رمز الخبر: ۱۰۰۲۶
تأريخ النشر: 11:26 - 31 January 2009
ذكريات من الجيش الايراني عن حرب الثماني سنوات
* العقيد الطيار كيومرث حيدريان 

لم تكن تمضي على الحرب اكثر من عدة شهور. وخلال هذه الفترة كان صقور سلاح الجو بالجيش الايراني قد اقضوا مضاجع العدو البعثي. فكانوا يقصفون بشكل منتظم المواقع العسكرية والاقتصادية للعراق.

وفي هذه الفترة كنا نعمل في قاعدة بوشهر الجوية السادسة ، وفي احد الايام اقلع احد طيارينا الشجعان لقصف مصفى البصرة ، لكنه اصيب في طريق العودة بصاروخين ارض – جو من طراز سام 3 وسام 6 وسقط داخل الاراضي العراقية.

وكنا جميعا قلقين عليه ، وبذلنا قصارى جهدنا للاطلاع على وضعه ، وكنا نشاهد التلفزيون حيث اقترح احد الطيارين بان نلتقط التلفزيون العراقي ربما حصلنا على خبر بهذا الخصوص. وكان قد صدق في قوله. لان وسائل الاعلام العراقية كانت تثير ضجة دعائية في هكذا حالات للتحدث عما يسمى قوتهم الجوية ولاضعاف معنويات الطيارين الايرانيين.

وانهمكنا في مشاهدة التلفزيون العراقي.

وكانت الساعة الحادية عشرة صباحا وكنت جالسا بصحبة عدد من الاصدقاء بمن فيهم الشهيدين ياسيني ودوران كطيارين جاهزين والتقطنا التلفزيون العراقي. وشاهدنا صورة لصدام كان يتحدث فيها في مقابلة صحفية.

وساله احد الصحفيين الاجانب :

- السيد الرئيس ، نظرا الى ان الطيارين الايرانيين قادرون بشكل لا يواجهون فيه صعوبة على استهداف معظم الاراضي العراقية ، فكيف تدافعون عن مصادركم الاقتصادية بما فيها محطات الكهرباء ؟

الا ان صدام الذي كان يتحدث من خلال مترجم لم يعجبه هذا السؤال ، فبدت عليه علامات الغضب وقال بعض الشئ بالعربية ترجمها مترجمه على النحو التالي :

- لقد اقمنا بدعم من الدول الصديقة والداعمة لنا حديثا تحصينات للدفاع الجوي حول المدن والمصادر الاقتصادية بما فيها محطات الكهرباء بحيث اعلن قائد الدفاع الجوي العراقي انه اذا استطاع اي طيار ان يصل الى مدى 50 ميلا عن حدود تغطية الدفاع الجوي لهذه المحطات فانه سيدفع له مرتبه لمدة سنة كجائزة على هذا العمل.

لذلك وبناء على اقتراح ياسيني جهزنا انفسنا للقيام بعمليات.

وفي اثناء المقابلة ، نظرت الى وجه رضا ياسيني وعباس دوران. فشاهدت الحمية في اعينهم. وبعد لحظة من انتهاء المقابلة توجه علي رضا ياسيني الى عباس دوران قائلا :

- عباس ، هل انت جاهز للذهاب لتحطيم صلافة صدام ووضعه عند حده

فرد عباس قائلا :

هيا توكل على الله وانهض .

وقمت انا ايضا لاصطحبهم. فاخذنا على الفور التصريح من قيادة العمليات في القاعدة الجوية وانتخب عباس دوران كقائد وشرع في شرح الطلعة الجوية. ومن ثم ذهبنا على الفور الى غرفة التجهيزات لنتسلم المعدات اللازمة لطائرتي فانتوم مسلحة واصبحنا جاهزين للاقلاع. فاقلعنا وكان الهدف محطة توليد الكهرباء في البصرة. وعبرنا الحدود بارتفاع منخفض وسرعة فائقة ودخلنا الاراضي العراقية.

فقصفنا الهدف بشدة بالغة.

وعلى بعد عدة اميال من المحطة بدات الدفاعات الجوية باطلاق النار. واطلقت انواع المدافع المضادة للجو باتجاهنا وكانت تاتي الصواريخ صوبنا من كل اتجاه. وقد اجتاز دوران وياسيني هذه العقبات واحدة تلو الاخرى.

ووصلنا فوق الهدف عند الساعة الواحدة والنصف من بعد الظهر وقصفناه بالكامل من على ارتفاع منخفض من ثم تحركنا نحو الحدود. وكانت الطائرة التي اصبحت اخف تنطلق بسرعة اكبر نحو الحدود. لقد بلغت الخسائر التي الحقناها بالمحطة حدا كانوا يريدون اصابتنا مهما كان الثمن لكنهم اخفقوا في ذلك في ظل مهارة الطيارين واستطعنا ان نهبط بسلام.

اعطوا جائزة الطيارين الايرانيين !

وفي غروب اليوم ذاته اعلن مراسل اذاعة بي بي سي :

- لقد اجريت اليوم مقابلة مع الرئيس العراقي صدام حسين الذي تحدث بثقة عن دفاعاته الجوية في حماية محطات توليد الكهرباء والمنشات والمصادر الاقتصادية الاخرى امام الحملات والغارات الجوية للطيارين الايرانيين. لكني لم انه تنظيم مقابلته حتى قام سلاح الجو الايراني بتدمير محطة البصرة. وقد دخل جنوب العراق الان في ظلام دامس ونفدت مصابيح اليد في الاسواق العراقية وارتفعت اسعارها لان الدمار الذي لحق بالمحطة فان الكهرباء لن يتم وصلها الى بعد عدة ايام.

وثم قال هذا المراسل بسخرية : طبعا لم تسنح الفرصة بعد لاسال صدام حسين كيف سيقدم الجائزة للطيارين الايرانيين.

بفاصل ساعتين ونصف الساعة من المقابلة.

وكانت المقابلة مع صدام حسين قد اجريت في الساعة الحادية عشرة حيث قمنا بعد ساعتين ونصف الساعة بعدها بقصف ذلك الهدف. وبعد ايام من هذا الحادث، اقال صدام حسين قائد الدفاع الجوي وسجنه بسبب عدم كفاءته.