رمز الخبر: ۹۸۰۷
تأريخ النشر: 15:43 - 24 January 2009
د. جانا بوريسوفنا

أوباما ومعالم الطريق الجديد

عصر ایران - كان جميلاً أن يبدأ الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما خطابه الأول بعد توليه منصب الرئاسة بالاعتراف الواضح والصريح بالأخطاء الجسيمة التي ارتكبها السابقون، والتي أوقعت الولايات المتحدة في أزمات و مشاكل لا طاقة لها بها الآن، إنها نظرة بداية متشائمة لكنها ضرورية للغاية لوضع معالم الطريق الجديد، فلم يحدث لرئيس جديد للولايات المتحدة أن استلم من سلفه اقتصادا بهذا المستوى من الانهيار وبهذا الكم من المشكلات.

ولا يمكن لأي ألوان وردية في الاحتفالات أن تخفي سواد وعتمة الأزمات القادمة، إن البداية بالاعتراف بالأخطاء و بوضوح يعني أن عملية البحث عن المخرج والحلول ستكون جادة، وبحجم اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية العملاق تأتي مشاكله، وهي بالقطع مشاكل تنوء بها إدارة أوباما التي تحتاج إلى تعاون كبير وجاد من الآخرين، ونقصد هنا بالآخرين الدول الأخرى الكبيرة التي تلعب دورا مؤثرا وبارزا في الاقتصاد العالمي، إن التعاون مع هذه الدول هو الخطوة الأولى الهامة على بداية الطريق الصحيح، ولكن المشكلة أن هذه الدول لم تعد تثق في الولايات المتحدة وسياساتها بالقدر الكافي للموافقة على التعاون معها ومد يد المساعدة إليها، إن هذه الدول تحتاج في الأساس لأن ترى من جانب الولايات المتحدة سياسات واضحة خالية من الأكاذيب ومن المصالح الخاصة المحدودة.

أمام الولايات المتحدة مهام غاية في الصعوبة ومحفوفة بالكثير من المشكلات، أمامها مشاكل واضحة مع روسيا التي حتى الآن منذ انهيار الاتحاد السوفييتي لم تشعر من جانب الولايات المتحدة بحسن نية في توجهاتها نحوها، بل شاهدت منها سياسات وتوجهات معادية على كافة الأصعدة، و شاهدت سياسات التحرش بالحدود الروسية وزرع الأسلحة الاستراتيجية على أراضي الدول المجاورة وتوجيهها نحو روسيا، وشاهدت توسعات حلف شمال الأطلسي لضم الدول المجاورة لروسيا بدون أي مبررات موضوعية أو أمنية لا للأوروبيين ولا لأميركا نفسها.
أيضا شهدت علاقات الولايات المتحدة بحلفائها الأوروبيين تراجعا ملحوظا خلال فترتي حكم الرئيس بوش وصل إلى درجة عدم التفاهم التام في المسائل المالية خاصة داخل حلف الناتو، وانتهت باتهامات واضحة من الأوروبيين للولايات المتحدة بأنها المسؤولة بسياساتها الخاطئة عن الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على أوروبا، وذهب الأوروبيين بمعزل عن واشنطن يبحثون عن حلول للأزمة كل داخل بلده.

كما شهدت الولايات المتحدة الأميركية كما من الكراهية من العديد من شعوب العالم لم تشهده في تاريخها، وذلك بسبب الحروب غير المبررة التي خاضتها تحت شعار الحملة على الإرهاب العالمي، هذه الحروب التي راح ضحيتها ملايين القتلى والجرحى من الأبرياء في العراق وأفغانستان. وقد اهتزت مكانة الولايات المتحدة في أعين العالم كله، وبدا ذلك واضحا في تمرد جيرانها الجنوبيين عليها في أميركا اللاتينية الذين أصبح الهجوم على سياسات الولايات المتحدة وسيلة الأنظمة والأحزاب اليسارية هناك للتقرب من الشعوب.

في ظل هذا المناخ الممتلئ بالغيوم والضباب الكثيف يأتي الرئيس الجديد باراك أوباما وإدارته في توقيت وظروف لا تحسد عليها، لكنها بالقطع تستوعب كل هذه المشاكل وتتفهمها جيدا، ولكن في الولايات المتحدة لا يكفي أن تفهم جوهر المشكلة بل من الضروري أن تكون جادا في العزم على مواجهتها، و هذا ما يأمله العالم كله من إدارة أوباما الذي عكس خطاب تعيينه نية واضحة وعزما كبيرا على مواجهة هذه المشاكل.

روسيا التي تمد يد التعاون دائما لكل من يتعاون معها، لن تبخل على إدارة الرئيس أوباما بهذا التعاون، وروسيا الآن ليست بحاجة إلى التعاون مع الولايات المتحدة بقدر ما الولايات المتحدة بحاجة ملحة للتعاون معها، و من هذا المنطلق فسوف تنتظر موسكو من واشنطن إشارة البدء في التعاون البناء الجديد المبني أساسا على حسن النية وتحقيق المصالح المشتركة.

البيان - الامارات