رمز الخبر: ۱۷۲۶۸
تأريخ النشر: 09:56 - 07 November 2009
عصرایران - لا يواجه انصار توريث الحكم من الآباء الى الأبناء اي مشكلة حقيقية، باستثناء بعض المقالات المعارضة في الصحف او المشاركات في برامج المحطات الفضائية النقاشية، بينما المشكلة تبدو اكثر تعقيداً في الجهة الاخرى وتنحصر في انعدام البدائل او تضاؤل فرص نجاحها في حال ايجادها.
المسألة نسبية دون ادنى شك، والتعميم غير وارد، لان ظروف التوريث وملابساته تختلف بين دولة واخرى، فبينما تسير بشكل يسير في دول مثل اليمن وليبيا على غرار ما حدث في سورية، فان الوضع يبدو متعثراً، ولو من الناحية الشكلية، في مصر بسبب الهامش الديمقراطي المحدود اولاً، ووجود نخبة سياسية نشطة لها جذور مازالت قوية نتيجة التجربة المصرية ذات الطابع اليساري او القومي او الاثنين معاً.

معارضو التوريث في مصر يتوحدون في جبهة واحدة ضد هذه السابقة المراد لها ان تتجذر في مصر من قبل الحزب الحاكم وانصاره، ولكنهم يختلفون على البدائل وطبيعتها، فالاسماء المطروحة في بورصة التداول ما زالت موضع اخذ ورد، بين متحمس ومتردد.

نقول هذا الكلام بمناسبة اعلان الدكتور محمد البرادعي المدير العام للهيئة الدولية للطاقة الذرية عن عدم معارضته خوض انتخابات الرئاسة المقبلة في مصر اذا توفر شرط نزاهتها مسبقاً، ووجود ضمانات بعدم حدوث اي عمليات تزوير فيها.

شرط الدكتور البرادعي يبدو تعجيزياً، لان مسألة تزوير الانتخابات في العالم الثالث، وفي مصر على وجه الخصوص، باتت واحدة من السنن المتبعة، حتى ان السلطات الحاكمة في مصر باتت ترسل خبراء في التزوير الى زميلاتها، التي هي بحاجة اليهم، اي خبراء التزوير، في بعض الدول العربية والافريقية.

فالتزوير لم يعد مقتصراً على تزوير نتائج الانتخابات مثل اصدار بطاقات انتخابية للاموات، او اقدام البعض على التصويت اكثر من مرة، او تغيير الحدود الجغرافية للدوائر الانتخابية بطريقة تحتم فوز مرشحين معينين او اللجوء الى اعمال البلطجة المعروفة، بل امتدت الى استبدال صناديق اقتراع باخرى في وضح النهار، ووضع قيود دستورية تغلق الابواب امام اي مرشح كفؤ قادر على منافسة ولي العهد المهيأ لهذه المهمة.

لا شك ان الدكتور البرادعي يملك خبرة علمية وادارية عالية تؤهله لخوض تجربة الانتخابات الرئاسية كمرشح جدي، وهو اكثر جدارة بالمنصب في حال فوزه به من السيد جمال مبارك، لما يحظى به من احترام في اوساط الشعب المصري، كشخص جاء من الطبقة الوسطى، ووصل الى مواقعه الدولية بالكفاءة والمثابرة، ولكن مصر ليست سويسرا او السويد تختار رئيسها او قادتها وفق هذه المعايير.

الخلافات التي شاهدناها في اليومين الماضيين داخل اوساط جبهة معارضة التوريث، وما تمخضت عنه من انسحابات وتلاسن بين رموزها المعروفة، تعكس مأزق النخبة السياسية في مصر، وعجزها عن ادارة معركة معارضة التوريث بكفاءة وقدرة والحد الادنى من الادارة الجيدة.

انصار التوريث وادواتهم الاعلامية والسياسية الجبارة سيستغلون هذه الانقسامات بشكل بشع لتعزيز وجهة نظرهم، وزيادة حظوظ مرشحهم، والتقليل من صوابية منهج الآخرين ان لم يكن نسفه من اساسه.

يظل هذا الحراك المصري تجاه مسألة التوريث حراكا صحيا يمكن ان تستفيد من نتائجه شعوب اخرى، فاذا فشلت عملية التوريث في مصر فهذا قد يعرقل مثيلاتها في دول اخرى، واذا نجحت فان تلك الشعوب ونخبها يمكن ان تتعلم من دروس الفشل من حيث تجنب الاخطاء مبكرا.