رمز الخبر: ۳۲۰۵۷
تأريخ النشر: 16:46 - 25 October 2012
وجّه قائد الثورة الاسلامیة آیة الله السید علی الخامنئی نداء الي حجاج بیت الله الحرام، تلی الیوم الخمیس فی صعید عرفات خلال مراسم البراءة من المشركین.
وجّه قائد الثورة الاسلامیة آیة الله السید علی الخامنئی نداء الي حجاج بیت الله الحرام، تلی الیوم
الخمیس فی صعید عرفات خلال مراسم البراءة من المشركین.
وفیما یلی نص النداء الذی وجّهه سماحته لحجاج بیت الله الحرام:
 
الحمد لله رب العالمین وصلوات الله وسلامه علي الرسول الاعظم الامین وعلي آله المطهرین المنتجبین وصحبه المیامین.
 
حل موسم الحج طافحا بالرحمة والبركة وجعل الفیض الالهی ثانیة فی متناول السعداء الذین حظوا بشرف الحضور فی هذا المیعاد المنیر . الزمان والمكان هنا یدعوانكم ایها الحجیج فردا فردا للرقی المعنوی والمادی . المسلمون رجالا ونساء یلبون هنا بقلوبهم والسنتهم دعوة رب العالمین الي الصلاح والفلاح . وكلهم هنا یجدون فرصة ممارسة الاخوة والمساواة والتقوي . هنا مدرسة التربیة والتعلیم ، ومعرض وحدة الامة الاسلامیة وعظمتها وتنوعها وساحة مقارعة الشیطان والطاغوت .
 
هذا المكان جعله الله الحكیم والقدیر مقرا یشهد المؤمنون فیه منافعهم، وحین نفتح عین العقل والاعتبار، فان هذا الوعد السماوی یستوعب ابعاد حیاتنا الفردیة والاجتماعیة كلها . خصوصیة شعائر الحج تتمثل فی مزجها بین الدنیا والاخرة ، ودمجها بین الفرد والمجتمع .
 
الكعبة المجللة بالبساطة والعظمة ، وطواف الاجسام والقلوب حول محور راسخ وابدی والسعی المستمر والمنظم بین مبدأ ومنتهي والنفیر العام الي عرصات قیامة عرفات والمشعر ، وما یضفی ذلك المحشر العظیم من صفاء وطراوة علي القلوب ، والهجوم العام لمواجهة رموز الشیطان ، ثم الحركة الجماعیة الموحدة ، من كل مكان ، ومن كل لون وكل شكل فی تلك المناسك الملیئة بالرموز والاسرار ، والطافحة بالمعانی ومؤشرات الهدایة .. كل تلك خصائص تنفرد بها هذه الفریضة المفعمة بالمفاهیم والمضامین .
 
مثل هذه المراسم هی التی تربط القلوب بذكر الله ، وتنیر خلوة قلب الانسان بنور التقوي والایمان ، وتنزع الفرد من حصار ذاتیته وتذیبه فی الجموع المتنوعة للامة الاسلامیة . وهی ایضا تلبسه لباس التقوي الذی یحفظ الارواح من السهام السامة للذنوب ، وتثیر فیه كذلك روح مهاجمة الشیاطین والطواغیت . نعم ، فی هذا المكان یري الحاج بام عینیه نموذجا من الساحة الواسعة للامة الاسلامیة ، ویتفهم ما لها من طاقات وامكانات ، ویعقد الامل عندها علي المستقبل ، ویشعر بالاستعداد للنهوض بدور فاعل ، وكذلك لو ناله توفیق الله وعونه یجدد البیعة من النبی العظیم ، ویعقد میثاقا مستحكما مع الاسلام العزیز ، ویخلق فی داخله عزما راسخا لاصلاح نفسه وامته واعلاء كلمة الاسلام الحبیب .
 
هاتان الفریضتان: ای اصلاح النفس واصلاح الامة دائمتان لا یعتریهما تعطیل ، والسبیل الیهما لا یصعب علي اهل التدبر والتامل بامعانهم النظر فی الواجبات الدینیة ، وبالاستعانة بالتعقل والبصیرة .
 
اصلاح النفس یبدا من مقارعة الاهواء الشیطانیة ، والسعی لاجتناب الذنوب . واصلاح الامة یتم بمعرفة العدو ومخططاته ، والجهاد لابطال مفعول ضرباته ومكائده واعماله والعدوانیة ، ومن ثم بتلاحم القلوب والایدی والالسن لكل المسلمین والشعوب الاسلامیة .
 
فی هذه الفترة الزمنیة ، واحدة من اهم مسائل العالم الاسلامی ذات الصلة بمصیر الامة الاسلامیة، هی الحوادث الثوریة فی شمال افریقیا والمنطقة التی ادت الي الاطاحة بعدد من الانظمة الفاسدة المطیعة لامیركا والمتواطئة مع الصهیونیة ، وزلزلت ما یماثلها من انظمة اخري .
 
ولو فوّت المسلمون هذه الفرص العظیمة علي انفسهم ولم یستثمروها فی اصلاح الامة الاسلامیة فانهم سینالون الخسران المبین . ان جمیع مساعی الاستكبار المعتدی والمتآمر انما بذل الیوم لحرف مسارات هذه الحركات الاسلامیة العظیمة.
 
فی هذه الانتفاضات الكبري ، ثار المسلمون رجالا ونساء بوجه استبداد الحكام والسیطرة الامیركیة التی جرّت الي اهانة الشعوب واذلالها والي التحالف مع الكیان الصهیونی المجرم . هؤلاء رأوا فی الاسلام وتعالیمه وشعاراته التحرریة عامل انقاذ لهم فی هذه المواجهة بین الموت والحیاة ، واعلنوا ذلك بصوت معبّر . انهم وضعوا مسالة الدفاع عن الشعب الفلسطینی المظلوم ومقارعة الكیان الغاصب فی راس قائمة مطالبهم ومدّوا ید الاخوة الي الشعوب المسلمة وطالبوا باتحاد الامة الاسلامیة .
 
ان هذه هی القواعد الاساسیة لنهضات الشعوب فی البلدان التی رفعت خلال العامین الماضیین رایة الحریة والاصلاح ، وتواجد الناس خلالها بالجسم والروح فی ساحات الثورة ، هی من شانها ان ترسخ القواعد الاساسیة لاصلاح الامة الاسلامیة الكبري . الثبات علي هذه المبادئ الاساسیة شرط لازم لتحقیق النصر النهائی للنهضات الشعبیة فی هذه البلدان .
 
ان العدو یستهدف زعزعة هذه القواعد الاصلیة بالذات . عملاء امیركا والناتو والصهیونیة الفاسدون یسعون عبر استغلال بعض الحالات الغفلة والسطحیة الي دفع حركة الشباب المسلم الهادرة الي الانحراف واثارة صراع بینهم باسم الاسلام ، وتبدیل الجهاد المعادی للاستعمار والصهیونیة الي عملیات ارهابیة عمیاء هنا وهناك فی مناطق العالم الاسلامی ، كی یراق دم المسلم بید المسلم وبذلك ینجو اعداء الاسلام من مازقهم ویظهروا الاسلام والمجاهدین بمظهر كریه سیئ .
 
ان هؤلاء بعد ان یئسوا من حذف الاسلام والشعارات الاسلامیة عمدوا الي ایقاع الفتنة بین المذاهب الاسلامیة والي مؤامرات التخویف من الشیعة ، او من السنة لیحولوا دون اتحاد الامة الاسلامیة .
 
هؤلاء بمساعدة عملائهم فی المنطقة یخلقون الازمات فی سوریا كی یصرفوا اذهان الشعوب عن القضایا الهامة لبلدانهم وعن الاخطار المحدقة بهم ، ویوجهوا الانظار نحو الحوادث الدمویة التی اوجدوها عمدا بانفسهم .
 
الحرب الداخلیة فی سوریا ومذابح الشباب المسلم بید بعضهم جریمة بدات علي ید امیركا والصهیونیة ومن یتبعهما من حكومات ولا یزالون ینفخون فی نیرانها .
 
تري من الذی یمكنه ان یصدق ان الحكومات الداعمة للدكتاتوریات السوداء فی مصر وتونس ولیبیا تدعم الیوم مطلب الشعب السوری فی الدیمقراطیة ؟ . قصة سوریا هی قصة الانتقام من حكومة وقفت لوحدها خلال ثلاثة عقود بوجه الصهاینة الغاصبین ودافعت عن فصائل المقاومة فی فلسطین ولبنان .
 
نحن نساند الشعب السوری ونعارض ای تحرك وتدخل اجنبی فی هذا البلد . ای اصلاح فی سوریا یجب ان یتحقق بید شعبها دون غیره وبآلیات وطنیة بحتة .
 
انه لخطر جاد ان یعمد الطامعون الدولیون بمساعدة الحكومات الاقلیمیة المنبطحة الي خلق ازمة فی بلد بذریعة من الذرائع ، ثم یجیزون لانفسهم ان یرتكبوا كل جریمة فی ذلك البلد بذریعة وجود الازمة . واذا لم تهتم بلدان المنطقة بمعالجة هذا الخطر فلا بد ان تنتظر مجیء دورها فی هذه الخدیعة الاستكباریة .
 
ایها الاخوة والاخوات :

موسم الحج فرصة تامل وتعمق فی القضایا الهامة للعالم الاسلامی . مصیر ثورات المنطقة والمحاولات التی تبذلها القوي المهزومة امام هذه الثورات لسوقها نحو الانحراف هی من هذه القضایا . المخططات الخیانیة لبث الخلافات بین المسلمین وخلق سوء الظن بین البلدان الناهضة والجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ، وقضیة فلسطین والسعی لفرض العزلة علي المناضلین واطفاء شعلة الجهاد الفلسطینی والدعوات المعادیة للاسلام من قبل الحكومات الغربیة ومساندتها للمسیئین الي المقام القدسی للنبی الاعظم صلي الله علیه وآله ، والتمهید للحروب الداخلیة ، وتقسیم بعض البلدان الاسلامیة وارعاب الحكومات والشعوب الثوریة من معارضة قوي الهیمنة الغربیة واشاعة الاوهام القاضیة بان المستقبل رهین الاستسلام امام المعتدین .. والمسائل المهمة والحیویة الاخري من هذا القبیل هی فی عداد القضایا الهامة التی یجب التامل والتعمق فیها خلال فرصة الحج وفی ظل تآلف قلوبكم وانسجامكم انتم یاحجاج بیت الله الحرام .
 
فالهدایة والنصرة الالهیة سوف تفتح طرق الامن والسلام امام المؤمنین المجاهدین دون شك (والذین جاهدوا فینا لنهدینهم سبلنا).
 
والسلام علیكم ورحمة الله وبركاته

سید علی خامنئی

الخامس من ذی الحجة 1433