رمز الخبر: ۹۸۰۴
تأريخ النشر: 15:32 - 24 January 2009
د. فايز رشيد

فشل العدوان.. ومهمات ما بعده

عصر ایران - فشل العدوان الصهيوني على قطاع غزة في تحقيق أهدافه، فما أعلنته إسرائيل بعيد بدء العدوان على ألسنة الثلاثي (أولمرت، باراك، ليفني)، أن الهدف من قيام إسرائيل بهجومها على غزة، يتمثل في تحطيم قدرة المقاومة الفلسطينية على إطلاق الصواريخ على المدن الجنوبية الإسرائيلية، وتدمير منصات إطلاق الصواريخ، ثم بعد مدة وجيزة، رفعت إسرائيل شعاراً ثانياً، هو منع تهريب السلاح إلى حماس (أي إلى فصائل المقاومة الفلسطينية). هذه هي أهداف العدو المعلنة.

أما الأهداف المخفية فتتمثل في تصفية القضية الفلسطينية، برؤية إسرائيلية مرّة واحدة وإلى الأبد، ضرب فكرة (المقاومة المسلحة) في أذهان الفلسطينيين، إيجاد شرخ بين المقاومة وجماهيرها، من خلال المذابح والمحارق الوحشية، والقتل والهدم والتدمير، واستعمال الأسلحة المحرمة دولياً، وأسلحة تُجرّب لأول مرة ضد المدنيين الفلسطينيين، من أجل ممارسة الضغوط عليهم، ليضغطوا بدورهم على الفصائل من أجل إيقاف المقاومة.

وفي محاكمة موضوعية لمدى تحقيق إسرائيل لهذه الأهداف...نقول، لقد استمرت المقاومة الفلسطينية في إطلاق صواريخها على المدن والقواعد العسكرية والأهداف الإسرائيلية الأخرى بالقدرة والكفاءة نفسها، في اليوم الأخير من العدوان (وبعيد إعلان إسرائيل وقفها لإطلاق النار من جانب واحد)، تماماً مثل قدرتها وكفاءتها في اليوم الأول، الأمر الذي يعني وببساطة شديدة أن إسرائيل فشلت في تحطيم قدرة المقاومة على إطلاق الصواريخ، تماماً مثلما فشلت في تدمير منصات إطلاقها.

أما بالنسبة لمنع تهريب الأسلحة من الأنفاق في منطقة رفح الحدودية، فالذي نسأله متى كانت إسرائيل تسمح بتهريب حتى المواد الغذائية والحياتية من هذه الأنفاق؟ فكيف بالأسلحة؟

فطيلة فترة التهدئة الأخيرة (التي استمرت فترة ستة شهور)، كانت الطائرات الإسرائيلية تقوم بالإغارة على هذه الأنفاق في ظل حصار بري وبحري خانق على القطاع، إضافة إلى الإغلاق الدائم للمعابر جميعها، بما في ذلك معبر رفح (الذي كان يُفتح لقضايا طارئة في بعض الأحيان)! ولكن بالرغم من ذلك، استطاعت فصائل المقاومة الفلسطينية امتلاك الصواريخ، ما تصنعه منها حتى ولو بشكل بدائي، في ظل حرصها على تطويره الدائم، وهذا هو الأساس، وما تحصل عليه من الخارج، بطرقها، التي لم تعرفها إسرائيل لا سابقاً ولا حالياً، ولن تعرفها مستقبلاً (بالتأكيد)، فكل حركات المقاومة على مدى التاريخ، كان لها تجاربها الخاصة في القدرة على امتلاك الأسلحة.

ومن أجل إقناع الشارع الإسرائيلي (بإنجازات) إسرائيل على هذا الصعيد، أوفدت القيادة الإسرائيلية، تسيبي ليفني وزيرة الخارجية إلى واشنطن لتوقيع مذكرة تفاهم وتعاون مع كوندوليزا رايس ( وزيرة الخارجية المنتهية ولايتها وولاية ادارتها)، تتولى بموجبها الإدارة الأميركية بالتعاون مع دول أخرى (غربية وغيرها) الإشراف على منع تهريب الأسلحة إلى المقاومة في غزة. الذي نقوله، مثلما فشلت إسرائيل في منع تهريب الأسلحة إلى المقاومة، سابقاً، ستفشل هذه الدول (وبضمنها إسرائيل) في منع ما يسمى التهريب.

وبالنسبة لهدفي إسرائيل المخفيين في تصفية القضية الفلسطينية بالرؤية الإسرائيلية، وضرب فكرة المقاومة.. نقول، لقد خرجت فصائل المقاومة الفلسطينية من الحرب على غزة بصورة أقوى من السابق، وأكدّ العدوان على غزة مرّة أخرى، أن إسرائيل لا تستجيب إلاّ للمقاومة المسلحة، وإلاّ للغة السلاح، هذا ما أثبتته تجارب المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقتها وحتى اللحظة، وهذا ما أثبته فشل أسلوب المفاوضات مع إسرائيل بعد كارثة اتفاقيات أوسلو وما تبعها، وفي ظل وجود مقاومة مسلحة فلسطينية قوية، لن تتمكن إسرائيل ولا كل حلفائها من تصفية القضية الوطنية الفلسطينية والالتفاف على الحقوق المشروعة لشعبنا.

لقد حددت الفصائل الفلسطينية الأسباب التي دعتها لوقف إطلاق النار لمدة أسبوع: وهي أسباب إنسانية بحتة، وحتى يتم انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي تتواجد فيها في القطاع. وبغض النظر عن الاختلاف في الرؤية بين الفصائل الفلسطينية حول هذا الوقف، لكنها متفقة جميعها على مبدأ المقاومة.

أما بالنسبة للجماهيرالفلسطينية التي تحملت العذابات والتضحيات والمعاناة في غزة، فهي تدرك أن العدوان على غزة لم يكن سوى حلقة من مسلسل الاعتداءات والمحارق والمجازر الصهيو - إسرائيلية، التي عانى منها شعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده منذ قرن زمني وحتى هذه اللحظة.

ما نقوله بموضوعية وعملية شديدة، أن إسرائيل فشلت في تحقيق كل أهدافها، وهذا بشكل أو بآخر يجعل المقاومة الفلسطينية هي المنتصرة في جولة الصراع الأخيرة. ليس معنى ذلك، أن إسرائيل أوقفت عدوانها وإلى الأبد، فطالما بقيت إسرائيل ستظل تعتدي على الفلسطينيين سواء أكان في غزة والقطاع أو في الضفة الغربية، أو في منطقة ،۴۸ أو في الشتات.. ومن أجل ذلك ولمواجهة الاعتداءات القادمة ومنعاً لتصفية القضية، فليتم إنجاز المصالحة الوطنية على أرضية التمسك بالثوابت الوطنية، وليتم تشكيل الجبهة الوطنية الفلسطينية العريضة كمرجعية فلسطينية لخوض المعركة السياسية القادمة على أرضية الثوابت الوطنية الفلسطينية أيضاً، وليتم إنشاء القيادة العسكرية الموحدة بين كافة الفصائل المقاومة لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وبما يضمن استمرارية المقاومة الفلسطينية المسلحة كحق مشروع للشعوب المحتلة (أقرته المواثيق والشرعية الدولية والأمم المتحدة) ضد مغتصبي إرادتها ومحتلي أراضيها، وليجر اعادة بناء ما دمره العدوان في غزة، ولتجر ملاحقة إسرائيل قضائياً على الساحة الدولية جرّاء مجازرها ومحارقها في غزة.. ولنعزز الوحدة الوطنية الفلسطينية.

الوطن - عمان