رمز الخبر: ۳۱۵۵۵
تأريخ النشر: 16:44 - 15 May 2012
عصر ايران ، علي قادري – ربما يتبادر الى ذهن العديد من الاشخاص هذا السؤال وهو كيف ان بلدا مثل العربية السعودية استطاع الى هذا الحد ان يتحول الى بلد ذي اثر في الشرق الاوسط.

هل ان الدولارات النفطية اعطت هذا الدور للسعودية أم ان هناك ادلة واسبابا اخرى؟

وهل ان الموقع الحالي للسعودية في الشرق الاوسط سيبقى هكذا على الدوام أم ان هناك تغيرات هائلة في الطريق ستؤدي الى تدهور موقع هذه الدولة في المنطقة؟

لنعود الى العام 1978 حيث وقع حدثان كبيران في الشرق الاوسط. معاهدة كامب ديفيد بين السادات وبيغين، المعاهدة التي اخرجت مصر من دائرة الصراع العربي – الاسرائيلي وادت الى ان تخسر موقعها القيادي في الشرق الاوسط العربي.

وكانت اسرائيل اكبر الرابحين من كامب ديفيد، لانها حولت اكبر عدو لاسرائيل الى صديق ذي قيمة لها. وتلازمت هذه المعاهدة مع الابتهاج السعودي الخفي لانها اخرجت اكبر منافس عربي للسعودية من المعادلة.

والتغيير الثاني الكبير في تلك السنة هو انتصار الثورة الاسلامية وسقوط شاه ايران. الثورة التي ادخلت ايران الى دائرة الصراع العربي – الاسرائيلي وحولت اكبر صديق اقليمي لاسرائيل الى اكبر عدو لها.

ان عدوان صدام حسين على ايران، حول صدمة الثورة الاسلامية الى فرصة ذهبية بالنسبة للسعوديين، لان ضعف ايران والعراق كان سيمهد للسعودية لتفعل ما تريد في منطقة الخليج الفارسي.

ومن ثم هزيمة صدام في هجومه على الكويت والخروج الكامل للعراق من المعادلة العربية، حول السعودية وفي ضوء دولاراتها النفطية الى اللاعب الاول في الشرق الاوسط العربي.

ومذاك وحتى الوقت الحاضر، قلما نشهد ملفا في الشرق الاوسط لم تتدخل السعودية فيه، وخلاصة القول انه لا يمكن العثور على مكان بدء من الخليج الفارسي وصولا الى البحر الابيض المتوسط ، لا يشاهد فيه موطئ قدم السعودية.

ومع عودة ايران الى الشرق الاوسط ، تحولت طهران الى المنافس الاول للرياض في المنطقة وبرزت التحديات بين القوتين الاقليميتين بدء من الخليج الفارسي وانتهاء بالبحر الابيض المتوسط.

وتحولت الاستراتيجية الاقليمية السعودية تجاه ايران بسرعة من "التنافس" الى "المواجهة الناعمة" لدرجة ان بعض وثائق ويكيليكس تؤكد الى اي مدى قام السعوديون بتحفيز الامريكيين لشن هجوم عسكري على ايران لوقف برنامجها النووي.

ان التعاون الواسع للسطات السعودية في فرض عقوبات نفطية على ايران، دليل اخر على هذه الاستراتيجية السعودية.

لكن من المستبعد بطبيعة الحال ان يبقى قمر السعودية الى الابد في سماء الشرق الاوسط. ان دراسة تطورات العامين الاخيرين في الشرق الاوسط تظهر بان عقارب الزمان تعود الى الوراء بشدة بالنسبة للسعوديين. فان كانت السعودية استطاعت خلال السنوات الثلاثين الماضية لعب الدور الاول في الجزء العربي من الشرق الاوسط بفضل انسحاب مصر كامب ديفيد واخراج صدام حسين من ساحة الشرق الاوسط ، فانه يبدو الان بان تلك الايام في طريقها الى الانحسار والزوال.

فالعراق وعلى الرغم من ازماته السياسية يمضي قدما لتجاوز الجمهورية الاولى. ان اقامة مؤتمر القمة العربية في بغداد وتولى الرئاسة الدورية للقمة العربية ، واقامة الجولة الثانية من المفاوضات بين ايران ومجموعة 1+5 في بغداد والمواقف الصريحة لكبار المسؤولين العرقيين من الازمة السورية تظهر بان العراق يسير على طريق استعادة موقعه على خريطة الشرق الاوسط.

ان سقوط نظام حسني مبارك في مصر كان بمثابة صدمة كبرى للعربية السعودية. لقد كانت الاسرة الحاكمة في السعودية تعتبر على الدوام حاميا وسندا رئيسيا لمبارك ، وطبيعي ان هذا الدعم لم يكن خافيا على الشعب المصري.

وربما لهذا السبب شهدت السفارة السعودية في القاهرة اكثر التظاهرات الاحتجاجية امامها بعد السفارة الاسرائيلية.

وبلغت حرارة معاداة السعودية في مصر درجة يمكن تلمسها في الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية المقررة في مصر.

ان ما يثير القلق الشديد لدى السعوديين ليس سقوط مبارك وحده بل نظام ما بعد مبارك ورئيسه لانه ان قام نظام وجاء رئيس على اساس مطلب اغلبية الشعب المصري، فان ذلك يعني عودة مصر الى الخريطة السياسية للشرق الاوسط.

ومن وجهة نظر الرياض ، فانه ليس ضروريا ان يجري في القاهرة حديث حول مستقبل العلاقات بين ايران ومصر بل ان عودة مصر الى مكانتها الطبيعية في الجزء العربي من الشرق الاوسط يعني بحد ذاته وداع السعودية مع موقعها "المركزي" في هذه المنطقة.

ولا يتنكر احد للمطالب المشروعة للشعب السوري ، لكن دولة مثل العربية السعودية التي تحرم حتى النساء من قيادة السيارات ، هل يجوز لها ان تتمشدق بالدفاع عن حقوق الانسان والديمقراطية في سورية؟

ان احد وفقط احد اسباب اصرار السعودية على سقوط بشار الاسد في سورية وتعاونها الواسع النطاق مع تركيا نابع من هذا القلق السعودي. وتسعى السعودية لاحلال نظام اخر محل النظام الحالي في سورية من اجل توسيع نطاقها الحيوي لانها تعرف جيدا بان عودة اللاعبين القدامى الى اللعبة ، سيغير قواعدها على حسابها ، لكن هذه المحاولات باءت لحد الان بالفشل لاسباب مختلفة.

ففي لعبة ورق الشرق الاوسط فان مصر ستكون اشبه بكثير بورقة "آس الكوبة" وهي الورقة التي ستغير طاولة اللعب لصالح لاعبها.