رمز الخبر: ۱۱۷۲۲
تأريخ النشر: 13:58 - 05 April 2009
غاصب المختار

خريطة سياسية غير مفهومة


عصرایران - توحي التسريبات وبعض المعلومات عن ترتيب لوائح ائتلافية في بعض الدوائر الانتخابية، وحصول توافقات معينة في دوائر اخرى، بين قوى موالية وقوى معارضة حالياً، بان البلد مقبل على خريطة سياسية جديدة، تقوم على تركيبة غير واضحة المعالم حتى الآن، لكنها يبدو كأن الهدف منها محاولة تأسيس تركيبة حكم مقبلة تجمع الأضداد الحاليين او معظمهم، في قالب الحكم الواحد، سواء في البرلمان او حكومة ما بعد الانتخابات، ضمن ما يسمى الديموقراطية التوافقية، التي لا نعرف لها في لبنان حتى الآن اي اسس قانونية او دستورية او اجرائية واضحة، سوى انها تمارس منذ تطبيق اتفاق الطائف وفق انتقائية مصلحية لبعض القوى الحاكمة، وحسب دفة القوى الخارجية المؤثرة على وضع البلد.

وفي ظل هذه الديموقراطية التوافقية العجيبة الهجينة في لبنان، كنا نرى البلد تارة يمر بفترة هدوء واستقرار سياسي وأمني، اذا سارت هذه التوافقية على ما يجب من تفاهمات بين القوى السياسية الحاكمة، وتارة كان يمر بأزمات وتوترات امنية وسياسية خطيرة كما حدث مؤخراً، بعدما انفرط عقد هذه التفاهمات نتيجة سياسات خارجية كبرى اقوى من لبنان.

من المفهوم ان تترك المصالحات العربية القائمة، ولا سيما المصالحة السورية-السعودية، حالة من الارتياح والاستقرار والحوار والتفاهم بين بعض القوى السياسية المختلفة او بين معظمها، لكن من غير المفهوم ان تؤدي هذه المصالحات الى استقرار في منطقة انتخابية ما والى استمرار المعارك الانتخابية الساخنة في منطقة اخرى، كما هي الحال حالياً بين طرابلس وصيدا، او بين دائرة بيروت الثانية ودوائر بيروت الاولى والثالثة والبقاع الغربي!

ومن غير المفهوم كيف يمكن ان تؤمن المعارضة مثلا وصول نواب من قوى الموالاة او الاكثرية في بعض الدوائر، وفق تفاهمات معينة ومصلحية، من دون برنامج عمل سياسي متفق عليه وعلى نتائجه المرتقبة، ولا يتم تأمين وصول مرشحين من المعارضة في دوائر مركزهم فيها ضعيف، وفق التفاهم ذاته؟

يبدو مما يجري تداوله ان ما يتم التحضير له هو ايصال عدد من النواب متفاهم عليه بين اطراف الموالاة والمعارضة الاساسيين، وإيصال مجموعة نواب من (المستقلين) ايضا، ليشكلوا ربما نوعاً من التوازن داخل البرلمان والحكومة المقبلة، ويكونون بمثابة رافعة إضافية للعهد في مرحلته المقبلة، التي حدد لها الرئيس ميشال سليمان عنواناً عريضاً اسمه الإصلاح.

لكن في ظل وجود ثلاث كتل نيابية كبيرة او مؤثرة في المجلس النيابي وداخل الحكومة، كيف يمكن التفاهم على ادارة البلد، بينما وجود كتلتين كبيرتين سابقا، ادى الى ما ادى اليه من تصادم وشلل في العمل البرلماني والحكومي؟ وكيف يمكن التفاهم على تطبيق الاصلاح الذي يريده رئيس الجمهورية إذا تعارضت مصالح بعض القوى الحاكمة مع هذا التوجه، وخاصة في ظل غياب قوى إصلاحية حقيقية عن الحكومة والبرلمان؟

لعل المخرج يكون في تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات مؤلفة من (ثلاث عشرات)، اي حكومة بالتساوي بين الكتل الثلاث، وساعتها لا ندري الى اين ستوصلنا هذه التجربة الجديدة في الحكم التوافقي الديموقراطي، وفي ظل خريطة سياسية غير مفهومة، ولا نعرف متى تتغير وكيف والى اين يؤدي تغييرها؟
 
السفير - لبنان