رمز الخبر: ۷۱۰۴
تأريخ النشر: 11:47 - 05 October 2008
ربيع بلاسم

 

عصر ايران ، ربيع بلاسم - على الرغم من النوايا الحسنة والتوجهات البناءة التي يبديها العالم الاسلامي من اجل التعامل بايجابية مع العالم الغربي والوصول معه الى صيغة تفاهمية وتوافقية بشان الاوضاع والقضايا الدولية بخاصة والعلاقات الانسانية البينية بعامة الا ان المراقبين لسيرورة هذا التعامل يجدون بوضوح ان الطرف الاخر مايزال يعتمد سلوكيات فوقية وعنصرية وفي اغلب الاحيان استكبارية للتعبير عن تميزه وتعاليه واستخفافه.

 

لقد ادى هذا التناقض – مع الاسف الشديد – الى بروز حالة سلبية ذات تطورات تصعيدية نعتقد نحن المسلمين بانها نتيجة طبيعية للفصام القائم بفعل سياسات الغرب وممارساته الاستعدائية التي بلغت حد الغزو العسكري والاحتلال الغاشم لبلدان ذات سيادة واستقلال ومعترف بها في نطاق القانون الدولي اضافة الى دعمه المطلق للوحشية الصهيونية المفرطة في فلسطين ولبنان وتعاميه عن الجرائم المروعة التي ترتكبها اسرائيل خلافا لكل المعاهدات والاعراف والشرائع.

 

ولسنا لا نبالغ اذا ما قلنا ان هذا الغرب هو المسؤول المباشر حتى عن تنامي ظاهرة التطرف والتكفير التي سادت العالم الاسلامي ومناطق اخرى من الارض ولاسيما خلال السنوات الخمس الماضية اذ لولا تصرفاته العدوانية الظالمة واصراره على فرض القهر والاذلال على المسلمين والعرب لما تولدت الظروف المساعدة على شحن القوى والجماعات المتشددة واندفاع اتباعها الى التهور وارتكاب اعمال انتحارية احرقت الاخضر واليابس حتى الان، ولم تجن الامة منها شيئا سوى اضعاف مواقفها ومطالبها العادلة والمشروعة على مستوى المسرح الدولي والراي العام العالمي.

 

مع ذلك يلاحظ العالم ان الغرب الذي رهن سياساته وقراراته باجندة اسرائيل والمشروع الصهيوني يتعمد استفزاز مشاعر الامة الاسلامية والتطاول على مقدساتها وهو لا يتورع عن الابتعاد كثيرا بل والتبرؤ من خطاباته عبر تسعير ماكنة الاساءة للاسلام والرسول الاعظم (ص) والقران الكريم وتبرير ذلك تحت ذريعة حرية التعبير واطلاق العنان لانتشار الافكار والمفاهيم المتحللة في انحاء العالم وخاصة في البلدان الاسلامية، واذا ما ووجهت دعاياتهم هذه بالرفض او الادانة او الاستنكار واذا ما شكك احد بالهولوكوست او طالب باعادة النظر في ما قيل او كتب عنها اعتمادا على الحقائق والموضوعية والبحث العلمي نجد بان هذا الغرب يتحول الى وحش كاسر يتخلى فورا عن جميع مبادئه وقيمه ويقيم الدنيا ولا يقعدها امام حجة الحق ومتطلبات الحوار الحضاري!؟

 

وفي ضوء ما مضى لم يجد وزير الخارجية الايراني السيد منوجهر متكي حرجا في وصف اميركا واوروبا بانهما تحولتا الى رمز للتمييز الديني وانتهاك حقوق الاخرين. نعم قال الوزير متكي هذا الكلام وهو في نيويورك وامام اجتماع لوزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الاسلامي منددا بظاهرة معاداة الاسلام والاساءة للمقدسات الاسلامية وتصعيد الاجراءات المنتظمة ضد المسلمين في الغرب.

 

اما وقد تخطت الامة حتى الان اختبارات صعبة في مضمار مجابهة مشاريع استفزاز القيم والحرمات الاسلامية وعرفت الكيفية التي يمكن بها تقويض هذه المشاريع فان هذا يدعو الجميع الى دراسة السبل والاجراءات التي تعيد مكائد الغرب الى نحور صناع القرار والمستشرقين الحاقدين فيه وتؤدي الى تبديد اطروحاتهم الشيطانية.

 

وفي مثل هذه الحالة فان اي اثارة يمكن ان تؤول الى احتقان التفاعل الاسلامي – الاسلامي، ستكون مخاطرة غير محمودة العواقب لان الواجب الشرعي والاخلاقي يفرض على علماء الامة وابنائها ان يكونوا على قدر المسؤولية ويحضهم على عدم الانخداع بالاشاعات المغرضة التي تهدف الى تكريس الفتنة والتناحر بين بني امة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولاسيما في راهننا المعاصر.