رمز الخبر: ۸۱۴۱
تأريخ النشر: 09:08 - 12 November 2008
وتقوم استراتيجية ايران فيما يتصل بملفها النووي السلمي على ارضية التزام لغة الحوار والشفافية والصراحة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وکذلک مع مجموعه 1+5.

عصر ايران – تقوم استراتيجية الجمهورية الاسلامية الايرانية فيما يتصل بملفها النووي السلمي على ارضية التزام لغة الحوار والشفافية والصراحة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية باعتبارها الجهة المخولة عالميا بمتابعة هذا الاختصاص وكذلك مع مجموعة 1+5 على خلفية الشكوك والمخاوف التي تثيرها في هذا السياق.

ويأتي اللقاء الذي جمع مؤخرا في جنيف وفدا برلمانيا ايرانيا مع خافيير سولانا المنسق الاعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي تاكيدا على سياسة طهران القائمة على اشاعة اجواء الثقة والطمأنينة بينها وبين الاطراف الدولية الساعية حقا وفعلا الى جسر الهوة وتحييد المواقف المتشجنة في هذا المضمار. فقد اعلن النائب كاظم جلالي الذي شارك في اللقاء المذكور "ان الاوروبيين يدركون بان ايران النووية اضحت امرا واقعا وان عليهم الاعتراف بانه ليس امامهم سوى التفاوض مع طهران" موضحا "ان محادثاته مع سولانا كانت ايجابية".

ومادمنا نؤمن بلغة الحوار فان من حقنا التوقف عند دعوة الممثل السياسي للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ، ايران للقبول باقتراح مجموعة 1+5 الداعي الى التجميد مقابل التجميد ، لنتساءل ما هو الجديد في هذا الاقتراح وهل يعقل ان تتوقف الجمهورية الاسلامية الايرانية عن التقدم في ابداعاتها النووية السلمية في مقابل توقف الاطراف الغربية عن فرض العقوبات والتهديدات عليها؟!

للاجابة على هذا التساؤل يمكننا القول انه لا تجانس بين الشقين حيث ان التوجه الايراني واضح في مساره وهو يعمل على تنمية الطاقات الذاتية تحقيقا للمصالح الوطنية بعيدا عن اي مزاحمة للاخرين، في حين ان التوجه الاخر يعبر عن نزعة انانية فئوية استغلالية لا يهمها سوى الاستحواذ على جميع العلوم الحديثة وتقنياتها وحصرها واحتكارها واستخدام لغة التهديد والوعيد للوصول الى مآربها.

انه قياس مع الفارق لكن ايران مع ذلك وانطلاقا من جذورها وحضارتها ومكانتها الاقليمية والدولية لا تريد ايصاد الابواب كلها لانها تعلم بان في الغرب اطرافا ايجابية يمكن الجلوس اليها والتحدث معها بلغة العصر والحضارة والمدنية والتوصل معها الى قناعات لا تقبل الجدل الا اذا اصر الاخر في النهاية على التعنت والتسويف والمماطلة والهروب الى الامام للتنصل من الواجبات المنصوص عليها في المعاهدات والقوانين الدولية.

على ان حزمة المقترحات الايرانية المقدمة الى الاتحاد الاوروبي ومجموعة 1+5 والى المؤسسات الدولية والاقليمية الاخرى والتي تدعو الى ارساء نظام عالمي خال من اسلحة الدمار الشامل وعلى رأسها الترسانات النووية، وكذلك الى عالم تسوده القيم الانسانية الراقية الرافضة للظلم والقهر وهضم حقوق الانسان والحجر على حريات الدول والشعوب او احتلال اراضيها او نهب ثرواتها وتشريدها من اوطانها نقول ان هذه الحزمة جديرة بان تكون معيارا حضاريا للتعامل البيني للامم والبلدان مع بعضها البعض بعيدا عن استخدام لغة الهيمنة والتهديد.

المؤكد ان رسالة خافيير سولانا الى امين عام المجلس الاعلى للامن القومي الايراني سعيد جليلي ومع ما انطوت عليه من ابعاد مختلفة فانها تضمنت حسب ما صرح به المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الايرانية حسن قشقاوي على ثلاث مقولات اساسية وهي ان سولانا اولا : يدرك الوضع الايراني المتطور وبالتالي فانه يرجح اسلوب المفاوضات والحوارمعها وثانيا : انه متفهم لوجود ابهامات وثالثا : انه يشيد بنتائج مباحثات باقري وكوبر (معاونا جليلي وسولانا).

المثير للاستفهام والتعجب في آن معا هو انه اذا كانت الاطراف الغربية المتواجدة ضمن 1+5 مقتنعة تماما بان اسلوب المفاوضات والحوار هو الاسلوب الامثل للتعامل مع ايران وبرنامجها النووي فلماذا عمدت اذا الى اصدار عقوبات اقتصادية مؤخرا عليها ؟! انه شئ يصعب ان يفهمه الانسان في عالم تطور المعلومات وتقدم المكاسب العقلية في عصرنا الحاضر. ومع ذلك وكما يقول المثل "كل يعمل باصله" فان ايران من جانبها ستحافظ على هذا الخيط من التواصل حتى يتاتى الغرض منه وهو تبيان مشروعية حقها في امتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية للعالم، وليكون المجتمع البشري الراهن امام نموذج فذ للعلاقات الدبلوماسية وفقا للمشروع الاسلامي الحضاري الذي يدعو الى الحوار والمجادلة مع الاخر بالتي هي احسن، بعيدا عن اساليب الارغام والاملاءات والضغط التي يطبقها المتجبرون.