رمز الخبر: ۳۰۸۶۸
تأريخ النشر: 13:21 - 24 August 2011
وكان القذافي مصابا بالوهم ، وهذا الوهم اجهز عليه في النهاية: وانهار حكمه باكثر الطرق اذلالا واحتقارا ، وتفتتت اسرته وقتل واسر وهرب اعضاء منها ولقي هو نفسه اذلالا تاريخيا.
عصر ايران - جعفر محمدي

واخيرا انضم "معمر محمد عبد السلام أبو منيار القذافي" الى نادي الديكتاتوريين المطاح بهم ، النادي الذي يستضيف هذه الايام اعضاء جدد: بدء من بن على وصولا الى مبارك والقذافي و... .

وكان معمر القذافي قد بدا حكمه في ليبا منذ ان كان في ال27 من عمره وكان الحاكم الوحيد الذي حكم ليبيا حتى بلوغه ال69 عاما من العمر.

ان 42 عاما من الحكم المطلق ، جعلت من القذافي شخصا مغترا بنفسه ومصابا بالوهم والخيلاء ، الشخص الذي كان يعتبر ان حدوده ومقداره ابعد من ليبيا. وكان يلقب نفسه بملك ملوك افريقيا ، لان ايا من قادة القارة الافريقية لم يحكم 42 عاما.

وبناء على ذلك فان القذافي كان يدعي انه ملك لكل افريقيا ، وحتى ان خارطة افريقيا كانت قد ارتسمت على طائرته الشخصية وكذلك موقعه الشخصي على الشبكة العنكبوتية ، بدلا من خارطة ليبيا. كما كان يعلق على ثيابه خارطة كل افريقيا لا الخارطة الليبية.

وكان القذافي مصابا بالوهم ، وهذا الوهم اجهز عليه في النهاية: وانهار حكمه باكثر الطرق اذلالا واحتقارا ، وتفتتت اسرته وقتل واسر وهرب اعضاء منها ولقي هو نفسه اذلالا تاريخيا.

ان اكبر وهم للقذافي انه كان يتصور بان الشعب الليبي يعشقه. لقد كان القذافي يتصور هذا الشئ حقا لا انه كان يتظاهر به. ولذلك فانه كان يتوجه في خطاباته منذ اندلاع الثورة الى الشعب وكان يقول له "تعال واقضي على هؤلاء الخونة"!
والطريف ان القذافي لم يفارقه هذا الوهم حتى الساعات الاخيرة من حكمه. وبعد ان سقطت معظم احياء طرابلس بيد الثوار وانتقل القتال الى مقر حكومته ، باب العزيزية ، دعا في رسالة صوتية "اهالي طرابلس وسائر المدن الليبية" الى الانتفاضة لاستعادة المدينة من الثوار وطبعا لم يلب احد هذه الدعوة لان الشعب هو الذي فتح طرابلس.

وكان يتحدث دائما عن الشعب ويسمي حكومته بانها اكثر الحكومات شعبية في العالم. ولذلك لم يطلق على بلاده اسم "الجمهورية الليبية" بل سماها ب "الجماهيرية" وهو مصطلح من صنع خياله ويعني به انه "اوسع نطاقا من الجمهورية"!

ولم يكن يؤمن بالخبرات والتجارب الانسانية. فالقذافي المهووس، قام بحل جميع الوزارات ونقل مهامها الى اللجان الشعبية (!).

والمؤشر الاخر على هوس القذافي، استهانته بمعارضيه. فكان يسمي منذ اندلاع الانتفاضة وحتى اخر رسالة صوتية له، المعارضين ب "الجرذان"! ، وهو كان قد طلب قبل اشهر من الشعب ان يتعقبوا الجرذان، بيت بيت ، دار دار، زنقة زنقة!

لكنه هو الذي اختفى في النهاية كالجرذ في مكان ما وليس من الواضح لحد الان اين اختفى في اي بيت بيت ، دار دار ، زنقة زنقة؟!

القذافي المهووس ، كان يظن بانه مكلف بانقاذ العالم. فبدلا من ان يفكر ببلاده ، كان مهتما اكثر بهموم العالم ومشاكله! وكان يعتبر نفسه مكلفا بايجاد وصفة لمعالجة جميع مشاكل العالم ، بدء من الازمة بين الكوريتين وصولا الى انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي ، من ادماج فلسطين باسرائيل وتشكيل دولة تحت مسمى "اسراطين" وصولا الى قضية كشمير ، من قضايا روسية وصولا الى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) ، من اصلاح النظام التاسيسي للامم المتحدة والى قضية الاكراد والاسلحة البيولوجية و... !

وكان يتحدث عن جميع هذه القضايا واشياء كثيرة اخرى وكان يكتب ويؤمن بانه سيعالج مشاكل العالم ذات يوم من خلال وصفاته وحلوله السحرية!

واورد القذافي جميع رؤاه الوهمية في كتاب اطلق عليه اسم "الكتاب الاخضر" وجعل تدريسه في جميع المدارس الليبية اجباريا وكان يؤمن بان جميع حكومات العالم، ستعتمد وتختار اجلا أم عاجلا نموذجه الحكومي تاسيسا على الكتاب الاخضر!

لقد دفع الوهم ، القذافي الى الافراط والتفريط ، ففي حين وقف بوجه الاسرة الدولية وتقبل انواع العقوبات والحظر بسبب قضية لوكربي لكن حينا اخر سقط من الجانب الاخر من السطح على الارض عندما دفع اكثر من الحد المتعارف عليه، تعويضات قتلى لوكربي ووضع في القضية النووية، كل تجهيزاته الذرية في السفن وسلمها الى اميركا.

القذافي الذي كان يقول في فترة ما انه زعيم مناهض للغرب ، تصور لاحقا انه ان عول على الغرب فانه سيحتمي بالدعم الامريكي والاوروبي بشكل دائم.

ولم يعتبر القذافي بكل هذه الخلفية من الحكم ، لا بمصير الشريك للقديم للغرب في الشرق الاوسط (شاه ايران) ولا هزته قضية مبارك المصري ، وكأن هذا الوهم يعمي الانسان ويجعله منكفئا على نفسه.

فالقذافي لم تطح به شعارات الناس ورصاصات ومدافع ودبابات الثوار ولا صواريخ وقنابل الناتو ، بل ان وهمه وهوسه هو الذي اطاح به وقضى عليه. فالقذافي كان اكبر اعداء القذافي وعدوه اللاحق هم المحيطون به الذين كالوا له المديح لعشرات السنين وعززوا هذا الوهم لديه.

الديكتاتوريون مصابون دائما بالوهم ويشفون منه عندما يكون قد فات الاوان كما هو الحال بالنسبة لمبارك عندما وضع في القفص وبن علي في المنفى وصدام عند حبل المشنقة.

القذافي الحزين الان من الموت ووقوع افراد عائلته في الاسر، ربما يكون قد نجا من وهمه وهو الان في مخبئه.