رمز الخبر: ۸۲۵۹
تأريخ النشر: 11:25 - 18 November 2008
الجولة على دول الخلیج الفارسي للسید غوردون براون رئیس وزراء بریطانیا الهادفة الی استعطاء مساعدات عربیة من اجل انقاذ اقتصاد بلاده

عصر ايران ، حمید حلمی زاده - الجولة على دول الخلیج الفارسي للسید غوردون براون رئیس وزراء بریطانیا الهادفة الی استعطاء مساعدات عربیة من اجل انقاذ اقتصاد بلاده (المملکة المتحدة) من تداعیات الازمة المالیة العالمیة الراهنة، دلیل واضح علی ان العدالة الالهیة تقف بالمرصاد للظالمین وسارقی أقوات الشعوب المقهورة والمستضعفة فی ارجاء الارض.

فتاریخ لندن حافل بالکثیر من اعمال النهب واللصوصیات الکبری لثروات البلدان الاسیویة والافریقیة التی کانت رازحة تحت حکم الاستعمار البریطانی قدیما. وقد نقلت المسروقات وفیها أطنان من الذهب والفضة والبلاتین والماس واللؤلؤ والمجوهرات الثمینة –عدا السرقات البترولیة طبعا- الی المملکة المتحدة من اجل ان یرفل ملوکها وامراؤها ووزراؤها واعیانها واهلها، بالنعیم والرفاهیة علی حساب عذابات الاخرین وحسراتهم وحرمانهم.

علی ان افظع وافجع مظلومیة تسببت بها "بریطانیا العظمی" للمسلمین والعرب کان إقطاعها ارض فلسطین مجانا لشذاذ الآفاق الصهاینة، تطبیقا لوعد بلفور المشؤوم (عام 1917)، حتی تکون وطنا قومیا للیهود، الامر الذی کان باعثا علی تشرید معظم الشعب الفلسطینی فی انحاء الارض بعدما تعرضوا لآلاف المذابح الرهیبة علی ایدی العصابات الصهیونیة قبل النکبة وبعد ایجاد ما تسمی بـ"اسرائیل"، فضلا عما تسببت به هذه المظلومیة من حروب ومعارک طاحنة دفع فیها المسلمون والعرب اثمانا باهظة فی الارواح والاموال والاراضی علی مدی اکثر من ستین عاما -آخذین بالحسبان فی مقولتنا هذه- النزاعات والحروب الاقلیمیة التی اندلعت فی الثمانینات والتسعینات من القرن الماضی وکذلک فی مطلع القرن الحادی والعشرین، علی خلفیة تداعیات احتلال فلسطین وافرازاته وامتداداته فی الشرق الاوسط.

مما مضی یمکن للمرء تقییم الدور البریطانی المباشر وغیرالمباشر فی اکثر المصائب التی حلت بالامة الاسلامیة قاطبة، و علی هذا الاساس ایضا یمکن له استنتاج ما آلت الیه الاوضاع المزریة حالیا فی "المملکة المتحدة العتیة التی لم تکن الشمس تغرب یوما عن مستعمراتها ببقاع الارض فی الماضی".

السؤال المطروح هنا هو لماذا یتسول "رئیس حکومة جلالة الملکة" فی السعودیة والامارات وقطر وغیرها، ویستجدی مساعداتها بعد کل تلک السرقات الکبری التی لو قدرت باسعار الیوم لتخّطت آلاف التریلیونات من الدولارات؟!

الجواب ببساطة هو لان المال الحرام لن یدوم لسارقیه حتی وان بلغوا القمة فی علوم الاقتصاد والمالیة وادارة الاعمال وتسییر شؤون الخزانة، او کانوا عباقرة مثل قارون ومن هم علی شاکلته من دهاة القوة والذهب. کما ان مثل هذا المال سوف یکون وبالا علی صاحبه فی الدنیا قبل الآخرة، والتاریخ یروی لنا امثلة کثیرة یعرفها الناس ویتداولونها ابتغاء اخذ العبرة والتحرز من السقوط فی هکذا منزلقات.

الطامة الکبری هنا هي ان حکومة بریطانیا التی تعصف بها وبشعبها الازمة المالیة العالمیة الراهنة ، مازالت تتعامل مع البلدان الاسلامیة والعربیة، تعامل الوصي والقیم وصاحب الفضل علیها ، وتبرر استجداءها بمبررات لا یمکن وصفها الا بأنها وقحة وصفیقة وحسودة. فقد نقلت وکالات الانباء العالمیة عن رئیس الوزراء البریطانی غوردون براون قوله: "ان صندوق النقد الدولی یحتاج الی مئات الملیارات من الدولارات لمساعدة الدول التی تواجه خطر انهیار مالي فی الازمة العالمیة الحالیة –مضیفا- ان الدول المنتجة للنفط حصلت علی أکثر من تریلیون دولار من ارتفاع اسعار البترول!!"

ومع ذلک لم یستطع براون اخفاء انکساره امام الملأ عندما اعترف قائلا: "ان جولته الحالیة ستساعد العائلات البریطانیة علی مواجهة التراجع الاقتصادی متابعا اعتقد انه من الضروری وقف العدوی واعادة بناء الثقة فی النظام المالی فی المستقبل". ودعا براون دول النفط العربیة الی تقدیم مساعداتها الی صندوق النقد بهدف دعم اقتصادیات البلدان المتضررة من الازمة المالیة معتبرا ان دول الخلیج الفارسي هی احد المصادر المهمة علی نحو متزاید للاستثمار الوارد الی المملکة المتحدة. وعندما استدرک رئیس وزراء بریطانیا ان مثل هذه الاستثمارات تحتاج الی ضمانات معتبرة وموثوق بها، قال للصحفیین "مادام المستثمرون (العرب) یلعبون وفقا لقواعدنا ویعملون باسلوب تجاری فاننا نرحب بالاستثمار من الصنادیق السیادیة للمملکة المتحدة".

اذن فقد استند رئیس وزراء بریطانیا الی الصنادیق السیادیة فی بلاده کضمانة للمستثمرین متصورا بأنه یقدم لهم ضامنا او شاهدا قویا ویعتد به لتأکید حجته امام صناع القرار ورجالات المال والاعمال والصحافة، متناسیا بأن لصوص الامس فی بلاده داوروا الاموال والغنائم المسروقة والمأثومة فی بلاده، وان تداعیات المال الحرام سرت مسری النار فی الهشیم فی أجیال المملکة المتحدة جیلا بعد آخر، حتی انعکست علی تصرفات شعبها ولاسیما زعمائها الذین اشتهروا بانهم لایتورعون عن الکذب والزیف والنفاق من اجل التلاعب والتحایل علی الآخرین واستغفالهم، الی جانب ممارساتهم اللئیمة في طمس الحقائق وتمویهها، مثلما هو حالهم فی التعامی عن الحصار الصهیونی الجائر المفروض ظلما وعدوانا علی الشعب الفلسطینی فی قطاع غزة، والذی تسبب حتی الان فی وفاة المئات من الشیوخ والنساء والاطفال الابریاء هناک.

وعلی ذکر الصنادیق السیادیة المزعومة هذه تحضرني تلک الدعابة المعروفة قدیما وحدیثا، عندما اتهم اهل القریة الثعلب المکار المتظاهر بالفضیلة المعروف تراثیا باسم "ابن آوی" بسرقة دجاجهم واکلها بعیدا عن المنطقة، فانکر انکارا شدیدا. وحینما سئل: من هو شاهدک؟ فأجاب بعدما رفع ذیله، متبخترا وصار یلوح به یمینا و شمالا بالقول: هذا (واشار الی ذَنَبه)!!.