رمز الخبر: ۱۶۰۷۰
تأريخ النشر: 12:20 - 03 October 2009

عصرایران ـ القدس العربي ـ  احتدت المواجهات بين السلطات المغربية والصحافة وان كان ميدان هذه المواجهات لا زال صفحات الصحف وميدان القضاء في ظل تبادل الاتهامات بين الطرفين ففي الوقت الذي تتهم به الصحف السلطات بالتضييق على الحريات ومحاولات بتطويع الصحافة المشاغبة تقول السلطات ان بعض الصحف ذهبت بعيدا في انحرافها وشططها ومست مقدسات البلاد.

وتبقى قضية صحيفة "اخبار اليوم" التي لم تكمل بعد شهورها الستة من الصدور الاكثر سخونة من بين ملفات المواجهة على خلفية تعاطي هذه الصحيفة مع حفل زفاف الامير مولاي اسماعيل ابن عم الملك محمد السادس والتقاط السلطات لرسم كاريكاتيري نشرته الصحيفة لـ"العريس" محمولا على العمارية بخلفية العلم المغربي تتوسطه نجمة غير مكتمة لتغلق الصحيفة وتمنع عامليها من ولوج مقرها وتحيل مديرها ورسامها الى القضاء بعد سلسلة استنطاقات اكتملت الخميس.

ويمثل توفيق بوعشرين مدير النشر جريدة "أخبار اليوم" وخالد كدرا رسام الكاريكاتور بالجريدة أمام الغرفة الجنحية بالمحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء يوم 12 تشرين الاول/أكتوبر الجاري بعد قرار النائب العام المتابعة القضائية للصحافي والرسام.

وأفاد مصدر قضائي أن لحسن منسي وكيل الملك (النائب الاول للنائب العام) بالمحكمة قرر الخميس، إحالة مدير النشر بجريدة "أخبار اليوم" توفيق بوعشرين ورسام الكاريكاتور بالجريدة خالد كدرا على الغرفة الجنحية بابتدائية الدارالبيضاء بعد ان وجه لهما تهمة "اهانة العلم الوطني والمشاركة بالاهانة" والتي تصل عقوبتها الى السجن خمس سنوات طبقا للقانون الجنائي.

واجرت الشرطة منذ يوم الثلاثاء الماضي استنطاقا مطولا مع بوعشرين وكدرا، وقال بوعشرين ان اجواء الاستنطاق اتسمت بالاستفزاز والتشنج وتوجيه الاهانات له ولزميله وصلت الى حد اتهام زميله كدرا بالعمالة للخارج والتشكيك بوطنيته.

وقال مدير يومية "اخبار اليوم" بعد خروجه من المحكمة انه قدم لنائب النائب العام شكوى ضد رجال الشرطة الذين وجهوا له ولزميله الاساءات والاهانات.

وقرر وكيل الملك عدم البت بمسألة اغلاق مقر الصحيفة ومنع الشرطة للعاملين فيها من الدخول لممارسة عملهم وابلغ بوعشرين ان له الحق في الجوء الى القضاء لالغاء قرار الاغلاق.

وأكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة أن الحكومة قامت بإعمال المقتضيات القانونية في التعامل مع قضية جريدة ( أخبار اليوم)، وأن "القضاء هو الفيصل في هذه النازلة".

وأوضح خالد الناصري "أن الحكومة مطالبة دستوريا بالعمل على تطبيق القانون" وأنه "كلما بدا أن هناك تصرفات قد تكون خارجة عن نطاق القانون، فمن واجب الحكومة أن تقوم بتفعيل مقتضيات القانون". وأكد أنه "قد آن الأوان ليوضع حد للنقاشات الزائدة وأن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح هو هل هناك تصرفات شائنة، قد ترتكبها بعض المنابر".

وأضاف المسؤول المغربي بعد اجتماع للحكومة أنه يتعين على " الصحافيين أن يتحملوا مسؤولياتهم ويتحلوا بالشجاعة الكافية، ليقولوا إن هناك انحرافات، وبالتالي يجب التصدي لهذه الانحرافات، وأن بداية التصدي تبدأ من الجسم الصحفي".

وأكد أن الصحافة "موكول لها مهمة أخلاقية وسياسية وتأطيرية وتربوية مما يحتم على الصحافيين ممارسة حقوقهم في نطاق الحرية التامة التي يضمنها الدستور والترسانة القانونية والممارسة الفعلية التي تجعل المغرب من الدول العربية والإفريقية القلائل التي توفر مناخا وفضاء واسعا جدا للممارسة الصحفية الحرة، ويجب أن يقر الجميع بذلك".

وأشار الوزير إلى أن "هذه الممارسة مفتوحة ومتاحة" وقال إنه "ليس في نية السلطات التضييق بأي شكل من الأشكال على الممارسة الصحفية، لكن على الصحافيين أيضا أن يضعوا يدهم في يد السلطات العمومية من أجل أن نبني نظاما صحافيا يكون جديرا بالمغرب الجديد الذي نحن بصدد بنائه، مغرب الحرية والديموقراطية والمسؤولية".

وشدد الناصري على ضرورة تضافر جهود جميع الأطراف من أجل بناء مغرب جديد من مقوماته "صحافة مسؤولة تقوم بواجبها في ممارسة النقد البناء بعيدا عن كل الافتراءات وأنواع القذف والشتم التي لا علاقة لها بالصحافة الحقيقية ولا تشرف أي صحافي يحترم نفسه".

وفيما تستنكر الاوساط الصحفية والحقوقية ما تتعرض له االصحف المغربية من ملاحقات قضائية وتضييق على عملها دخت الاحزاب على خط الادانة للصحف وتهاطلت بياناتها ضد ما تنشره الصحافة المستقلة وهو "عمل لا معنى له ولا يشرف مهنة الصحافة".

واستنكر حزب التجمع الوطني للأحرار (اغلبية حكومية) "بقوة" الرسم الكاريكاتوري الذي نشرته يومية "أخبار اليوم" واعتبر في بيان له امس الجمعة أن هذا الفعل "لا يخدم قضية، ولا يساهم في حل إشكال، ولا يطرح وجهة نظر في موضوع معين"، معبرا عن أمله في عدم الانسياق "وراء نشر جزئيات لا تساهم إلا في إفساد الذوق العام، وإلقاء الأضواء على الحياة الخاصة والتربص بالأشخاص والاعتماد على أخبار الإثارة التي لا تخدم في شيء الهدف النبيل للصحافة ودورها الوطني والسياسي والتربوي والتثقيفي الكبير".

وأبرز البيان أن التجمع الوطني للأحرار "الذي ظل وسيبقى مدافعا عن الصحافة، مناضلا من أجل استقلاليتها"، "ليشجب ويندد بمثل هذه التصرفات التي تعتبر منافية لقواعد الحرية"، داعيا إلى ضرورة الوقوف ضد التوجهات التي تريد استغلال ما ينعم به المغاربة من فضاء كبير للحريات.

وأدانت الحركة الشعبية (اغلبية حكومية) الرسم الكاريكاتوري الذي نشرته جريدة (أخبار اليوم) واعتبرته مسا بالاحترام الواجب لأحد أفراد الأسرة الملكية.
وعبر المكتب السياسي للحركة عن إدانته وشجبه الشديدين للرسم الكاريكاتوري، مؤكدا "أجواء الحرية التي ترسخت بشكل جلي في وطننا بفضل التطور المتميز الذي عرفته بلادنا في هذا المجال".

ودعا المكتب إلى عدم استثمار هذه الأجواء "في المس بالمقدسات واستعمال العلم المغربي لأغراض مبيتة ومغرضة وإهانة شعار المملكة"، معتبرا أن تحويل النجمة الخماسية التي تتوسط العلم المغربي إلى نجمة داوود "ينطوي على توجهات مكشوفة لمعاداة السامية، بشكل يناقض ثوابت بلادنا وتوجهاتها كبلد التسامح والحرية والديمقراطية".

وأكد على "ضرورة وحتمية الالتزام باحترام مقدسات المملكة ومقوماتها الدينية والحضارية"، كما أصر على "الالتزام بروح القانون في سياق العدالة والقضاء، وفي إطار دولة الحق والقانون".

كما أدان حزب الاتحاد الدستوري (يمين معارض) ما نشرته يومية "أخبار اليوم" حول زفاف الأمير مولاي إسماعيل وأكد أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تقبل مثل هذا التصرف، معتبرا أن هذا الرسم الكاريكاتوري "عمل لا معنى له ولا يشرف مهنة الصحافة".

وأبرز الحزب أنه للمغرب ثوابت لا يجب التلاعب بها، وأن "المسؤولين عن هذه الأعمال أناس لا يسايرون التطور الديموقراطي الذي تشهده المملكة" وشدد على ضرورة احترام مقدسات المغرب ومقوماته الدينية والحضارية.

ولوحظ ان كلا من حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية وصحفهم لا زات تكتفي بمتابعة مقتضبة لملف "اخبار اليوم" دون تبني موقفا مع او ضد وان كان زعيم حزب الاستقلال عباس الفاسي وهو رئيس الحكومة اعلن ان لادخل له بالمف ولا علم لديه بما جرى للصحيفة.

وفي اطار المواجهات في ميدان القضاء بين السلطات والصحف المستقلة بالمغرب قررت المحكمة الابتدائية بالرباط الخميس إرجاء النظر في قضية مدير نشر أسبوعية "المشعل" ادريس شحتان ورشيد محاميد ومصطفى حيران الصحافيان بالجريدة نفسها، إلى يوم الثلاثاء القادم وذلك بناء على طلب الدفاع لإعداد مرافعاته.
ويتابع الصحافيون الثلاثة، الذين يمثلون أمام المحكمة لأول مرة، من أجل جنحة "نشر، بسوء نية، نبأ زائف وادعاءات ووقائع غير صحيحة والمشاركة في ذلك"، طبقا قانون الصحافة بعد نشر الأسبوعية في عددها الصادر بتاريخ ثالث ايلول/سبتمبر الماضي مقالا حول فيروس روتا الذي اصاب املك محمد السادس كما يتابع على نفس الخلفية علي انوزلا مدير يومية "الجريدة الاولى" وبشرى الضو المحررة بالصحيفة واللذان تعقد الجلسة الثانية لمحاكتمها يوم الاربعاء القادم.