رمز الخبر: ۱۲۰۰۴
تأريخ النشر: 15:12 - 13 April 2009
أحمد منصور
ما السبيل لاستعادة الكبرياء المصرية؟

عصرایران - لم أتعجب على الإطلاق للتصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد أفيغدور ليبرمان سواء التي تتعلق بمطالبته بتدمير السد العالي وإغراق مصر أو حديثه إلى الرئيس مبارك بأن يذهب إلى الجحيم أو تصريحاته حول مستقبل ما يسمى بعملية السلام، لأن هؤلاء هم الإسرائيليون حتى وإن ارتدى بعضهم قفازا من حرير يداري به الدماء التي تلطخ يديه من دماء العرب.

لكن الذي تعجبت له هو تصريحات المسؤولين المصريين والفلسطينيين، فقد أطلق هؤلاء كذبة وجود عملية سلام بين العرب وإسرائيل بدأها الرئيس السادات مع صغار موظفيه كما أطلق هو عليهم قبل ثلاثين عاما وصدقوها، ومازالوا يخدعون أنفسهم ويعتقدون أنهم يخدعون شعوبهم بهذه الأكاذيب التي يطلقون عليها عملية السلام.

جاء ليبرمان فطرق بقوة على رأس مروجي أكاذيب السلام من العرب بمطرقة من حديد وقال لهم أفيقوا أيها الكذابون على شعوبكم نحن ليس لدينا لكم إلا الحرب وليس بيننا وبينكم سلام، وقال ليبرمان إنه خلافا لغيره من السياسيين الإسرائيليين يفضل أن يقول كلاما مباشرا وصريحا، وكان مما قاله بصراحة ومباشرة: (إن مؤتمر أنابوليس مات، وإن على إسرائيل أن تستعد للحرب لكي تصنع السلام).

ليبرمان لا يعبر عن نفسه وإنما يعبر عن الثقافة الإسرائيلية بشكل عام وثقافة من يحكمون إسرائيل بشكل خاص، فالبروفيسور بن تسيون نتانياهو والد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أدلى بحديث إلى صحيفة (معاريف الإسرائيلية) نشرته يوم الجمعة، الثالث من إبريل الجاري قال فيه (إن التسوية السلمية مع الفلسطينيين على مبدأ (دولتين للشعبين) هو مجرد وهم، (وإن الحل الوحيد للصراع هو أن تفرض إسرائيل سيادتها بالقوة على فلسطين الكاملة). لكن أعجب عبارات الشجب والإدانة لما قاله ليبرمان كانت تلك التي صدرت من وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط، الذي كلما تكلم سبب كارثة وعبر عن عجز وضعف شديدين، فقد قال أبو الغيط ردا على الإساءات البالغة التي وجهها ليبرمان إلى مصر وشعبها ورئيسها (لا يمكن لوزير خارجية مصر إلا أن يحترم الكبرياء المصرية وبالتالي فإن من أساء لهذه الكبرياء فعليه أن يتحمل مسؤوليات وكافة عواقب ما قال من كلمات..) حينما قرأت هذه العبارات اعتقدت حقا أن أبوالغيط سيستعيد الكبرياء المصرية التي مرّغها هو وأمثاله من الموظفين الضعفاء في التراب منذ أن انفرد السادات بالتوقيع على كامب ديفيد بينما لم يجرؤ أحد من موظفيه-كما وصفهم-أن يقول له لا سوى محمد إبراهيم كامل وزير الخارجية الذي استقال قبل أن يغادر واشنطن وكان رمزا للكبرياء المصرية الحقيقية، أما الموظف الآخر الذي ذهب ليقول للسادات، لا، حسبما ذكر بطرس غالي في مذكراته فقد كان نبيل العربي الذي نهره السادات كما ذكر غالي وطلب من بطرس غالي أن ينظف وزارة الخارجية من أمثاله من الموظفين الصغار الذين يتدخلون في أعمال الكبار، حيث بقي الجميع صغارا بعد ذلك.

من يقرأ تصريحات أبو الغيط هذه التي يهدد فيها ويتوعد يقول إن الجبل قد تمخض أخيرا لكن من يستكمل قراءة تصريح أبو الغيط المرعب والمهدد لوزير الخارجية الإسرائيلي يعرف أن أبو الغيط كما هو ولم يصبح شخصا آخر حيث يقول: (والمؤكد أنه طالما بقي موقف ليبرمان على ماهو عليه فإنني سأكتفي إذا ما تصادف وجودنا في اجتماع بالنظر إليه.. وبالتأكيد ستظل يدي في جيبي) هكذا سيستعيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري الكبرياء المصرية سينظر إلى ليبرمان وبالتأكيد ستظل يده في جيبه، لم يجرؤ أبو الغيط على القول إنه سيرفض الاجتماع به ، لم يجرؤ على القول إنه لن يسمح له بدخول مصر، لم يجرؤ على القول إن مصر يمكن أن يكون لها موقف تصعيدي، كل ما جرؤ عليه لاستعادة الكبرياء المصرية أنه سيضع يده في جيبه وهل يعتقد أبو الغيط أن ليبرمان المتعجرف الذي طالب بذهاب رئيس مصر إلى الجحيم يمكن أن يمد يده إلى أبو الغيط من الأساس؟

من المؤكد أن استعادة الكبرياء المصرية سوف تتم، لكنها لن تكون على يد أمثال أبو الغيط، إنها ستتم على أيدي رجال من أبناء مصر الشرفاء الذين هم أغلبية أهلها والذين يعرفون معنى الكبرياء المصرية الحقة، هؤلاء الذين لا يسرهم ما وصل إليه حال بلدهم وكيف هانت على الجميع حتى أصبح صهيوني متطرف يهدد مصر وشعبها ويسب رئيسها، بينما علم إسرائيل يرفرف في سمائها وعملاؤها وجواسيسها يتجولون في مصر دونما حسيب أو رقيب، ثم يخرج وزير الخارجية الهمام ليستعيد الكبرياء المصرية عبر وضع يده في جيبه.
الوطن- قطر