رمز الخبر: ۶۱۲۶
تأريخ النشر: 11:18 - 24 August 2008
حمید حلمي زادة
اطلقت ایران الی الفضاء بنجاح باهر صاروخ "سفیر" الحامل للقمر الاصطناعی "امید" (الامل)، لغرض الاستفادة منه فی مجال الاتصالات، والتعامل مع التحدیات البیئیة ذات العلاقة بمشاکل الفیضانات والتصحر، والمحافظة علی المساحات الخضراء والغابات فی طول البلاد وعرضها. وتم تدشین هذا القمر فی ذکری میلاد الامام المهدی المنتظر( یوم 15 من شهر شعبان الجاری)، بحضور رئیس الجمهوریة الدکتور محمود احمدی نجاد. وفی هذا المجال صرح وزیر الاتصالات محمد سلیمانی للصحفیین فی طهران ان اطلاق "سفیر امید" له اهمیة کبری کونه انجازا علمیا وتقنیا عظیما، صنعته العقول والسواعد الایرانیة الشابة بهدف تغطیة مناطق البلاد الشاسعة بخدمات الهاتف، والتحسب للمخاطر المناخیة والبیئیة التی یمکن ان تبرز بین فترة واخری.

الواضح هنا هو ان ایران قد تبوأت بهذا الانجاز الوطنی، موقعا ریادیا فی علوم الفضاء علی الصعید الدولی، علما بان البلدان المتخصصة فی هذا الفرع الحیوی لا تتعدی الـ(ثمانیة). کما ان الثابت فی هذا الاتجاه، هو قدرة الکفاءات الایرانیة الماهرة علی مجاراة مسیرة التقدم العلمی العالمی علی الرغم من کثرة العقبات والضغوط التی تتعرض لها طهران منذ انتصار الثورة الاسلامیة قبل نحو ثلاثین عاما.

لکن الذی یهم طهران هو ان تحقیق هذا الانجاز لا یعد مکسبا للایرانیین وحسب بل لعموم المسلمین والعرب، حیث انها لاتشک بانهم یشعرون ایضا بالزهو والکبریاء لما تحققه من ابداعات خلاقة تبعث علی الفخر والاعتزاز علی مستوی الامة قاطبة. وقد اکد هذا المعنی رئیس مؤسسة الابحاث الفضائیة الایرانیة المهندس رضا تقی پور عندما قال فی مؤتمر صحفی عقب تنفیذ هذا الانجاز: ان ايران عازمة علی القيام بالمزيد من الاختبارات مستقبلاً، معرباً عن أمله بأن يتم في القريب اطلاق مشروع القمر الاصطناعي الاسلامي الأول ليجسد التعاون الفضائي والمشاركة بين دول العالم الاسلامي، معلنا فی نفس الوقت ان ايران تضع تقنياتها الفضائية بتصرف كافة الدول الاسلامية، مشدداً على حق جميع الدول في الحصول على التقنيات الفضائية لما لها من اهمية في تطورها وتقدمها.

اما علی الجانب التقنی لهذا الانجاز أكد رئيس مؤسسة الأبحاث الفضائية الايرانية ان كل ما تعلق باختبار القمر الاصطناعي الايراني الأول الذي شهده العالم بما يتضمنه من تصنيع لأجزاء هذا الصاروخ، قد تم بأيد وخبرات ايرانية قائلا: ان القمر التجریبی "سفیر الامل" أطلق بنجاح وكل أنظمته ولا سيما انظمة الاتصال والقيادة هي من صنع ايراني، وقد تم وضع هذا المسبار الفضائی في المدار (مضیفا) ان الاختبار قد تحقق بفعل شبكة اتصالات قوية، (مؤكداً) علی انه سيكون بمقدور الجمهورية الاسلامية الایرانیة من الآن فصاعداً القيام باطلاق كافة الأقمار الاصطناعية ذات الأغراض والمهام المختلفة، سواء ما يتعلق منها بالبث التلفزيوني أو في مجال جمع المعلومات الخاصة، أو التي تتعلق بالكشف عن الموارد الطبيعية ومعرفة طبيعة التضاريس. في سياق متصل حظي هذا الاطلاق الناجح لـ(سفیر الامل) باهتمام معظم وسائل الإعلام في العالم التی وصفته بأنه نقطة تحول في الملف العلمي الايراني.

و کما کان متوقعا ، اثار الانجاز التجریبی هذا هلع امیرکا واسرائیل وحلیفاتهما، اذ لم تلبث هذه الاطراف حتی باشرت علی الفور فی تسییس هذا المکسب وتقدیمه تهدیدا ایرانیا عسکریا جدیدا للامن و السلم العالمیین!!

فقد صرح الناطق باسم البیت الابیض غوردون جوندرو بأن امیرکا تشعر بقلق ازاء التجربة الایرانیة ، ملمحا الی ان هذه التقنیة یمکن استخدامها فی الصواریخ البالستیة. وقال جوندرو ان قیام الایرانیین بتطویر وتجربة صواریخ یثیر "القلق" ویطرح مزیدا من الاسئلة بشأن "نوایاهم" (مضیفا) ان الاستخدام المزدوج للتکنولوجیا فی برنامج الصواریخ البالستیة لایتفق مع "التزاماتهم" امام مجلس الامن الدولی. بدورها اعتبرت اذاعة فرنسا الدولیة فی تحلیل لها ان اطلاق ایران صاروخا یحمل الاقمار الصناعیة یمثل "استفزازا" للتوتر القائم بین طهران والغرب، کما انه یجعل الایرانیین یستشعرون مزیدا من القوة (مشیرة) الی ان اعلان هذا النبأ، سیصعد من حدة التوتر بین طهران و القوی الکبری.

وردا علی اثارات امیرکا المغرضة فی هذا السیاق اکد المتحدث الرسمی لوزارة الخارجیة الایرانیة حسن قشقاوی ، علی ان طهران کانت تتوقع من قبل اعلان واشنطن مثل هذه المواقف الکیدیة وقال السید قشقاوی فی تصریح للصحافة الداخلیة والاجنبیة، ان الادارة الامیرکیة تعودت باستمرار علی اثارة علامات الاستفهام والقلق والشک حیال الانجازات العلمیة والصناعیة التی تبدعها الکوادر الایرانیة الشابة وفی اعادة لموقف تاریخی مماثل سجله الامام الخمینی (قدس سره) سابقا اوضح السید حسن قشقاوی بان الشعب الایرانی لیس مستغربا من هذا السلوک الامیرکی ، لکنه سیستغرب حتما اذا ما رحب الامیرکیون یوما بتقدم الایرانیین وبارکوا لهم انجازاتهم العلمیة ، معلنا ان مواقف واشنطن التصعیدیة ستزید من تصمیم الشعب الایرانی سیما النخب الشبابیة، علی المضی قدما فی طریق التنمیة والتطور وصولا الی غد مشرق وزاهر للبلاد.

وکان وزیر الدفاع الایرانی العمید مصطفی نجار وبعد ساعات من اطلاق" سفیر الامل" قد استبق ردود الافعال الغربیة الصاخبة بالقول: ان الذین یناوئون تقدم ایران وازدهارها وسعادتها ، ما انفکوا یضعون العقبات تلو الاخری لعرقلة التقدم العلمی والصناعی الذی یتخذ وتیرة متسارعة فی الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ، بید ان القمر الصناعی الوطنی الثابت الذی سیطلق فی المستقبل القریب الی الفضاء سیدحض جمیع مزاعم الاعداء لقلب حقائق الانشطة العلمیة والتقنیة المدنیة السلمیة فی بلادنا.
ویبدو ان القوی السلطویة فی عالمنا تحاول فرض هذا التصور بانها قادرة – عبثا- علی احتکار السماء بعد الارض و ما بینهما، و هی لم تعد تتورع عن المجاهرة فی معاداة الامم والشعوب التی قررت الأخذ بنواصی العلوم والمعارف ابتغاء استثمارها لخدمة برامجها التنمویة والاعماریة فی بلدانها. و مما لاشک فیه ان الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة قد قطعت اشواطا بعیدة فی التوافر علی علوم الذرة والفضاء من اجل التنمیة الوطنیة، لذا فان علیها - وفقا لخطاب الغطرسة – ان تنتظر الویل والثبور من النظام الدولی القائم ، لانها انتهکت (حرمة) الاحتکارات العالمیة وسمحت لنفسها بمواکبة الدول المسیطرة علی هذین الاختصاصین.و ازاء ذلک فانها سوف تجد حالها فی صدام مع التکالب الاستکباری البغیض الذی یأول کل شئ حسب منظوره وفلسفته ومنافعه الضیقة .
وامام مثل هذه اللغة الرعناء لن تضطر ایران الی تبریر مواقفها المشروعة بقدر ما ستکون مدعوة الی الدفاع عن مکتسباتها الواعدة التی حققتها کفاءاتها بالعمل والجهد والاخلاص وبعزم لا یلین .علی ان اهم ما یمکن لطهران ایضاحه للعالم بمن فیه ، هو ان عجلة التطور فیها تدور بسرعة ودون تراجع قید انملة الی الوراء ، وهی واثقة بان احرار العالم مطمئنون من اهدافها السلمیة فی کل ما تقوم به . اما القوی السلطویة المعروفة فانها هی المطالبة باثبات براءتها و تقدیم شهادات حسن سلوک تبرهن فیها علی انه لیس ثمة عقد من الزمن لم ترتکب فیه جرائم بشعة ضد الانسانیة ، و لم تغط فیه علی ممارسات الابادة والتدمیر والارهاب التی ترتکبها اسرائیل المجرمة حیال اخواننا فی فلسطین و لبنان.