رمز الخبر: ۳۱۸۲۰
تأريخ النشر: 09:15 - 04 August 2012
ان حماس تتصور ان تغيرا اساسيا سيطرا على المعادلات الاقليمية مع صعود الاسلامييين في مصر وتونس والمغرب ومستقبلا في سورية والاردن او البلدان العربية الاخرى وان هذا التغير سيكون لصالحها.
عصر ايران ؛ علي قادري – ان صعود الاسلاميين الى السلطة في اطار اخوان المسلمين والتيارات السلفية في ضوء التطورات التي عرفت ب "الربيع العربي" اوجد هذا الوهم لدى بعض الاسلاميين من ان الانظمة العربية العلمانية هي في طريقها للتحول الى انظمة اسلامية.

ومن وجهة نظر هؤلاء فانه ان احرز الاخوان المسلمون الاغلبية البرلمانية في مصر او حركة النهضة في تونس او ان تولى رئيس للجمهورية او رئيس للوزراء بظاهر اسلامي ، السلطة فان الغاية تكون قد تحققت. في حين انه ولاسباب عديدة، لم يحدث اي تغير في السياسات العامة لهذه الانظمة فحسب بل ان دراسة توجهات الاصحاب الجدد للسلطة تظهر بان الانظمة السابقة لم تتغير اصلا بل ان الواجهة تحولت من علمانية الى ظاهر اسلامي.

واحد التيارات الاسلامية الذي اصيب بالوهم الذي تجسد في توجهاته الاخيرة، هو حركة "حماس". وطبعا فان ارتياح حماس لصعود الاخوان المسلمين في مصر امر ليس غير متوقع، لان حماس هي الابن الفلسطيني للاخوان المسلمين لذلك فان حلول محمد مرسي الاخواني محل حسني مبارك الذي لم يعترف بحماس في اي وقت من الاوقات، يعد امتيازا كبيرا في معادلة رام الله – غزة الفلسطينية. لكن هل ان فوز الاخوان المسلمين في مصر سيؤدي الى تغيرات جادة في معادلة الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي او حتى الفلسطيني – الفلسطيني؟

ان حماس تتصور ان تغيرا اساسيا سيطرا على المعادلات الاقليمية مع صعود الاسلامييين في مصر وتونس والمغرب ومستقبلا في سورية والاردن او البلدان العربية الاخرى وان هذا التغير سيكون لصالحها.

ان بعض كبار قادة حماس يتصورون بانه مع اتسام الحكم في البلدان العربية بصبغة اخوانية فان القضية الفلسطينية ستتحول الى القضية المركزية في السياسات الخارجية لهذه الدول في حين انه يجب تذكير هؤلاء القادة بانهم ربما قد امسكوا بالخريطة من اسفلها!

فان كانت حماس تتصور بانها ستستطيع التعويل في الايام العصيبة على من جلسوا على كراسي السلطة حديثا من الاخوان في مصر وحركة النهضة في تونس واخرين في المغرب ، فانه يجب القول بان تصوراتها هذه باطلة! لانه لن تطلق في تلك الايام وهي ليست ببعيدة حتى رصاصة واحدة فحسب بل ان دولارا واحدا حتى ربما لن يدخل قطاع غزة.

ان ذروة وهم حماس في قراءة الخريطة المستقبلية للشرق الاوسط يتمثل في مواقفها من الازمة السورية. وبغض النظر عما اذا كانت ستبقى دمشق في فلك المقاومة او لا فانه يجب القول بان نتيجة هذه الازمة ونظرا الى ماهيتها الحقيقية ستكون على حساب حماس.

ولا يخفي على احد بان النظام الحالي في سورية كان لاعوام مديدة ملاذا وملجأ لقادة حركات المقاومة الفلسطينية والمركز الرئيسي لتزويدهم بالسلاح. وطبعا ان الخلافات الشديدة بين الاخوان المسلمين في سورية والنظام الحاكم فيها موضوع جلي تماما. ان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والذي اقام لسنوات عديدة في دمشق يعرف جيدا هذه الخلافات ومع ذلك فانه يعرف اكثر من غيره مدى الثمن الباهض الذي دفعه النظام السوري بسبب دعمه لذه الحركات.

ان ابو الوليد يعرف حق المعرفة من هو اصف شوكت الذي قتل في حادث تفجير مكتب الامن القومي السوري. ان هذا الجنرال السوري كان مسؤول ملف التنسيق التسليحي للنظام السوري مع الجماعات الفلسطينية بما فيها حماس. وبعبارة ابسط فان اصف شوكت كان ذلك الشخص الذي وفر الاسلحة التي كانت تحتاجها حماس في غزة لمواجهة الجيش الاسرائيلي.

وحتى ان مررنا مرور الكرام على بعض الاخبار التي تحدثت عن تعاون بعض المسلحين التابعين لحماس مع المجموعات المسلحة التي تحارب الان ضد نظام الحكم في سورية وحتى ان نسينا بان المخيمات الفلسطينية التابعة لحماس في سورية كانت تشكل ملاذا لبعض اعضاء هذه الحركة، فما معنى الجولات التي يقوم بها حاليا خالد مشعل في اسطنبول والدوحة في الظروف الحالية؟

وبغض النظر عن شرعية مطالب الشعب السوري فمن اين حصلت حماس على حق التدخل في الازمة السورية؟ فما معنى هذا التدخل سوى ان نقول انه نكران للجميل؟ وقد يكون هناك قادة في حماس مثل محمود الزهار لهم مواقف مختلفة عن خالد مشعل لكن ما يسجل على هذه الحركة في النهاية هو نكران الجميل.

ان حماس تتصور انه مع رحيل بشار الاسد ومجئ الاخوان المسلمين في سورية، سيجعل الاوضاع افضل بالنسبة لها. ان الجيش السوري الحر الذي تتشكل بنيته الرئيسية من الاخوان المسلمين يحارب باسلحة يقوم سماسرة وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية بتوفيرها من اوروبا الشرقية وليبيا وحتى اسرائيل بواسطة تركيا والدولارات النقطية لقطر والسعودية. هل ان حماس تتصور انه مع سقوط النظام الحالي ومجئ الاخوان في سورية، سيتحول الموقف لصالحها؟ الا يعرف قادة حماس ان احد الاسباب الرئيسية لاستمرار الازمة الحالية في سوريا هو اصرار بشار الاسد على دعم المقاومة؟

وطبعا ان جميع فصائل المقاومة الفلسطينية لا تفكر مثل حماس. فعلى سبيل المثال حركة الجهاد الاسلامي او سائر المجموعات الوطنية الفلسطينية لم تقحم نفسها في هذه التطورات لان الفلسطينيين لا يحق لهم اصلا التدخل في الشؤون الداخلية لسورية، الموضوع الذي لم يفهمه بعض قادة حماس.

فان تصورت حماس بان نظاما اسلاميا يدعم القضية الفلسطنية سياتي في سورية بعد اسقاط النظام الحالي فيها فانه يجب القول: يا له من تصور ساذج، ان البديل الذي سياتي في سورية سيكون سعودية اخرى، النظام الذي ليس سيشجع اسرائيل على شطب حماس من الخارطة السياسية الفلسطينية فحسب بل سيمارس الضغط عليها في سبيل تحقق ذلك!

على حماس ان تعلم انه مع سقوط سوريا البلد الذي يعتبر رغم كل اشكاليات نظام الحكم فيه، اخر حصن عربي في مواجهة اسرائيل فان ملف القضية الفلسطينية سيطوى نهائيا. هل تعرف حماس ذلك؟!

وعلى اي حال فعلى حماس ان تقرأ الوجه الاخر للقضية. فان تمكنت سورية من تجاوز الازمة الحالية فان حاجة حماس ستقع يوما ما عند طهران ودمشق لاسيما وانه في قيامة غزة المستقبلية لن يكون هناك اثر عن مرشد الاخوان المسلمين ولا عن اردوغان ولا شيخ قطر. وعندها لن يكون هناك من يعرف قادة مثل ابوالوليد.