رمز الخبر: ۱۶۹۰۸
تأريخ النشر: 11:14 - 26 October 2009
محمد صادق الحسيني
عصرایران - القدس العربی - مع كل ساعة تمر على ولاية الرئيس المجدد له محمود احمدي نجاد تتكرس القناعة لدى القوى الكبرى وفي مقدمتها امريكا بانها خسرت الرهان على اعادة عقارب الساعة في ايران الى ما قبل الحادي عشر من شباط (فبراير) من العام 1979 وهي الاحلام التي حاولت بريطانيا ان تروج لها خلال الاشهر القليلة الماضية بمساعدة من بعض دوائر المحافظين الجدد من بقايا عهد بوش البائد على خلفية اللعب فوق حبال انتخابات الرئاسة الايرانية الاخيرة بحبائل لندنية بائسة !

ومنذ محادثات جنيف الثانية حيث تمكنت طهران من الامساك بزمام المبادرة فيما يخص ملفها النووي مرورا بمحطة فيينا التي كرست فيها حقها الشرعي والقانوني في تخصيب اليورانيوم على اراضيها، والعالم كله يترقب المفاجآت الرادعة التي يخبئها نظام طهران تحت عباءته والتي بات يتحسب لها العالم ويترقبها ويضرب لها اخماسا باسداس اكثر مما يحسب لخطوات الغرب الردعية المفترضة التي باتت في غاية التشويش والحيرة والتيه !

في هذه الاثناء فانه الامام السيد علي الخامنئي بنفسه هو من سيقرر هذه المرة نوع الاجابة على مقترحات الدول الكبرى الاخيرة بعد ان قرر ان يكون هو صاحب القول الفصل في الصغيرة والكبيرة وذلك منذ ان قرر ان ينزل بثقله الى الميدان ويدير دفة السفينة الايرانية بنفسه ويرتب البيت الايراني من الداخل على قاعدة انه 'لا عيش في مدينة ليس فيها سلطان حازم وطبيب عالم وبازار قائم و...'ما جعل كل قنوات الشد والجذب تبدأ منه وتنتهي اليه !

وهو الامر الذي لولاه - كما بات يعتقد الكثيرون هنا - لما قرر الغرب ان يذعن اخيرا للتعايش مع ايران دولة نووية مقتدرة يتحكم في مطبخ قرارها رجال مقتدرون هم من نوع متفاوت عمن اعتادت عليهم الدوائر الغربية طوال تعاملها مع دول الشرق القديم والحديث !

ومع ذلك كله لم تنته المعارك بين واشنطن وطهران حتى وان كانت الحرب لم تبدأ بعد وربما لن تبدأ !

فالضرب سيستمر من كردستان غربا الى سيستان وبلوشستان شرقا مرورا بمحاولات اعادة مشاهد الشغب الداخلية بين الحين والآخر تحت رعاية المسؤول المكلف في معاهد استخبارات واشنطن منذ عهد السالف بوش الى الداعية بالتغيير اوباما لم يتوقف، باعتبار ان واشنطن لا تزال غير مطمئنة الى امكانية فتح القناة الرئيسية التي تبحث عنها مع رجل ايران القوي آية الله علي خامنئي .

ومن الآن الى حين التوافق على صيغة ما تبدو غير واضحة المعالم في الافق المنظور رغم تقارير فيينا الايجابية سيظل مايكل ليدن يلعب في الوقت الاوروبي الضائع ولكن مع خلايا مهترئة القوة والحيلة، تماما كما يظهر زميله جيفري فيلتمان لاعبا بالساحة اللبنانية مع بقايا الخلايا التائهة عن سرب قطيع المحسوبين على الغرب محاولا تأخير تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ولو ليوم واحد زيادة !

انهم اصحاب 'المهام القذرة' كما يسمونهم في واشنطن ودوائر الغرب الصهيوني والذين يظلون يلعبون باوراقهم البالية حتى اللحظة الاخيرة في محاولة الضغط على الخصم اما لاستنزافه او لايصاله الى طاولة المفاوضات وهو منهك القوى حتى يقدم اكبر تنازلات ممكنة كما يحلمون !

لكن من هو امامهم في المشهد الايراني هذه المرة ليس من اولئك الذين يسلمون اوراقهم بسهولة، كما انه ليس هو من تصلح معه معادلة العصا والجزرة البالية والتي اكل الدهر عليها وشرب، تماما كما انه ليس هو من تنكمش عزيمته بالتهديد او يتراجع عن تصميمه بالوعيد، فهو من تمرس القتال والصمود في جبهة صراع دموي عالمي ضد بلاده لمدة ثماني سنوات عجاف، ومن ثم مارس الحكم وتمرس به طوال ثماني سنوات سمان هيأها له رفيق دربه في النضال اكبر هاشمي رفسنجاني، ومن ثم فقد تمكن ان يشد كل الانظار اليه من دون سائر الرجال ليخلف القائد المؤسس في اصعب الاوقات، ومن بعد ذلك قاد مركب العواصف الداخلية في بحر لجي احاطت به كل الاعيب الدنيا ودسائسها فخرج منها سالما رغم تهافت خيرة تلامذة الثورة امام وهج الغرب واغراءاته ايام حكم الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي، الى ان تمكن من بلورة ادارة حكم تنفيذية هي اقرب ما تكون اليه من اي ادارة تنفيذية أخرى كما صرح هو بنفسه قاصد البتة عهد نجاد الاول، واخيرا من النزول بنفسه سابحا 'عكس التيار' ليدير دفة السفينة المتلاطمة الى بر الامان كما سبق واشرنا بعد ان تاهت بصيرة غالبية النخب والطبقة السياسية التي تداولت السلطة خلال الثلاثين عاما الماضية، ما جعله لقمة مستحيلة الهضم على اي من الكبار ! انه هو من فاوضهم امس الاول في جنيف وهو من فاوضهم بالامس في فيينا وهو من ستكون له كلمة الفصل خلال الايام القليلة القادمة، انه الامام السيد علي الخامنئي .

ومن يعرف الرجل يدرك تماما بانه ليس هو من سيتنازل عن مخزون ايران الاستراتيجي من اليورانيوم المخصب بعد ان ثبت حق بلاده في التخصيب، كما انه ليس هو من يعقد 'صفقة' مع الغرب يتنازل فيها عن حق الامة في الدفاع عن لبنان وفلسطين وسائر قوى المقاومة والممانعة والتحرير .

كل ما هنالك سيكون منفتحا على الآخر ليستمع اليه بآذان صاغية لعل في الآخر هذه المرة ارادة التحرر من هيمنة اسرائيل وهيلمانها الذي تمرغ في تراب جنوب لبنان الطاهر وتراب غزة هاشم المخضب بدماء المجاهدين والابطال كما الابرياء الاطهار .

وعليه فان جوابه سيكون نعم ولا في آن واحد، نعم لمعادلة فيها تكافؤ للفرص والمنافع وحسن النوايا المتبادلة وبعيدا عن اشكال الخداع او الاحتيال التي باتت في غالبيتها مكشوفة، ولا لاي تنازل عن الحقوق او استسلام لاي املاءات من اي نوع كانت وعلى رأسها عدم التخلي عن ارادة المقاومة وسادتها الشرفاء ايا كانت الاغرائات .