رمز الخبر: ۱۰۹۱۶
تأريخ النشر: 14:31 - 01 March 2009
طلال عوكل

إسرائيل على خط النار

عصر ایران - ليس لرئيسة حزب كاديما، تسيبي ليفني أن تواصل التناحر والادعاء بأن الجمهور الإسرائيلي قد منح حزبها ثقة لمجرد فوزه بفارق مقعد واحد عن حزب الليكود الذي يلي حزبها في عدد المقاعد من الكنيست الثامنة عشرة، فالتوزيع العام للمقاعد يؤكد فوز معسكر اليمين واليمين المتطرف بنحو خمسة وستين مقعداً أي أكثر من نصف أعضاء الكنيست البالغ عددهم مئة وعشرين.


كان الأسبوع الأول بعد ظهور النتائج الأولية للانتخابات، مخصصاً للتفاعل بين الأحزاب، خصوصاً الحزبين الكبيرين، كاديما (۲۹) والليكود (۲۸)، بما يساعد الرئيس شمعون بيريز على اتخاذ قراره بشأن المكلف بالتشكيلة الحكومية الجديدة. القانون الإسرائيلي يعطي الأحقية في تشكيل الحكومة لصاحب الكتلة البرلمانية الأكبر، غير أنه أيضاً يسمح بتجاوز هذا الأمر إذا اتضح لرئيس الدولة، ان أغلبية الكتل البرلمانية تؤيد تشكيلها من قبل حزب آخر، وهذا ما كان فعلاً.

ليفني كانت تعلم خلال المداولات الأولية قبل التكليف، انها لا تملك فرصة أن تكون رئيسة الوزراء الثانية بعد غولدا مائير، ذلك أنه في ظل رفض نتنياهو الانضمام إلى حكومتها، فإن فرصتها الوحيدة للفوز بالتشكيل، تكمن في قدرتها على إقناع حزب (إسرائيل بيتنا) الذي يتزعمه العنصري المتطرف أفيغدرو ليبرمان، وحظي بخمسة عشر مقعداً.

ويبدو أن ليبرمان تعمد خديعة ليفني حين استجاب لدعوتها الانضمام إلى حكومة تترأسها، وحينها قالت وسائل الإعلام انهما على وشك تحقيق اتفاق شراكة، إلا أن ليبرمان غير موقفه لصالح نتنياهو حين وصل إلى مقر رؤساء إسرائيل حيث الرئيس بيريز لاتخاذ القرار.

في الواقع فإن كتلة اليمين التي تتشكل من الليكود، إسرائيل بيتنا، شاس، يهودات هتوراه، الحزب القومي، والبيت الإسرائيلي، هذه الكتلة تتمتع بقدر واضح من التماسك، رغم ما بينها من اختلافات، بالعكس من ذلك فالكتلة المحسوبة على ما يسمى باليسار والوسط، تتميز بالتفكك ذلك أنها تتضمن بالإضافة إلى كاديما، حزب العمل الذي يفضل البقاء في المعارضة، حزب ميرتس بثلاث مقاعد، والتكتل العربي بأحد عشر مقعداً، وهي ترفض أن تمنح تأييدها لما يسمى باليمين أو اليسار والوسط، الذي خاض حروباً قاسية ضد اللبنانيين والفلسطينيين وارتكب أبشع المجازر.

هكذا حسم شمعون بيريز الأمر بسرعة شديدة لصالح تكليف بنيامين نتنياهو الذي لا يرغب في تشكيل حكومة من أحزاب اليمين فقط، ذلك أن مثل هذه الحكومة ستكون معرضة للاهتزاز كل الوقت، لأنها ستكون محكومة لموقف أي حزب مهما كانت حصته من مقاعد الكنيست. بالإضافة إلى ذلك، يفضل نتنياهو تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حزبي كاديما والعمل، حتى يخرج من إطار التطرف اليميني الذي يتسم به حزبه، وأيضاً معسكر اليمين في الكنيست.

فلقد حاول خلال الانتخابات الأولية التي جرت لاختيار مرشحي حزبه للكنيست أن يعثر على تركيبة من يمين الوسط، غير أن أغلبية المقاعد العشرة الأولى من القائمة جاءت لصالح المتطرفين في حزبه. وربما كان من المهم أن نلفت النظر إلى أن نتنياهو مستعد لبذل كل جهد ممكن لاستمالة كاديما والعمل للمشاركة في حكومته، حتى يتمكن من تخفيف ردود الفعل الدولية، بما في ذلك الأميركية التي أبدت خشيتها على العملية السلمية من حكومة يشكلها اليمين واليمين المتطرف.

فوق كل هذا يبدو أن أولويات السياسة كما شرحها أكثر من مرة، بنيامين نتنياهو، تشير إلى أن إسرائيل مقبلة على شن حروب صعبة في المنطقة مما يستدعي تعبئة داخلية شاملة، لا تستطيع تحقيقها إلا حكومة وحدة وطنية.

ليفني التي تدرك مدى حاجة نتنياهو لمشاركتها في الحكومة المقبلة، أبدت معارضة لذلك، متذرعة بوجود خلافات جوهرية تتصل أساساً بالموقف من عملية السلام، حيث تدعي حرصها على متابعتها، فيما ترى بأن نتنياهو يذهب في اتجاه آخر لا يخدم استمرارية وإنجاح تلك العملية، وبما ينطوي على احتمال الدخول في حالة تناقض مع الإدارة الأميركية الجديدة التي يرأسها باراك أوباما الذي يبدي حماسه لمتابعة تلك العملية.

على أن ليفني لم تغلق الباب أمام إمكانية المشاركة، فالوقت المتاح أمام نتنياهو وهو ستة أسابيع، يتيح للقاءات أخرى ومساومات ستعمل خلالها ليفني على إدخال تعديلات على سياسات وأولويات نتنياهو وقد تطمح في إقرار صيغة تتناوب معه على رئاسة الحكومة بواقع سنتين لكل منهما.

في مطلق الأحوال، وسواء شكل نتنياهو الحكومة من اليمين واليمين المتطرف، أو نجح في تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن الحد الأدنى الذي تتفق عليه الأحزاب الإسرائيلية وفق السلوك العملي على الأرض، وأيضاً وفق البرامج، ستكون محكومة لليمين، ولا تحمل للفلسطينيين والمنطقة سوى المزيد من الكوارث، الأمر الذي جعل تصريحات المفاوضين الفلسطينيين تتسم بالتشاؤم.

فلقد أجمعت ردود الفعل الفلسطينية خصوصاً من أطراف السلطة ومنظمة التحرير على أنه من غير الممكن معاودة المفاوضات مع إسرائيل، إلا في حال توقف عملية الاستيطان بالكامل وهو أمر حتى لو أن المفوضية الأوروبية اتخذت مؤخراً موقفاً يطالب بوقف الاستيطان، فإنه لا يمكن تحقيقه، إذ لم يفلح مثل هذا الموقف مع حكومة أولمرت التي تدعي استجابتها لعملية السلام فكيف بحكومة يشكلها اليمين المتحمس للاستيطان ولتهويد القدس بالكامل.

مثل هذا الموقف من قبل الفلسطينيين قد يشكل عاملاً قوياً، لتوسع مساحة التوافق الفلسطيني واستعادة الوحدة، خصوصاً وأن السياسة التي يكرر نتنياهو إعلانها تشير إلى أن حكومته ستكون حكومة حرب.

السلام الذي يتحدث عنه نتنياهو، هو السلام الاقتصادي، ويضعه في المرتبة الثالثة من أولوياته التي يقف على رأسها، مواجهة الخطر النووي الإيراني، وامتدادات السياسة الإيرانية وهي كما يسميها نتنياهو حركة حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان.

السؤال هو هل ينجح نتنياهو في إقناع ليفني بالانضمام لحكومته؟ يتصل الأمر بمسألتين الأولى، التدخل الأميركي المحتمل لصالح هذا الخيار، بهدف التأثير في سياسة الحكومة الإسرائيلية المقبلة، والثاني في الثمن الذي يمكن أن تحصل عليه ليفني من الليكود في حال قبلت المشاركة.

البيان - الامارات