رمز الخبر: ۱۱۴۷۷
تأريخ النشر: 12:29 - 18 March 2009

عصرایران - عادة ما يكون تعامل الأطفال مع الإنترنت وتقنيات الكمبيوتر أكثر سلاسة من آبائهم، فالمدارس بدأت تدمج أدوات التكنولوجيا وصفوف الكمبيوتر في فصولها، والعالم الضيق بدأ يتسع شيئاً فشيئاً أمام أطفالنا من خلال شبكة الإنترنت، وما زال عنصر السلامة وسط هذه البيئة المتداخلة مسألة فائقة الأهمية تشغل بال المربّين شأنهم شأن الإعلاميين والساسة وعلماء الاجتماع وغيرهم، ولكن الحقيقة تظل أن هذه التكنولوجيا المسماة الإنترنت تحفّ بفرص التعلم والخبرات المثرية أكثر مما تحف بالمخاطر.
 
الأطفال والإنترنت


من النصائح الشائعة للوالدين عدم السماح لأطفالهم بقضاء وقت طويل على الإنترنت، ولكن ذلك لا ينطبق على كل الحالات تلقائياً، فإذا كان الطفل منكباً على مطالعة موسوعة ثقافية يتنقل بينها وبين كتب أخرى للتعمق في موضوع معين فلا شك أنك لن تمانع.

وتسمّى هذه التجربة التعلم الذاتي للطفل وهي من أفضل أنواع التعلم لأنها تولّد لديه شعوراً بالمتعة والحيوية والقوة. أما كونه يكتسبها على شاشة الكمبيوتر بدلا من مكتبة ضخمة مملوءة بالمجلدات والكتب المصوّرة فذلك لا ينقص من أهميتها أو فائدتها في شيء.

فالمشكلة ليست في الساعات الطويلة التي يقضيها الطفل على الإنترنت وإنما في جودة ما يطالعه من جهة وفي الموازنة بينه وبين النشاطات الحياتية الأخرى كالنشاط الرياضي والعلاقات الاجتماعية والعائلية والمسؤوليات الدراسية والنوم الكافي.
المخاطر الناجمة عن استخدام الإنترنت

هناك مسألتان تتعلقان بسلامة الإنترنت، الأولى هي ما يتعرض له أطفالك على الإنترنت، سواء عن قصد أم عن غير قصد.

أما المسألة المهمة الثانية فهي الاتصال المباشر بين طفلك وشخص آخر على الشبكة قد تؤدي إلى كشف طفلك لمعلومات قد تعرّضه أو أسرته إلى خطر شخصي.

ولعل أكثر ما يعجب الأفراد في التواصل عبر شبكة الإنترنت هو عنصر المجهول، فالأطفال يمكنهم التواصل مع أي أحد عبر الإنترنت لا يحدّهم في ذلك مظهر ولا عمر ولا أي جوانب أخرى قد تؤثر على التواصل الواقعي وهو ما يضفي شعورا بالحرية والانطلاق على العلاقات الناشئة عبر الإنترنت، وكثيراً ما نقرأ تقارير عن أحاديث راقية وموضوعات ناضجة تدور بين بالغين وأشخاص آخرين عبر الإنترنت، يظنهم البالغون كبارا ثم يكتشفون بعد ذلك أنهم مجرد أطفال أو مراهقين.

ولكن هذه العلاقات التي تتم عن طريق الإنترنت تتسم بطابع أكثر شخصية وحميمية من العلاقات الشخصية الخارجية بسبب عنصر التخفي الذي يحرّر الأفراد من الحاجة إلى التظاهر أو الحرج ويجعلهم ينطلقون بانفتاح وصراحة أكبر في هذه العلاقات. وقد تنشأ علاقات حميمة للغاية عبر أحاديث الإنترنت وحدها ويترسخ معها شعور عميق بالثقة في الطرف الآخر المجهول، وهنا يكمن الخطر.

فهذه العلاقة الحميمة بكل تفاصيلها تنشأ مع شخص غريب، والحديث الذي يدور بين الغرباء على الإنترنت قد يكون كله صحيحاً أو كله وهمياً زائفاً وعندما تحين لحظة الثقة وقرار اتخاذ الخطوة التالية نحو معرفة هذا الصديق المجهول يكمن الخطر الأكبر. فالأطفال والكبار على حد سواء يجب أن يتوقفوا هنا ويميّزوا بين الحقيقة والوهم ويعترفوا بالخطر الكامن في الكشف عن شخصياتهم الحقيقية أو الاتصال المباشر بالطرف الآخر سواء عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف أو اللقاء المباشر. وإذا كان للكبار حرية اتخاذ قرارهم بهذا الشأن، كما يقع على عاتقهم نتائج هذا القرار، فإن الأطفال ليس لهم حرية اتخاذ مثل هذا القرار ولا ينبغي تركها لهم بحال من الأحوال.
السلامة على الإنترنت

هناك الكثير من الأساليب التي تهيئ لحماية الأطفال من التعرض للمواقع الإباحية والخلاعية وغيرها من المواقع غير المناسبة على الإنترنت، ومن هذه الأساليب التعرّف على البرامج التي تتيح رقابة أبوية على الإنترنت واستخدامها لمنع برامج ومواقع معينة كما يمكن استخدام خيار تخزين ملف بعناوين المواقع التي تُزار على الإنترنت وتحقق منها مرة أسبوعياً على الأقل. تأكد من معرفتك للمواقع التي يدخلها أطفالك والوقت الذين يقضونه فيها.

وبعبارة أخرى: هيئ جهازك بطريقة تسمح لأطفالك باستخدام الإنترنت كمصدر للتعلم وليس كجهاز للتفاعل. وتذكّر أن قيمة الإنترنت كلها تكمن في الجانب التعليمي الثقافي وليس في الجوانب الأخرى. إذا لم تكن لديك معرفة بكيفية تهيئة جهازك وضبطه لهذا الغرض، فاتصل بالشركة المزوّدة بالخدمة لتطلب منها أن تشرح لك ذلك خطوة بخطوة.
قواعد أساسية بسيطة

يكمن الخطر الآخر من استخدام الإنترنت في كشف الطفل لمعلومات تسمح لشخص ما بإرسال إيميل أو رسائل تتضمن تخويفاً أو تحرشاً أو تهديداً أو قد تسمح لشخص ما بالاتصال بالطفل أو بأسرته. وكما أنك لن تقبل بإرسال طفلك إلى مدينة يقطنها 30 مليوناً من دون إشراف وقواعد أساسية، فإنك لن ترسله أيضاً إلى مدن الإنترنت الشاسعة من دون قيود وقواعد مركزية.
إذا كنت ستسمح لطفلك بالتفاعل مع أشخاص آخرين عبر الإنترنت، بأي شكل من الأشكال، فعليك تحديد هذه القواعد الأساسية له بدقة ووضوح وهي:
لا تكشف عن الرقم السري للاتصال بالإنترنت لأي شخص بغض النظر عمن يكون أو عمّن يدعي كونه.

لا تبح بأي معلومات شخصية عنك سواء اسمك أم عنوانك أم اسم والديك أم رقم الهاتف أم اسم مدرستك أم أي تفاصيل أخرى.

لا ترسل صوراً لنفسك أو لأي أحد من أفراد عائلتك أبداً عبر الإنترنت.

لا تواصل حديثا يشعرك بعدم الارتياح مع أي شخص على الإنترنت، سواء أكان الحديث أم يشتمل على ألفاظاً أو تلميحات غير لائقة. أغلق الخط بكل ببساطة وانتقل إلى موقع آخر على الإنترنت ثم أخبر والديك عما جرى.

أخبر والديك دائماً عن أي اتصال يتضمن تهديداً أو ألفاظاً بذيئة.

لا توافق أبداً على مقابلة أي شخص في أي ظرف من الظروف وأخبر والديك حالاً عن أي شخص يقترح عليك ذلك.

لا تقبل عروضاً لمنتجات أو أي فرص أخرى تتلقاها عبر الإنترنت من دون موافقة صريحة من والديك.
لا تكشف عنوان سكنك لاستلام منتج ما بالبريد، اكتف برقم صندوق البريد إذا استدعى الأمر.
تذكّر أن الأشخاص الذين تلتقيهم عبر الإنترنت قد يكونون أي شخص من أي مكان، خذ حذرك من أجلك ومن أجل عائلتك.

فكّر وأنت توضح لأطفالك هذه القواعد في الضعف الطبيعي للطفل إزاء الكبار الذين يتمتعون بخبرة ومعرفة وقدرة في الإقناع للتأثير على الطفل. ولذلك فإن شرح هذه القواعد للأطفال أمر سهل من حيث المفهوم ولكنه قد يكون صعباً جداً عند التطبيق. فكّر في طرق تبني فيها الثقة بينك وبين طفلك ليحدثك عن كل ما يقلقه.
سلوك المخاطرة على الإنترنت

يمثل سلوك المخاطرة على الإنترنت جزءاً من عملية النمو التي يواجهها الوالدان في كل الجوانب المتعلقة بسلامة الطفل بما فيها الإنترنت. وبسبب سمة التخفي والسرية التي يتميز بها الإنترنت، فإن كثيراً من الأطفال في سن المراهقة وما قبل المراهقة يشاركون في غرف الدردشة «المثيرة» بالنسبة إليهم. وهم لا يتوانون عن المحادثة مع أشخاص يصفونهم بالـ«منحرفين» أو «الفاسدين» ويثيرون معهم تحديات ومواجهات قد تبلغ التواعد معهم وغير ذلك.

من الأمور التي تتطلب منك التأمل هي عند ملاحظتك الاضطراب أو السرية التي يظهرها الطفل عندما تفاجئه وهو يستخدم الإنترنت أو أنه يعمد إلى غلق الشاشة إذا ما اقتربت منه فجأة أو أي سلوك يدل على أن الطفل لا يريد لك أن ترى ما على الشاشة. فذلك ليس سلوكاً مقبولاً ولا آمناً. أوضح لطفلك بشكل قاطع أنها ليست مسألة مراقبة ولا مسألة ثقة وإنما مسألة سلامة فحسب، شأنها شأن منعه قيادة الدراجة في أماكن خطرة.

تناقش مع أطفالك بصراحة ووضوح، عبّر لهم عن مشاعرك وسبب مخاوفك. اعقد اتفاقاً صريحاً وواضحاً بينك وبين أطفالك حول استخدام الإنترنت. تعرف من آباء آخرين الأساليب التي يستخدمونها لحماية أطفالهم. استخدم خيارات الرقابة الأبوية على الإنترنت وراقب المواقع التي يزورها أطفالك للتأكد من توقف هذا السلوك. إذا استمرت المشكلة فمن الممكن أن تمنع طفلك من استخدام الإنترنت إلى أن تتوصل إلى اتفاق واضح معه وخطة سليمة لاستخدام الإنترنت بشكل ايجابي وفعال وآمن.
طالع الإنترنت بنفسك، فذلك يفتح مجالاً للتواصل بين الوالدين والأطفال حول الإنترنت. فالأطفال يرغبون في إدراكك لأهمية الإنترنت بالنسبة إليهم. والإنترنت أكثر إغراء بالنسبة لهم من التلفزيون، وسريعاً ما يتحول إلى أداة لا مثيل لها بل إلى صديق وربما مضيعة للوقت. ولذلك عليك أن تأخذ زمام المبادرة في هذا المجال وتكون قادراً على توجيه أطفالك بين دهاليز هذا العالم الشاسع المسمّى الإنترنت، وذلك بالتمكّن من استخدام هذه الأداة والتمييز بين سلبياتها وإيجابياتها ومعرفة متى تضع الحدود الفاصلة ومتى تفرض القيود الآمنة على استخدام أطفالك للإنترنت وكذلك لتقييم مدى استفادتهم منها وتشجيعهم على استغلالها لتنمية معارفهم وتوسيع خبراتهم ومداركهم وتوجيههم وإيقافهم متى انحرف استخدامهم لها عمّا ينفع إلى ما يضرّ.