رمز الخبر: ۳۹۸۹
تأريخ النشر: 09:09 - 04 May 2008
جعفر محمدي
عصر ايران – في عام 2006 كانت هناك قنبلة خبرية استقطبت اهتمام الراي العام في العالم لاسيما الشعبين الايراني والامريكي : وهي "ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بعث رسالة الى الرئيس الامريكي جورج بوش".

وقد كتبت هذه الرسالة التي وضعت بتصرف وسائل الاعلام في ارجاء العالم في ظروف كان التحدث قبلها عن العلاقة مع اميركا يكلف النشطاء السياسيين ثمنا سياسيا. وقبل فترة طويلة من هذه الرسالة كان هناك استطلاع للراي نشره عباس عبدي بخصوص العلاقة مع اميركا ما دفع الجهاز القضائي الايراني الى تحذير المواطنين والسياسيين من الترويج لفكرة العلاقات مع ايران.

وفي الحكومة السابقة لم يتحدث رئيس الجمهورية ولا وزراؤه ابدا عن الحوار مع اميركا.

وفي اجواء كهذه وفي الظروف التي جاءت فيها حكومة في ايران كان يعتبرها المراقبون الدوليون بانها راديكالية فان خبرا نشر يقضي بان اول رسالة لرئيس ايراني وجهت الى البيت الابيض.

ان فحوى الرسالة ومهما كان ، لم يكن اهم من ارسال الرسالة نفسها ، فقد وفرت الرسالة فرصة ذهبية للادارة الامريكية.

وقبل ذلك، واذا كان مقررا ان يجري حوار ، فقد حاولت الحكومتان الايرانية والامريكية ان يكون الطرف الاخر هو البادئ فيه وان اي حوار يجب ان يتم على مستويات متدنية وان يكون سريا.

لكن في عام 2006 كسر هذا الطلسم وهذه القيود.

فكان بامكان بوش ان يعتبر رسالة الرئيس الايراني بمثابة دعوة للحوار وان يتم من خلال الاستعداد المعلن من جانب ارفع مسؤول تنفيذي في البلاد ارساء نواة الحوار بين البلدين لخفض ارتفاع جدار عدم الثقة وان تتبلور بذلك المراحل الاولية لتطور كبير في العلاقات بين البلدين وبالتالي في منطقة الشرق الاوسط.

ومع ذلك فان بوش الذي لم ينتبه بان الفرص ليست دائمة اعطى ردا فاترا ويبعث على الياس على هذه الرسالة.
وقال فقط بان رسالة الرئيس الايراني لم تذكر بان ايران متى ستتخلى عن برنامجها النووي!

وقد يكون مستشارو بوش شعروا في تلك الفترة الحساسة بان رسالة احمدي نجاد تعد مؤشرا على ضعف ايران وخوفها من احتمال ان يشن بوش هجوما عليها وربما كانوا قد تصوروا بانهم اذا لم يردوا على الرسالة فان "ايران الخائفة ستتوسل" الى اميركا لبدء المحادثات.

وفي تلك الفترة كان الامريكيون يتصرفون بكبر وغرور تجاه ايران وحتى حينما اثيرت قضايا حول الحوار بين ايران واميركا بشان العراق في وسائل الاعلام رد البيت الابيض بغرور وتكبر : ان ايران ليست في مستوى تجري فيها اميركا محادثات معها بشان العراق.

ورغم ذلك وبعد اقل من عام من هذا الرد المتغطرس اقترح الامريكيون عن طريق السفارة السويسرية في طهران والتي ترعى المصالح الامريكية في ايران بان يدخلوا في حوار مع ايران بشان العراق، وهذه المرة ابلغ الدبلوماسيون الايرانيون السفير السويسري بانهم سيدرسون الاقتراح الامريكي الرسمي فقط وان يكون على شكل طلب خطي ، لذلك ارسلت اميركا طلبا خطيا الى طهران وتبلورت بذلك المحادثات بين الجانبين على مستوى السفيرين في العراق واستمرت عدة جولات على ان تجري جولة اخرى في المستقبل.

ان خطا بوش في عدم الاهتمام الجدي برسالة الرئيس الايراني كان خطا استراتيجيا لانه لو كان يعتبرها فرصة لبدء الحوار لما كان يضطر لاحقا لتقديم طلب خطي الى ايران لاجراء مباحثات على مستويات ادنى وحول موضوعات اكثر محدودية بل كان بوسعه ان يقدم نفسه على انه رئيس استطاع بعد حل مشكلة "صدام" عن طريق القوة ان يتخذ خطوات على طريق تسوية مشاكل اميركا مع اكبر تحدياتها في الشرق الاوسط (ايران). وهذا الامر كان سيمكنه من اصلاح صورته ويتحول من رئيس يدق على طبول الحرب الى سياسي يقتنص الفرص ويؤمن بالدبلوماسية وان يضمن الى حد كبير فوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الامريكية.

واذا كانت تلك الرسالة قد اخذت على محمل الجد وكان جليد العلاقات بين ايران واميركا يتكسر – وان بنسبة طفيفة – لكانت ايران تتعامل بطبيعة الحال بشكل افضل مع اميركا بشان العراق ولم تكن الولايات المتحدة مضطرة لتحمل كل هذا العبء الاضافي في العراق.

ان الايرانيين وفي قضية افغانستان والمساعدة على تولي كرزاي الحكم برهنوا بانهم على استعداد للتعامل الايجابي مع واشنطن الا ان البيت الابيض وبعد تعاون طهران في الملف الافغاني وبدلا من الاقرار بالجميل وضع ايران في خانة "محور الشر".

واذا كان بوش اغتنم رسالة احمدي نجاد كفرصة وكانت المحادثات تبدأ لكان بوسع الايرانيين نسيان الافتراء المتمثل ب "محور الشر" وكان بالامكان ايجاد تعاون مهم مع الجانب الامريكي في اطار ارساء الاستقرار في العراق الا ان المؤسف ان مستشارو بوش لم يقدموا له مشورة جيدة.

والان حيث يمضي نحو عامان على كتابة تلك الرسالة ، لم يحصل اي انفراج في العلاقات بين ايران واميركا فحسب بل ان الجيش الامريكي يتلقى الضربات في العراق اكثر بكثير مما كان يتصوره. كما يئس الجمهوريون تقريبا من الفوز في الانتخابات الرئاسية ووصلت ايران الى مراحل اعلى من التخصيب والتكنولوجيا النووية.

وفي الظروف الحالية ، يبدو ان ايران مازالت مستعدة للحوار. ان المسؤولين الايرانيين ومن اجل الا يتحدثوا مباشرة عن امكانية الحوار مع اميركا كرروا هذه الجملة المعروفة مرارا باننا نتحدث الى "جميع العالم" ماعدا اسرائيل وان "جميع العالم" هذا يشمل اميركا ايضا. اميركا التي تسميها ايران ب "الشيطان الاكبر" وايران التي وضعتها اميركا في خانة "محور الشر".

ومع ذلك لا يبدو ان المسؤولين الايرانيين على عجلة من امرهم لاجراء مباحثات مع رجل خسر اكبر فرصة لبدء الحوار . فهم ينتظرون الانتخابات الرئاسية الامريكية وياملون بان يتولى اناس الحكم يكونوا اكثر عقلانية ومنطقية مقارنة بسلفهم وان يقدروا قيمة الفرص.

ان الخلاف بين طهران وواشنطن ، وعلى النقيض من المواجهة بين ايران واسرائيل ليس له جذور تاريخية وايديولوجية بل هو تعارض سياسي بشكل رئيسي يمكن تسويته في اطار الحوار. وفي هذا الخصوص فان ما يجب ان يوافق عليه الجانبان هو ان المحادثات المستقبلية يجب ان تكون من دون شروط مسبقة، وان تتخلى اميركا عن شرط وقف التخصيب وان يجلسا خلف طاولة المحادثات لان حل مشكلة العلاقات بين طهران وواشنطن ومشكلة الشرق الاوسط ممكن فقط من خلال هذه المحادثات والا فان اي صراع وحرب يؤديان فقط الى انفلات الوضع في المنطقة وحتى العالم وخروجه عن السيطرة.

وحتى موعد الانتخابات الرئاسية الامريكية، فان "السلام" يبقى بانتظار الانتخاب الصحيح من قبل الامريكيين والانتخاب الصحيح للشخص الذي ينتخبه الشعب الامريكي.