رمز الخبر: ۴۲۷۶
تأريخ النشر: 11:05 - 19 May 2008
وكان من المقرر استخدام هذه الاجهزة لاجراء اختبارات نووية على مجموعات من الشباب السفاردايم كفئران مخبرية. وتعرض كل شاب من السفاردايم الى 35 الف مرة من الاشعة السينية وهي الحد الاقصى من كمية الاشعة السينية.
عصر ايران – بثت القناة التلفزيونية الاسرائيلية العاشرة فلما وثائقيا عن احد ابشع اسرار مؤسسي حزب العمل الاسرائيلي لتميط اللثام عن جريمة نكراء تمثلت في تعريض جميع شبان جيل من السفاردايم للمواد المشعة بشكل متعمد.

وقد فاز فلم "حلقة الاطفال" من اخراج ديفيد بلهاسن واشر حمياس بجائزة افضل فلم تسجيلي في مهرجان حيفا السينمائي الدولي لعام 2004. وتدور احداث الفلم حول تعريض مئات الالوف من الشبان المهاجرين الى اسرائيل من دول الشرق الاوسط والمعروفين باليهود السفاردايم للمواد المشعة.

وفي عام 1951 سافر مدير عام وزارة الصحة الاسرائيلية الدكتور تشايم شبا الى اميركا وعاد الى اسرائيل ومعه سبعة اجهزة لتوليد الاشعة السينية "اشعة اكس" تسلمها من الجيش الامريكي.

وكان من المقرر استخدام هذه الاجهزة لاجراء اختبارات نووية على مجموعات من الشباب السفاردايم كفئران مخبرية. وتعرض كل شاب من السفاردايم الى 35 الف مرة من الاشعة السينية وهي الحد الاقصى من كمية الاشعة السينية. وكانت الحكومة الامريكية تدفع 300 مليون شيكل اسرائيلي الى اسرائيل سنويا في حين كانت مجمل ميزانية وزارة الصحة الاسرائيلية 60 مليون شيكل بحيث ان الاموال الممنوحة من اميركا كانت تعادل مليارات الدولارات في الوقت الحاضر.

ومن اجل تضليل والدي الضحايا ، كان هؤلاء الاطفال يؤخذون تحت واجهة الرحلات المدرسية وكان يقال لاحقا لابويهم بانه عولجوا بالاشعة السينية بسبب اصابتهم ب "القوباء". وقد مات 6 الاف من هؤلاء الاطفال بعد فترة وجيزة من تعريضهم للاشعة السينية في حين اصيب العديد منهم بانواع السرطان المتقدم الذي قتل العديد منهم على مر الزمن ومازال يفتك بهم لحد الان.

وعانى الضحايا طوال حياتهم من اعراض شديدة مثل الصرع والنسيان والزايمر والصداع المزمن والاضطرابات العقلية. وشكلت هذه الجريمة موضوع الفلم الذي لم ينعكس بشكل واسع النطاق في وسائل الاعلام الاسرائيلية.

وتقول امراة مغربية تلقت 35 الف جرعة من الاشعة السينية "كنت اصرخ لكي اتخلص من الصداع. لكنني لم اتخلص ابدا منه".

وتقول امراة عجوز كانت تعرض الاطفال للاشعة السينية "كانوا ياتون بالاطفال في طوابير. وكانوا يحلقون رؤوسهم بداية ويضعون جيلات مضادة للحروق ومن ثم يضعون كرة بين ساقيهم وكانوا يقولون لهم بالا يدعوا هذه الكرة تسقط من بين ساقيهم وبالتالي فان هؤلاء الاطفال كانوا يقفون من دون حراك. الاجزاء الاخرى من اجسادهم كانت تفتقد الى وسيلة محافظة. كانوا يقولون لي انه سيتم بهذه الطريقة علاج القوباء. فان كنت اعلم بالاخطار التي تنجم عن عمل كهذا لما كنت اتعاون معهم اطلاقا".

وبما ان جميع اجزاء اجسام الاطفال كانت معرضة للاشعة تسبب هذا الامر بايجاد اضطرابات في جهاز المناعة لدى هؤلاء الاطفال وهذا الشئ كانت له تاثيراته على الاجيال اللاحقة. وتتحدث امراة في الفلم وقد شوش وجهها: لقد اصيب اطفالي الثلاثة بالسرطان".

ومعظم الضحايا هم من المغاربة الذين يشكلون القسم الاعظم من هؤلاء المهاجرين. ان الجيل الذي عرض للاشعة تحول الى شريحة فقيرة وبؤرة للجريمة في المجتمع. الا ان المغاربة الذين هاجروا الى فرنسا تحولوا الى شريحة دارسة ومثقفة وبارزة في المجتمع. والحقيقة ان ادمغة الاطفال المغاربة الذين هاجروا الى فرنسا لم تتعرض لاشعة غاما.

ان هذا الفلم يظهر بجلاء بان هذه العمليات لم تتم عن طريق الصدفة. ان اخطار الاشعة السينية معروفة لاكثر من 40 عاما وقد وضعت تعليمات في عام 1952 للعلاج بالاشعة السينية. ان الحد الاقصى من جرعة الاشعة التي يمكن تعريضها لطفل اسرائيلي تبلغ 0.5 راد. اذن لم يحصل خطأ بل ان هؤلاء الاطفال قد سمموا بصورة متعمدة.
ويقول ديفيد دري : ان الاطفال السفاردايم قد عرضوا فقط لهذه الاشعة.

ويضيف : كنت في الفصل الدراسي وجاء الى الفصل عدة اشخاص للذهاب بنا الى رحلة مدرسية. سالوا عن اسمائنا وقالوا للاطفال الاشكناز بان يعودوا الى الفصل الدراسي وذهبوا بالقية في حافلات".

ويظهر في الفلم مؤرخ يقول : عمليات القوباء كانت عمليات مدروسة لتطهير شريحة من المجتمع كان يتصور انها ضعيفة.

وتقول المراة المغربية في هذا الخصوص "لقد كان الامر محرقة (هولوكوست)، محرقة السفاردايم: اريد ان اعرف لما لم يعارضها احد؟".

ويقول ديفيد دري انه كان ينوي معرفة ماذا حصل له وكان يبحث عن سوابق طفولته الا ان وزارة الصحة ابلغته بان سوابقه قد فقدت "قالوا لنا ان قانونا في اميركا حظر منذا اواخر الاربعينات اجراء اختبار الاشعة على الانسان على السجناء والمختلين عقليا".

ان البرنامج النووي الامريكي كان بحاجة الى مصدر جديد من الفئران المخبرية وفرتها له الحكومة الاسرائيلية.

وكانت الحكومة الاسرائيلية تضم في فترة تنفيذ اعمال بشعة كهذه كلا من :

رئيس الوزراء : ديفيد بن غوريون
وزير المالية : اليعازر كابلان
وزير العدل : ليفي اشكول
وزير الخارجية : موشه شارت
وزير الصحة : يوسي بورغ
وزير العمل : غولداماير
وزير الشرطة : اموس بن غوريون

واعلى منصب خارج اطار الحكومة كان يتعلق بامين عام وزارة الدفاع وكان يشغله شيمون بيريس.

وبن غوريون الذي كان خائفا على ما يبدو عين نجله وزيرا للشرطة لكي يتمكن من تسوية القضية في حال تدخل الاخرون.

والان هناك شخص واحد على قيد الحياة على علم بالقضية وهو شيمون بيريس. فالسبيل الوحيد للكشف عن الحقيقة وتعويض المتضررين والتخفيف من معاناة الضحايا هو التحقيق مع بيريس والكشف عن دوره في ابادة مئات الالوف من الشباب السفاردايم.

والسفاردايم هم اليهود الذين كانوا يعيشون في شبه جزيرة "ايبريا" وتضم اسبانيا والبرتغال. ان اللغة العبرية المستخدمة اليوم في اسرائيل هي عبرية السفاردايم لان السفاردايم جاؤوا الى فلسطين قبل الاشكناز واختلطوا باليهود المقيمين في فلسطين.

والاشكناز هم في الحقيقة اليهود الالمان واطلقت الكلمة تدريجيا على جميع اليهود الذي جاؤوا الى فلسطين من اوروبا واميركا.

وثمة عداء قديم بين السفاردايم والاشكناز ، لان السفاردايم كانوا من اعيان اليهود وكانوا يشعرون بالانزعاج لاختلاطهم بالاشكناز وكانوا يحاولون دوما الابتعاد عنهم ولم يشاركوهم في العبادات ولم يتزوجوا معهم. لكن الوضع تغير لاحقا ، فقد تحول السفاردايم الى اقلية واحرز الاشكناز موقعا بارزا داخل اسرائيل.