».

وعلى صعيد ردود الفعل الدولية دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون استخدام العنف ضد المتظاهرين ودعا إلى وقفه فورا وإجراء تحقيق مستقل «يتسم بالشفافية» كما قال الناطق باسمه.

وأكد بان كي مون أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن «تحترم حقوق الإنسان الدولية بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي وكذلك حرية الصحافة»، داعيا مجددا إلى «إجراء تحقيق مستقل وشفاف وفعلي في أسباب القتل». ونوه الأمين العام للمنظمة الدولية ببعض الإجراءات التي اتخذت مثل رفع حالة الطوارئ التي طبقت أكثر من 4 عقود في سورية.

لكنه أكد في الوقت نفسه أن وحده «حوارا شاملا وتطبيقا فعليا للإصلاحات يمكن أن يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري ويؤمن السلام الاجتماعي والنظام».

من جهته أكد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أنه «قلق للغاية من الأنباء بشأن القتلى والجرحى في أنحاء سورية». وقال: «أدين عمليات القتل غير المقبولة التي ترتكبها قوات الأمن بحق المتظاهرين». ودعا هيغ قوات الأمن السورية إلى «ضبط النفس بدلا من ممارسة القمع» كما دعا السلطات السورية إلى «احترام حق الشعب في التظاهر السلمي» و«تلبية المطالب الشرعية للشعب السوري».

وأكد الوزير البريطاني ضرورة «تطبيق الإصلاحات السياسية من دون تأخير وإلغاء قانون الطوارئ بالفعل وليس بالقول فقط».

ودان وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أمس «القمع العشوائي والعنيف» في سورية في المظاهرات ودعا السلطات السورية إلى «التخلي عن استخدام العنف». وأعلن الوزير في بيان أن «فرنسا تدين أعمال العنف الشديدة التي تمارسها قوات الأمن السورية والتي أدت إلى مقتل الكثير من المتظاهرين المسالمين في 22 أبريل (نيسان)» مؤكدا أنه «لا بد من محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم ومرتكبيها». وأضاف أن «هذا القمع العشوائي والعنيف يتناقض مع رفع حالة الطوارئ وندعو بإلحاح السلطات السورية إلى التخلي عن استخدام العنف واحترام حقوق مواطنيها وحرياتهم الأساسية طبقا لالتزاماتها الدولية وخاصة الحق في التظاهر سلميا وحرية الصحافة».

وخلص البيان إلى القول إن «وحده حوار سياسي يشارك فيه الجميع وإصلاحات تستجيب لتطلعات الشعب السوري المشروعة من شأنها أن تصون استقرار البلاد الذي هو من مصلحة الجميع».

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها «قلقة للغاية حيال الوضع في سورية والمعلومات التي تتحدث عن سقوط الكثير من القتلى في مدن مختلفة من البلاد وتدين أعمال العنف هذه». وأكدت الخارجية الفرنسية ضرورة «كشف حقيقة هذه الجرائم وتحديد المسؤولين عنها واعتقالهم وإحالتهم للمحاكمة» لكنها دعت في الوقت نفسه السلطات السورية إلى «التخلي عن استخدام العنف ضد مواطنيها». كما دعت السلطات السورية إلى «البدء من دون تأخير في حوار سياسي شامل والبدء في تنفيذ الإصلاحات التي تستجيب للتطلعات المشروعة للشعب السوري. رفع حالة الطوارئ يجب أن يترجم بالأفعال».

من جانبه قال رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزيك «إن أعمال العنف ضد المتظاهرين في سورية والقمع العنيف للمظاهرات السلمية في سائر أنحاء سورية غير مقبول». وأضاف «يجب أن تتوقف إراقة الدماء منذ هذه اللحظة»، داعيا السلطات السورية إلى «الاعتراف أخيرا بأن الأوضاع تتغير والاستجابة للتطلعات المشروعة لشعبه».

وبعد أن رأى أن «الناس لن يقبلوا بتصريحات فقط» شدد على ضرورة «إنهاء أعمال القتل والتعذيب والاعتقالات الاعتباطية» والإفراج عن «جميع السجناء السياسيين». كما دعا إلى إجراء «تحقيق مستقل» في مقتل المتظاهرين وإطلاق ملاحقات قضائية بحق «المسؤولين عن عمليات تعذيب وتجاوزات أخرى». وتقول منظمة العفو الدولية إنه بسقوط ضحايا الجمعة! يرتفع عدد الذين قتلوا في الحركة الاحتجاجية التي بدأت منتصف مارس (آذار) في سورية إلى 303 قتلى. ودعا وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي الرئيس السوري بشار الأسد إلى النزول على مطالبات الشعب السوري بالديمقراطية. ونقل مكتب فسترفيلي أمس عن الوزير قوله: «حان الوقت الذي تستجيب فيه الحكومة السورية للحركة الديمقراطية وللمطالب الملحة للمجتمع الدولي».

في الوقت نفسه طالب نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الحكومة السورية بالوقف الفوري لاستخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين وضمان حق المواطنين في التعبير عن آرائهم وحرية التجمع وذلك حسب وكالة الأنباء الألمانية.

وقال زعيم الحزب الديمقراطي الحر، الشريك في الائتلاف الحاكم في برلين إن العنف المتجدد ضد المتظاهرين السلميين أمر غير مقبول وستدينه الحكومة الألمانية بأشد درجات الإدانة. وطالب فسترفيلي بإجراء تحقيق دقيق حول أحداث أمس الجمعة وعرضه على القضاء.

أما روسيا فدعت أمس إلى تسريع الإصلاحات في سورية التي تقيم معها علاقات وثيقة منذ زمن طويل. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن موسكو «تعرب عن قلقها من تصاعد التوتر والمؤشرات إلى مواجهات تتسبب في معاناة أبرياء». وأضافت الوزارة: «إننا مقتنعون بقوة بأن وحده الحوار البناء وتسريع الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية على نطاق واسع كما اقترحت القيادة السورية كفيل بإتاحة تنمية مستقرة وديمقراطية».

ولا تزال سورية التي كانت أكبر حليف للاتحاد السوفياتي في الشرق الأوسط شريكا مميزا لروسيا في المنطقة وتشتري منها الجزء الأكبر من سلاحها. وروسيا عضو مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة في اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط التي تعمل على تسوية النزاع في هذه المنطقة.

كما دانت إيطاليا بشدة السبت قمع نظام بشار الأسد للمظاهرات في سورية، مشددة على «ضرورة احترام حق التظاهر سلميا». وقالت الخارجية الإيطالية في بيان «نتابع بقلق كبير تطور الأحداث في سورية وندين بشدة القمع العنيف للمتظاهرين». وأضاف البيان «يجب احترام حق التظاهر سلميا. ندعو كافة الأطراف إلى الهدوء والاعتدال وندعو السلطات السورية إلى تطبيق سريع للإصلاحات المعلنة». وأوضح «لا بد من تطبيق الإصلاحات واحترام الحريات الأساسية لعودة الاستقرار إلى البلاد الذي تحتاج إليه». وأشار مراقبون في واشنطن إلى أنه على الرغم من تشدد البيان الأخير من البيت الأبيض، فإنه لم يحدد خطوات معينة سوف تتخذها الحكومة الأميركية نحو المظاهرات المستمرة، والقمع الدموي الحكومي السوري، غير أن مسؤولا أميركيا قال إن البيت الأبيض ناقش «ردود فعل محتملة على هذا السلوك المشين». ويعتقد المراقبون أنه يشير إلى ثلاث خطوات مبدئية:

أولا: استدعاء السفير الأميركي لدى سورية.

ثانيا: إعادة الحظر الكامل على التعامل الاقتصادي مع سورية، الذي كان خُفف مؤخرا.

ثالثا: نقل الموضوع إلى مجلس الأمن لإصدار بيان يدين أعمال حكومة الأسد.

وكان مسؤولون أميركيون قالوا، مرات كثيرة، إن إدارة أوباما ليس لديها نفوذ على سورية تستطيع أن تستعملها. وقالوا إن العقوبات الاقتصادية الأميركية وصلت للحد الأقصى. وإن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة قلقون من الفوضى في سورية بسبب موقعها الاستراتيجي أكثر من قلقهم على الحملة العنيفة التي يقودها الأسد ضد شعبه. وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن ردود فعل أوباما نحو التطورات في سورية أقل من ردود فعله نحو التطورات في مصر وليبيا، وأن أوباما تردد كثيرا في انتقاد الأسد انتقادا مباشرا وقويا.