رمز الخبر: ۲۷۲۲۵
تأريخ النشر: 13:49 - 20 November 2010
الفارسیة نت - عبير صراص - شاب يسترجع ذكرياته في صورة له وهو ميت. كانت هذه الصورة التي التقطتها وسائل الإعلام عندما اعلنت وفاة الطفل بشير مريش. "مات” مريش لثلاثة ساعات بعض أن اغتال الموساد الإسرائيلي والده وهو في أحضانه. ماذا لو نجا بشير من حادث اغتيال والده؟ كيف ستكون حياته الآن. هل نجا بشير بالفعل أم أنه مات مع والده؟

الالتباس الذي تثيره هذه الأسئلة يسود أجواء الفيلم الوثائقي الطويل الأخير للمخرج الأردني من اصل فلسطيني، والمقيم في هولندا، محمود المسـّاد (1969). يعرض الفيلم للمرة الأولى خلال الدورة الحالية لمهرجان الفيلم الوثائقي العالمي في أمستردام   IDFA وهي الدورة الثالثة والعشرون التي انطلقت في السابع عشر من تشرين الثاني- نوفمبر. وتم ترشيح الفيلم لجائزتين هما جائزة أفضل فيلم وثائقي هولندي، وجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل في المهرجان المعروف عالميا.

يحكي الفيلم الوثائقي "هذه صورتي عندما كنت ميتا” قصة طفل في الرابعة من العمر بعدسة أوسع من تاريخه الشخصي لتتناول تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لتنتهي بما آلت إليه الأمور بين "الإخوة الأعداء” في فلسطين.

► فلاش فورورد

في استوديو صغير في مركز مدينة اوترخت التقيت بالمخرج محمود المسّاد ليحدثني عن فيلمه   الذي يعتبره الأكثر تعقيدا والأكبر ميزانية من بين جميع أعماله حتى الآن.

"فكرة الفيلم تبدأ بالحدث في العاصمة اليونانية أثينا لنعمل (فلاش فورورد) أو تخيل لما كان سيحصل للطفل بشير لو بقي على قيد الحياة”.

للوهلة الآولى لا يستوعب المشاهد أنه بصدد مشاهدة فيلم وثائقي. وربما يعود ذلك لموهبة المخرج في عرض القصة الواقعية والأحداث الانسانية من خلال فيلم وثائقي يغلب عليه طابع الفيلم الروائي.
استغرقت كتابة السيناريو ما يقارب العام الواحد من المسّاد. واراد المخرج أن يروي القصة بعيدا عن الأساليب التقليدية. فروى بشير الذي يعمل كرسام كاريكاتوري في احدى الصحف الأردينة القصة من خلال رسوماته الكاريكاتورية التي يعبر فيها عما يجول بداخله، ومن خلال والدته التي فقدت زوجها وهي في السابعة والعشرين من العمر، ومن خلال طبيب العائلة وصديق الوالد الذي يرتاد بشير عيادته للفحص الطبي، ومن خلال نشطاء شاركوا في الانتفاضة بجانب والده.

► بين الحياة والموت

"ما شدني لحكاية بشير ليس فقط رحلته بين الحياة والموت، بل تاريخ الصراع الفلسطيني من خلال قصة شخصية”.  وهذه هي الرسالة التي يحاول المساد إيصالها من خلال فيلمه.

يقول المساد إنه في هذا الفيلم يرسم صورة عن الصراع ويطرح القضية المعقدة من منطلق شخصي وبدون التحيز إلى جهة او اخرى. الرسالة الأخيرة التي يحاول ايصالها للمشاهد هو ضرورة النظرة النقدية على الذات الفلسطينية وما آلات إليه الأمور بعد عقود من الثورة والنضال.

"للأسف فإن حلم الأب مريش الذي صارع من أجله لم يصل إلى النتيجة المطلوبة” يقول المساد.

لكن الفيلم يترك المشاهد بشيء من الرضى لأن بشير الذي كان غاضبا على والده في أول دقائق الفيلم يجد السكينة والغفران في داخله ويتفهم في المشاهد الأخيرة حلم والده الذي تركه من أجله.

► المخرج الأكثر موهبة

وصف أكثر من ناقد سينمائي هولندي المساد بالمخرج الأكثر موهبة من العالم العربي. عُرف المساد في هولندا بأفلام مثل "الشاطر حسن”2002 ، وفيلم "إعادة تدوير” 2007.
بعد عرضه فيلم "إعادة تدوير” الذي حاز على جوائز عالمية تعرّض المساد لانتقادات واتهامات بالتعاطف مع الإرهابيين. تدور أحداث الفيلم حول مقاتل سابق في افغانستان يرجع لبلدته الزرقاء في الاردن (وهي مدينة المساد أيضا)، ليجمع شظايا ماضيه المتبعثرة في كتاب عن الجهاد لا يستطيع نشره.

"لم يتوقف الامر على انتقادات من الغرب بل أيضا انتقادات من أخوة عرب ارتأوا في الفيلم تعاطفا مع الارهابيين. للأسف نحن في العالم العربي مصنفون، فإما أن تكون محسوبا على جهة أو اخرى حتى ولو كنت ملحدا”.

يجد المساد نفسه كمخرج عربي بين سنديانة التيارات المتعصبة ومطرقة وسائل الإعلام الغربية: "دور المخرج العربي دور صعب للغاية. من جهة نتناول قضايا عربية لطرحها في الغرب ومن جهة نواجه تيارا اعلاميا غربيا يثور كالبركان. التحدي هو أن تطرح قضيتك بطريقة مغايرة لما يشاهده المواطن الغربي في الإعلام دون التحيز لجهة أو لأخرى”.

"حلمت منذ طفولتي بعمل أفلام فانتازيا وأفلام روائية وكتبت سيناريو لعدة أفلام من هذا النوع” لكن الآن وبعد 25 عاما من العمل ما زلت أحس أن قضايانا لا تزال تشكل حملا كبيرا على كتفي، وهنالك رسالة لا بد من توصيلها ولا يمكنني التخلي عنها”.

► هولندا
في هولندا عرف المساد بفيلمه "الشاطر حسن” والذي حاز على اعجاب الشارع الهولندي.
برزت موهبة الإخراج السينمائي لدى المساد في سن مبكرة. كان والده يتاجر بآلات التصوير وعمل خاله كأول مصور لدى التلفزيون الأردني. "كنت أشعر بأني مميز في المدرسة لأني كنت أعرف ما يجري وراء الكواليس” . لم يتمكن المساد من دراسة الإخراج في الاردن  لعدم توفر التخصص هناك. فقررالسفر إلى رومانيا وألمانيا للدراسة ومن ثم استقر في هولندا منذ العام 1995