رمز الخبر: ۳۰۴۸۹
تأريخ النشر: 11:44 - 16 May 2011
الدكتور سمير أرشدي أستاذ اللغة والأدب الفارسي في جامعة الكويت، سبق له أن درس في الجامعات السورية لأكثر من ثماني سنوات، عمل في حقل الترجمة منذ ثلاثين عاما، اعتمد مترجما لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وحاليا هو عضو في اتحاد الكتاب العرب، وفي الموسوعة العربية الكبرى.

ترجم أرشدي عدة أعمال شعرية وقصصية من الفارسية إلى العربية وكذلك من العربية إلى الفارسية، لقيت ترحيبا من المتلقي في إيران والعالم العربي، نذكر منها: (يوميات مدينة حزينة، سبع قصص لسبع نساء، قصائد حب، ديوان الشاعرة بروين اعتصامي)، وهو كما يصف نفسه (يمارس الترجمة من باب الهواية ومن منطلق إحياء التواصل بين الأدبين العربي والفارسي).

واليكم نص المقابلة التي اجرتها صحيفة العرب مع الدكتور ارشدي:

* دكتور أرشدي، أنت تشتغل في مجال تجسير الهوة بين الثقافتين العربية والفارسية، تعليما وترجمة وتأليفا، كيف ترى هذه المسؤولية الحضارية؟

- في البداية أريد التذكير بأن الثقافة والأدب عموما هما مرآة التاريخ، ودراسة آدابنا تجعلنا ندرك حجم التحديات التي تواجهنا اليوم، فالأدب يحمل رسالة جديدة هي نشر الوئام والتفاهم، وتبديد سوء الفهم والإسهام في رأب الصدع القائم بين شعوبنا.

والأدب الفارسي ليس جديدا على نظيره العربي، فالعلاقة بين إيران والعالم العربي تمتد لقرون طويلة ترجع إلى ما قبل الإسلام، نجد آثارها في العصر الجاهلي تحفظه المعلقات السبع، وحتى في القرآن الكريم نجد حوالى 50 كلمة أصلها فارسي، وهذا يدل على أن المجتمع العربي آنذاك كان يفهم هذه الكلمات ويتعامل معها.

هذا التواصل وصل إلى أوج ازدهاره في القرن الرابع الهجري، إبان العصر العباسي الذي يعتبر عصرا ذهبيا للتلاقح بين الثقافتين العربية والفارسية، وبه تألقت الحضارة الإسلامية، وتمثل الفارسية والعربية جناحين ارتفعت بهما هذه الحضارة في التاريخ الإنساني، وهناك المئات من العلماء والمفكرين الفرس انتقلوا إلى العواصم الإسلامية في بغداد ودمشق والقاهرة، درسوا وتعلموا وقدموا خدمات كبرى ساعدت على النهوض بالحضارة الإسلامية..ونتساءل نحن اليوم: ماهو الدافع الذي دفع هؤلاء الإيرانيين لهجرة بلدهم والانطلاق إلى العالم العربي لكسب العلوم في جامعاته؟ كيف نستطيع نحن أن نستعيد هذه الحيوية وهذا التواصل الفعال؟ الحضارة الإسلامية وصلت إلى الصين وأوروبا، ولكن لم نر تلك الجموع من الصين وأوروبا تهاجر إلى العالم العربي لكي تقدم خدماتها العلمية والحضارية هنا، هذا يدل على وجود قواسم مشتركة لا يمكن نكرانها بين الإيرانيين والعرب، هذا التلاقح الحضاري يمكننا استعادته وإحياؤه اليوم بين إيران والعالم العربي، وهذا يؤهلنا أيضا لاستعادة جزء من حضارتنا الإسلامية التي نفتخر بها، والتي اقتبس منها الغرب الكثير من معارفه التي يصدرها لنا اليوم.

* ترجمت عدة عناوين من العربية إلى الفارسية وبالعكس، كيف ترون التبادل على هذا المستوى بين الضفتين؟

- أعتقد أن الترجمة هي مفتاح الحوار بين الحضارات، بدون الترجمة لن نستطيع فتح باب التبادل والتعارف بين الحضارات الإنسانية، وبخصوص الترجمة المتبادلة بين إيران والعالم العربي، فألاحظ أن الترجمة إلى الفارسية في العالم العربي في السنوات الأخيرة أصبحت نشيطة، خاصة في القاهرة والكويت ودمشق والدوحة، وفي إيران هناك جهود كبيرة للترجمة من الأدب العربي، شعرا وقصة ورواية، لذلك قد تصادف بسهولة في المكتبات الإيرانية اليوم عناوين لأعمال محمود درويش ونزار قباني، وكل أعمال جبران خليل جبران، وإحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ، وغيرهم.. ويمكنني القول أن ما ترجم من العربية إلى الفارسية أكثر بكثير مما ترجم من الفارسية إلى العربية.. وهذا يدل على أن القارئ الإيراني نهم ومتعطش إلى الثقافة والأدب العربي، وهذا يضاعف مسؤولية مراكز ومؤسسات الترجمة العربية لتحقيق هذا التواصل والارتقاء به.

* هذا يجرنا إلى الحديث عن أوضاع اللغة والثقافة الفارسية في العالم العربي، ماذا عنها؟

- تدريس اللغة الفارسية يتم تقريبا في كل الدول العربية، في الجامعات المصرية مثلا هناك اهتمام كبير بتعريب أمهات كتب الأدب الفارسي، كذلك هناك جهود كبيرة في السعودية والكويت وقطر وبعض الجامعات تكتفي بتدريس اللغة الفارسية باعتبارها وحدة دراسية اختيارية، وهناك أخرى فتحت أقساما متخصصة.

وأذكر أيضا الترجمات والمؤلفات المختلفة التي تنشر بين الفينة والأخرى في العالم العربي وتعرف القارئ بالثقافة والحضارة الفارسية، رغم أن أغلبها يغطي الأدب الفارسي القديم، بينما الجهود في مجال الأدب الفارسي المعاصر لازالت متواضعة.

* ترجمت ديوان الشاعرة بروين اعتصامي إلى العربية، لماذا هذا الاختيار؟

- بروين اعتصامي شاعرة إيرانية مشهورة، تعتبر سيدة الشعر الإيراني المعاصر، جاءت في مرحلة انتقالية من الشعر المعاصر ( ولدت 1906م)، اهتمت كثيرا بالشعر التربوي والأخلاقي، وحاولت تقديم صورة مشرقة للمرأة الإيرانية المسلمة، والتي كانت تعاني في ذلك الوقت من التخلف والجهل والتقاليد المجحفة، لقد اجتهدت بروين اعتصامي في الدفاع عن حرية المرأة، وأرادت منها أن تخرج إلى الحياة مع الحفاظ على حجابها وتساهم بقوة في بناء المجتمع.

وقد أبدعت بروين اعتصامي شعرا سهلا بعيدا عن التكلف والغموض، يخاطب كل أفراد المجتمع، ويعبر عن قضايا الحياة، لذلك لقيت تجربتها كل الترحاب خاصة من قراء تلك المرحلة.

حاوره: رشيد يلوح