رمز الخبر: ۳۱۱۵۴
تأريخ النشر: 16:34 - 20 November 2011
والدور الرابع انيط الى غرفة عمليات مشتركة بين اسرائيل وتركيا والسعودية والاردن وكانت مهمتها هي ان تقوم بتازيم الوضع في سوريا قدر ما تستطيع بهدف ان تشعر ايران بانها ستخسر سوريا ولذلك يجب عليها ان تتراجع ولو قليلا من اجل انقاذ الاسد.

عصر ايران – ان التمييز بين حدود ما هو حقيقة وما يتم الايحاء بانه حقيقة، صعب بعض الشئ. وهذا الامر ينطبق على الوضع الحالي لبيئة الامن القومي الايراني. فان استسلم احد للاعلام الغربي، سيصل على الفور الى نتيجة مؤداها بان الوضع في ايران، ليس متدهورا ومتازما.

ويبدو على الظاهر – او ان ثمة محاولات لاظهار ان – ايران تتلقى ضربات متتالية وان الغرب استخدم كل ما لديه، لحسم الموقف. ويكفي ان يكون متلقي هذا التهويل الاعلامي الضخم، انسان محافظ او ضعيف ، وسيستتنج على الفور انه لا خيار سوى التراجع ويقول انه يمكن التخلص من هذه الورطة فقط عندما تعدل ايران من سلوكياتها حسبما يريد الغرب ان تكون.

لكن هل الامر كذلك؟ وهل ان ايران تمر بازمة؟ وهل ان الضغط النفسي الهائل الذي تتعرض له ايران ناجم عن ان الغرب يشعر بالقوة تجاه ايران؟ وهل ان اميركا واسرائيل يتخذان لعبة الهجوم على ايران تصورا منهما ان الهجوم العسكري هو خيار حقيقي؟

وثمة قضية كبيرة تكمن خلف جميع هذه الضغوطات، طالما لا يتم دراستها بشكل جيد، لا يمكن الوصول الى رد دقيق على هذا السؤال، وهي انه لماذا قرر الامريكيون فجاة زيادة تحركاتهم الراديكالية ضد ايران؟ هل ان اميركا قلقة حقا من ان تقوم ايران بعمليات استخباراتية داخل اراضيها، ام انها قلقة من ان تقوم ايران بتصميم رأس نووي وتركيبه على صاروخ شهاب، ام ان الامريكيين يعلمون علم اليقين بان ايران ليست بصدد تصنيع السلاح النووي ولا تنوي اغتيال دبلوماسي سعودي عديم الاهمية في واشنطن وان جميع هذه الالاعيب اتخذت لمآرب اخرى؟ وان استطعنا العثور على الدليل الاخر، فاننا سنجد منفذا ننفذ من خلاله للتفريق بين الحقيقة والعمليات النفسية.

والانطلاق من نقطة البداية يشكل اسلوبا جيدا في هذا الخصوص. فجميع القصة بدات عندما انتبه الامريكيون الى ان لا خيار امامهم سوى الانسحاب من المنطقة لاسباب اقتصادية وبسبب التوجه المناوئ للحرب داخل الشارع الامريكي. والاخر انه مع سقوط الديكتاتوريين الحليفين لها في المنطقة، فان اناسا يتولون السلطة في هذه الدول، تربطهم علاقات تاريخية وعضوية مع ايران. والنتيجة التي توصل اليها الامريكيون بان قوتهم الاستراتيجية في المنطقة اخذة بالتراجع يوما بعد يوم وان نموذجا معاديا لامريكا والصهيونية في المنطقة اخذ بالتبلور وقد يعتمد النموذج الايراني في مجال عدم التقيد بالخطوط الغربية الحمراء. اذن التحليل العام السائد في واشنطن ان المنطقة تسير نحو الاسلمة وربما اعتماد النموذج الايراني والاسوء من ذلك ان امريكا مرغمة على الخروج من المنطقة بسبب ازمتها الاقتصادية والاجتماعية وتورطها باوضاعها الداخلية. ويرى بعض الاستراتيجيين الصهاينة ان اميركا مرغمة على الانسحاب في المنطقة بالضبط في الوقت الذي هي بامس الحاجة الى البقاء فيها.

والنتجية ان الامريكيين توصلوا الى انه ان لم يقفوا بوجه ايران منذ الان ولا يجدوا السبيل لاحتوائها، ربما لن يكونوا قادرين على ذلك بعد عدة اشهر من الان. وقال عدد من الدبلوماسيين الامريكيين خلال الاسابيع الماضية ان اميركا واسرائيل يذهبان الى الاعتقاد بصورة مشتركة من انه ان لم يجدا السبيل من الان لوضع حد لايران، فان المعادلة الاستراتيجية في المنطقة ستتغير خلال اشهر لحساب ايران. لذلك فان اميركا واسرائيل قررتا في اجتماعات اشرك فيها بعض الاوروبيين، العثور على طريق لوقف التفوق الايراني في المنطقة.

اذن ما هو السبيل لوضع ايران عند حدها وايجاد عوائق امام تحركها المتسارع؟ وهناك حصل توزيع للادوار واستخدم جمع من اللاعبين لممارسة رزمة من الضغط على ايران. وهم اسرعوا في ايجاد رزمة الضغط على ايران لانهم شعروا بان الوقت يداهمهم لان ايران وكما وصلت الى نقطة اللاعودة في المجال النووي، فانها على عتبة الوصول الى هذه النقطة في المجال الاقليمي.

وكيف تم توزيع الادوار؟ الدور الاول لعبه الاسرائيليون. وتصرفوا بشكل وكان صبرهم قد نفد ولا يمكن لهم احتمال انفعال المجتمع الدولي تجاه تنامي قدرة ايران. لذلك فقد كلف الموساد تسريب سيل من الاخبار الى وسائل الاعلام الغربية والعربية مضمونها بان اسرائيل تعد لهجوم عسكري وشيك على ايران. ورغم ان البعض صدق هذه اللعبة في الايام الاولى لكنه كان واضحا منذ البداية واتضح الان كاملا بان الهدف من هذه اللعبة ليس الهجوم على ايران – لان الاسرائيليين يعرفون ان هذا الشئ غير ممكن وان نفذ فانه سيعطي نتائج عكسية – بل اتخذت كاداة بيد الامريكيين للمساومة مع روسيا والصين والاوروبيين لتخويفهم من احتمال ان تقوم اسرائيل بخطوة احادية واقناعهم بممارسة عقوبات اقسى ضد ايران.

والدور الثاني انيط الى يوكيا امانو المدير العام الياباني في الظاهر والامريكي النزعة في الحقيقة للوكالة الدوية للطاقة الذرية لنشر تقرير ملئ بالموضوعات المفبركة والمثيرة للسخرية التي اوعز بها شخصيا الرئيس الامريكي باراك اوباما ك "معطيات الوكالة حول البرنامج النووي الايراني". ولم يتهم امانو في تقريره في نوفمبر ايران بصراحة بالعمل على انتاج السلاح النووي – لان لا شواهد على هذا الشئ – بل انه اورد سلسلة من النشاطات غير التقليدية ليقول بان الوكالة الدولية قلقة بان تكون هذه النشاطات جزء من البرنامج غير التقليدي لتصنيع السلاح.

والدور الثالث اوكل الى السعودية. وقد التقى مقرن بن عبدالعزيز رئيس جهاز الاستخبارات السعودي بجوزف بايدن قبل اسبوع من اثارة الاتهام الارهابي ضد ايران. وتظهر التقارير بانه تم خلال اللقاء الاتفاق على ايجاد لعبة دبلوماسية واعلامية جديدة ضد ايران محورها شخص يدعى منصور ا رباب سيار الذي كان الامريكيون قد اعدوه منذ مدة لهذا السيناريو. وقد قبلت السعودية لان تكون جزء من هذا المشروع لانهم شعروا بوضوح (وطبعا بشكل خاطئ) بان ايران تمضي في طريقها لشطبها من المعادلات الاقليمية. وكان تحليل الامريكيين قائم على انه ان طرحوا هذه القضية بضجة وتهويل فان بامكانهم الحصول على قرار جديد ضد ايران من مجلس الامن الدولي. واتفق الجانبان الامريكي والسعودي على ان تكون قوات القدس ، محور الاتهام ضد ايران.

والدور الرابع انيط الى غرفة عمليات مشتركة بين اسرائيل وتركيا والسعودية والاردن وكانت مهمتها هي ان تقوم بتازيم الوضع في سوريا قدر ما تستطيع بهدف ان تشعر ايران بانها ستخسر سوريا ولذلك يجب عليها ان تتراجع ولو قليلا من اجل انقاذ الاسد.

والدور الخامس والاخير، اوكل الى قادة الفتنة في ايران. وهذا موضوع مسهب يجب التطرق اليه بالتفصيل لكن ما يجب قوله هنا هو ان تيار الفتنة اوكلت اليه من خلال ارتباطاته الخارجية مهمة اظهار ان الوضع في ايران ، حرج وبل في حالة حرب، وتحريض الراي العام ضد سياسات الدولة والتمهيد للانتخابات البرلمانية التاسعة التي ينظر اليها الامريكيون كمشهد لاحياء الفتنة.

وهذه الادوار الخمسة التي انيطت الى خمسة لاعبين تظهر بوضوح بان اميركا اقدمت بتعجل على ايجاد مجموعة من السيناريوهات لا من منطلق القوه بل بسبب انفعالها وخوفها من تنامي القوة الايرانية، من اجل دفع ايران الى اتخاذ موقف الانفعال في المسرح الرئيسي للنصر وهو المنطقة. ويجب لاحقا شرح اسباب فشل كل من هؤلاء اللاعبين في الاضطلاع بادوارهم التي اوكلت اليهم.