رمز الخبر: ۴۹۵۶
تأريخ النشر: 13:11 - 05 July 2008
الدكتور علي اكبر ولايتي
عصر ايران ، الدكتور علي اكبر ولايتي – "سألني احد الاوروبيين في الاونة الاخيرة انه من يقود ايران؟ فالجواب واضح، فاذا كان الامر يتعلق بالقضايا الاستراتيجية فان القائد الذي يملك صلاحيات منحها الدستور اياه ، سيكون صاحب القرار النهائي في اخر مرحلة.

ان دستور الجمهورية الاسلامية الايرانية يعتبر القائد بانه المرجع النهائي لاتخاذ القرارات الكبيرة في مجال السياسة الخارجية. ان نواب الشعب الذين وضعوا الدستور بعد انتصار الثورة الاسلامية عام 1997 اعطوا دورا للقائد لكي يكون بمقدوره وبمناى عن توجهات السلطات الثلاث المستقلة في البلاد ، اتخاذ القرارات الاساسية والاستراتيجية في الحقل الدبلوماسي من خلال الافادة من الوسائل الاستشارية العديدة. وفي ضوء ذلك فان فرصة الدراسة في القرارات الكبرى في عهد اية الله الخامنئي خلال الاعوام ال19 الاخيرة التي انتخب فيها قائدا، توفر امكانية ملائمة بان نفكر بشكل اكثر واقعية في الحكم على السابق والتكهن بالمستقبل.

وبرايي فانه على الرغم من اتساع نطاق صلاحيات القائد والتي تم تاييدها من خلال تصديق الشعب في اقتراع مباشر على الدستور ، فان القائد في ايران يتدخل بشكل مباشر فقط في الحالات المهمة والحساسة للغاية. وسبب الافادة المحدودة من هذه الصلاحيات هو ان القائد يتوقع بان يتمكن المسوؤلون في المواقع الاخرى في البلاد من التغلب على المشاكل لكي يتم على طريق تاسيس وماسسة الجمهورية الاسلامية ، ارساء انماط جديدة ومنبثقة عن اصوات الجمهور. ويجب الا ننسى بان نموذج الجمهورية الاسلامية في ايران هو نموذج فتي.

وفي هذه السنوات ، فان القيادة الايرانية سواء في عهد الامام الخميني الراحل (رض) وسواء في عهد اية الله الخامنئي، قد ارست التوجه المتمثل في التعاطي مع الدول والاسرة الدولية كاحد مبادئ الدبلوماسية الايرانية. ومن وجهة نظر سماحته فان التعاطي وتبادل الاراء مع الدول الاخرى على الساحة الدولية وبغض النظر عن المحادثات والشؤون الجارية للاجهزة الحكومية للدول التي تعاقبت ما بعد انتصار الثورة ، كانت ومازالت تشكل ضرورة للذود عن هوية الثورة الاسلامية واصالتها والجمهورية الاسلامية الايرانية. ان استقبال وفد ضم رؤساء الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي وارسال الامام الخميني (رض) رسالة الى غورباتشوف وتسلم جواب الرسالة او ارسال اية الله الخامنئي رسائل الى ملك السعودية او القيادة السورية والروسية او استقبال ولقاء قادة ورؤساء العديد من دول العالم تشكل كلها نماذج جادة لهذا الحضور السياسي والقانوني للقيادة الايرانية في الحقل الدبلوماسي للبلاد.

وطوال هذه الفترة ، اعربت القيادة الايرانية عن ايمانها بحق سيادة الدول وعدم مهاجمة حدود الاخرين كسبيل للحفاظ على السلام العالمي. وبرايي فان هذا الاعتقاد ليس نابعا من واجبات القيادة فحسب بل نابع ايضا من الشخصية والاعتقاد الشخصي المعمق لاية الله الخامنئي. الاعتقاد الذي هو ليس فقط حصيلة الابحاث النظرية والاكاديمية بل لامسه سماحته اثناء التواجد في مناطق العمليات الدفاعية والى جانب المدافعين عن البلاد ابان العدوان الصدامي على ايران. والى جانب ذلك، فان الشخصية الحرة التي تملك دافع الدفاع عن المظلومين لايجاد عالم خال من العنف والذي يمهد بدوره للحفاظ على السلام، ادت الى ان لا ينسى سماحته ابدا القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وان يعبر عن رايه بشجاعة في هذا المجال. ان اعتقاد سماحته المعمق يتمثل في انتخابات ديمقراطية لتقرير المصير السياسي لكل اهالي فلسطين الاصليين الذين يتواجدون اليوم في هذه المنطقة ، الانتخابات التي ان شارك فيها الجميع سواء المسلمون واليهود والمسيحيون بحرية ، فان نتيجتها ستحظى بالاحترام والقبول.

ان الحوار مع الحفاظ على حقوق الطرف الاخر وعلى اساس حسن النوايا ، يشكل اسلوب الحوار لسماحته في اللقاءات التي اجراها على مدى 19 عاما مع قادة العالم. وفي هذه اللقاءات فان الموقع السياسي لرئيس قوة كبرى مثل روسيا او المكانة الاجتماعية لقائد شعبي مثل السيد حسن نصر الله لم تشكل لوحدها معيار الحكم لسماحته بل ان العضوية المتكافئة لجميع الدول والمقبولية الاجتماعية لجميع القادة السياسيين وواجب الحفاظ على السلام العالمي اسهم في ان يستقبل سماحته هؤلاء بعيدا عن البروتوكول السائد.

وفي جميع هذه اللقاءات فان المبدا الذي كان يهتم به سماحته هو مسؤولية ايران تجاه القضايا الدولية والاقليمية. ان بلادنا كانت ومازالت في مركز الازمات الدولية الكبرى. الجوار مع صدام وطالبان وبنفس القدر وجود الاساطيل والجيوش الاجنبية في البلدان المجاورة كان صعبا ومزعجا.

وخلال هذه السنوات ، طرات تطورات مهمة وحروب كبيرة في حوالي ايران. هجوم صدام على ايران ومن ثم على الكويت وردود فعل قوات التحالف ازاء احتلال صدام للكويت، وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق واحتلال تركيا لشمال العراق وظهور طالبان ووقوع حادث 11 سبتمبر والحرب الداخلية في طاجيكستان او الحرب الطائفية في قره باغ واحتلال الاراضي اللبنانية من قبل الجيش الاسرائيلي والحرب الامريكية ضد طالبان وصدام لم تكن التهديدات الوحيدة الموجهة ضدنا. فالارهاب والمخدرات والتعامل الغربي المزدوج مع الثورة الاسلامية في ايران والضغوطات الاقتصادية تشكل كلها بعدا اخر لهذه التهديدات والحساسيات الراهنة.

ورغم ذلك فان القائد في ايران استطاع خلال هذه الاعوام ال19 المتازمة ، ابراز شخصيته الشجاعة وصاحبة الارادة والعزيمة والمسؤولة على طريق قيادة البلاد وحماية الثورة. ان اداء سماحته باتجاه النهوض وترسيخ دور ايران الاقليمي والدولي اظهر كذلك بانه ، حول وبمسؤولية، ايران الى شريك مؤثر في الامن الاقليمي والدولي وهو وفي بمواصلة هذا الدور. ان السند والمشاركة الجماهيريتين يشكلان الدعم الذي يحظى به سماحته لقيادة البلاد ، العنصر الذي يميز ايران عن جيرانها النوويين. ومن وجهة نظر سماحته فان القدرة التسليحية لا تجلب الامن لان تجربة بعض الدول صاحبة القوة التسليحية وحتى النووية ، اظهرت ان هذا السلاح لا يعوض عن فقد هذه الدول للشرعية السياسية والاجتماعية.

ونظرا الى اهمية مصير ايران فان القائد يتصرف بمسؤولية تجاه التحديات الاقتصادية والتنموية للاجيال القادمة وحفظ القدرة والخبرة المحلية للبلاد. وفي هذا السياق فان القدرة والمعرفة النووية السلمية الحالية للبلاد يجب ان تبقى مكفولة للاجيال القادمة كانجاز وطني وذي اغراض سلمية. ان ديناميكية وفاعلية هذا التطلع والهدف في اطار المشاركة الجماعية ومع احترام القوانين الدولية التي تقر بها ايران (معاهدة حظر الانتشار النووي) فانها تحظى وفقا لهذه الواجبات بحقوق ايضا ، لكي تتبدد بهذه الطريقة الهواجس المشتركة لايران والاخرين".