رمز الخبر: ۱۳۸۱۴
تأريخ النشر: 09:18 - 04 July 2009
في يوم الثلاثاء 30 يونيو وصلت عملية تحرير المدن والقرى والطرقات العراقية الى نقطة النهاية. ففي الفترة من الاول من ديسمبر 2008 وحتى نهاية يونيو 2009 انسحبت القوات الامريكية من المناطق التي تحتلها في العراق وانتشرت في عدة قواعد عسكرية – معظمها على الحدود الشرقية للعراق-.
عصر ايران – في يوم الثلاثاء 30 يونيو وصلت عملية تحرير المدن والقرى والطرقات العراقية الى نقطة النهاية. ففي الفترة من الاول من ديسمبر 2008 وحتى نهاية يونيو 2009 انسحبت القوات الامريكية من المناطق التي تحتلها في العراق وانتشرت في عدة قواعد عسكرية – معظمها على الحدود الشرقية للعراق-.

وعلى اثر ذلك اقام ابناء الشعب العراقي احتفالات وعبروا عن فرحتهم امام العالم لارغامهم المحتلين على الانسحاب من المدن العراقية.

وفيما يخص هذا الحدث ثمة عدة نقاط نشير اليها فيما يلي باختصار :

1- تفيد بعض الانباء ان القوات الامريكية وبعد انسحابها من المدن انتشرت – بشكل رئيسي- في معسكرات تقع الى الجوار من الحدود العراقية مع ايران. وقد انتشر معظم هذه القوات في قاعدة علي بن ابي طالب (ع) العسكرية بمدينة الناصرية بجنوب العراق. وهذا الامر يمكن ان يكون له تفسيرات مختلفة. فاحد تفسيرات انتشار العسكريين الامريكيين عند الحدود الشرقية يعني محاولة نقل الضغط العسكري على ايران ، بعبارة اخرى يمكن اعتبار هذا الاجراء بانه يشكل قلقا امنيا بالنسبة لايران وانتظار بعض التبعات الامنية الناتجة عنه وهذا الموضوع حدث في السابق ايضا. فخلال السنوات الماضية حاولت بعض المجموعات المسلحة التي تتمتع بالدعم العسكري والاستخباراتي الامريكي ايجاد مشاكل امنية في محافظات شمال غربي ايران.

وثمة معنى اخر لانتشار القوات الامريكية عند الحدود الشرقية للعراق. ان المشاكل الامنية العراقية وطالما يتعلق الامر بالدول الجارة للعراق، تحدث عادة عن طريق حدود الدول العربية الثلاث المجاورة للعراق – الاردن وسورية والسعودية – لذلك فان السلوك الامني لهذه الدول كان دائما موضع احتجاج الحكومة العراقية.

وفي هذا الخصوص فقد زادت السعودية خاصة من حجم تدخلاتها خلال الاشهر الاخيرة وتبع ذلك ردة فعل عنفية ابداها نوري المالكي خلال الايام الخيرة. ان حدود هذه الدول وحسب المستندات التي تقدمها الشرطة والاستخبارات العراقية تحولت الى ممر لدخول الاسلحة والمتفجرات والارهابيين ، لذلك فاذا كان الامريكيون قلقون على امن العراق لكان عليهم نقل قواتهم الى المعسكرات المطلة على حدود غرب وجنوب غرب العراق لا عند الحدود الشرقية للعراق ، بحيث ان الدولة الواقعة في الجانب الاخر من تلك الحدود – ايران- ملتزمة بمساعدة الحكومة العراقية القانونية.

ان انتشار العسكريين الامريكيين عند الحدود الشرقية يمكن ان يكون علامة موجهة للدول المصدرة للارهاب الى العراق بمعنى ان الامريكيين يقولون للدول العربية اننا نتولى مراقبة ايران وعليكم ان تتولوا زعزعة الامن في العراق وارباك البنية الامنية والادارية في العراق.

2- وكان واضحا منذ اشهر بان العمليات الارهابية وزعزعة امن العراق تتم في اطار مثلث امني. فالمحتلون وبعض الدول العربية المجاورة للعراق وارهابيو القاعدة يشكلون الاضلاع الثلاثة لهذا المثلث. وقد ثبتت هذه المسالة على الاقل فيما يخص انفجاري الكاظمية وبعقوبة من ان الارهابيين ومن خلال استخدام الغطاء الامني والاستخباراتي الامريكي نفذوا العمليات الارهابية ، الموضوع الذي اعلن بعد ايام من حادث تفجير الكاظمية – والذي اسفر عن استشهاد عدد من الزوار بمن فيهم الايرانيين – من قبل الشرطة المحلية العراقية. وفي تلك الاثناء نشرت بعض المواقع الالكترونية العراقية وثائق تظهر ان النظام السعودي يقدم دعما ماليا شاملا للارهابيين.




3- ان انسحاب القوات الامريكية من المدن وانتشارها في المعسكرات الخاصة يمكن ان يشكل "مقدمة جيدة" لنيل العراق استقلاله. لكن لا يجب تصور ان هذه المقدمة سيتبعها بالضرورة انسحاب القوات الامريكية بنهاية عام 2011. ان عدم تحديد الامريكيين جدولا زمنيا للانسحاب يؤكد انه ليس هناك اي ضمان لذلك. وهذا الموضوع يتضح اكثر اذا وضعناه الى جانب التصريحات الاخيرة للمسؤولين الامريكيين والبريطانيين.

وقبل ايام اشار وزير الخارجية البريطاني الي انسحاب القوات العسكرية الغربية من المدن العراقية وقال ان كل شئ يتوقف على الظروف الامنية للعراق. كما اشار الرئيس الامريكي الى نقل العسكريين الامريكيين الى المعسكرات وقال ان اميركا لم تقل ابدا بانها ستغادر العراق بالضرورة بنهاية عام 2011. وبناء على ذلك ورغم ان الانسحاب من المدن والانتشار في المعسكرات يشكل انتصارا مهما للعراقيين لكن هذا لا يجب ان يوصل العراقيين الى هذه النتيجة بان العراق قد نال استقلاله ، لان هذا الاستقلال سيكون بدون معنى حتى اذا كان هناك 100 جندي اميركي في العراق.

4- ان انتشار القوات الامريكية في المعسكرات يشكل انجازا مهما لكل العراق خاصة حكومة نوري المالكي. ان القاء نظرة خاطفة على مواقف مسعود بارزاني وطارق الهاشمي زعيما الاكراد والسنة يظهر بانه بالنسبة لهم لا تحظى استقلالية حكومة بغداد بالاولوية بقدر ما تحظى لدى الشيعة ونوري المالكي. ويرى بعض هؤلاء ونظرا الى بقاء منطقة كركوك المهمة والاستراتيجية من دون حل ، بان الحكومة تؤخر قدر ما تستطيع البحث في موضوع كركوك وتحوله الى موضوع تاريخي. ومن هذا الموضوع تنبثق هذه النقطة بان مستوى التعاون الداخلي مع حكومة نوري المالكي قد يتراجع اعتبارا من الاول من يوليو ويضع فرصة بتصرف معارضي نوري المالكي من العراقيين.

5- ان مناطق كركوك والموصل والانبار وصلاح الدين ونينوى تشكل اهم التحديات الامنية المستقبلية ولا يبدو ان القوات البالغ عددها 50 الفا والتي ارسلها نوري المالكي خلال الايام الاخيرة الى هذه المناطق تلبي هذه المسالة. ان حكومة المالكي لا تواجه بالطبع مشاكل خاصة لزيادة عدد القوات وتوظيف قوات عسكرية وامنية جديدة ، فهذه القوات بامكانها ان تكون جاهزة خلال شهر لتولي مهامها الامنية والعسكرية لذلك يبدو بان الحكومة العراقية بحاجة الى المزيد من الجهد العسكري والامني في هذه المناطق.

6- ان غرفة العمليات الامريكية العراقية المشتركة ستبقى رغم نقل القوات، فهذا الموضوع يذكر بالمسؤولية الملقاة على عاتق الامريكيين من جهة ورغبة الامريكيين باستمرار النشاطات الامنية في العراق من جهة اخرى. ان بامكان حكومة نوري المالكي ربط هذه الرغبة بقبول بعض المسؤوليات خاصة ان تطلب من الامريكيين استخدام وسائلهم لاحتواء اجراءات الدول العربية الثلاث المجاورة للعراق.

7- ومع اكتمال السلسلة الامنية في العراق وتحمل حكومة نوري المالكي المسؤولية ، فانه تتوفر ارضية القبول الاقليمي للحكومة العراقية الجديدة ، وهذا طبعا بحاجة الى نشاط دبلوماسي واسع النطاق. ان هذا الموضوع كفيل بضمان المستقبل الامني للعراق.