رمز الخبر: ۱۷۸۱۰
تأريخ النشر: 08:22 - 23 November 2009
وخلال الايام العشرة الماضية دخلت السعودية عمليا الحرب ضد اهالي محافظة صعدة اليمنية بحجة ان مقاتلي صعدة هاجموا قاعدة "جبل دخان" التابعة للسعودية التي استخدمت خلال هذه الحرب انواع الطائرات الحربية والطائرات العمودية وارسلت كذلك 13 الف من القوات المدرعة والمشاة – ومعظمهم من اللواء 4 الخاص بالجيش السعودي-.
عصر ايران ، سعد الله زارعي – ان التطورات اليمنية اتجهت نحو الاقلمة وليس مستبعدا ان تاخذ قريبا بعدا دوليا. ان اقلمة وتدويل التطورات المتعلقة بالعالم الاسلامي هو اسلوب معروف يتبعه الغربيون وذيولهم الاقليميون وهدفهم تقليص دور الشعب والقوى الداخلية في الدول وتوجيه التطورات بالشكل الذين يريدونه هم.

وخلال الايام العشرة الماضية دخلت السعودية عمليا الحرب ضد اهالي محافظة صعدة اليمنية بحجة ان مقاتلي صعدة هاجموا قاعدة "جبل دخان" التابعة للسعودية التي استخدمت خلال هذه الحرب انواع الطائرات الحربية والطائرات العمودية وارسلت كذلك 13 الف من القوات المدرعة والمشاة – ومعظمهم من اللواء 4 الخاص بالجيش السعودي-. وقد قتل واصيب المئات ودمرت عشرات المنازل التابعة لاهالي صعدة الفقراء خلال هذه الاشتباكات. لكن ورغم ذلك مازال الحوثيون يسيطرون على قاعدة جبل دخان. ومن الجانب الاخر فان الجيش اليمني الذي هزم في جبهة غرب صعدة ، هاجم مناطق شرق صعدة الجبلية لكنه تكبد هزيمة اخرى في هذه المنطقة – كتاف- ايضا واستولت قوات الحوثيين على عدة معسكرات في هذه المنطقة.

وفيما يخص التطورات اليمنية يمكن الاشارة الى النقاط التالية :

1- ان الدخول العلني والعملياتي للسعودية على خط القتال ضد الشيعة في صعدة مؤشر على عجز حكومة علي عبد الله صالح والقوة المتزايدة للمقاتلين الحوثيين كما ان دخول السعودية في هذه الاشتباكات مؤشر على عدم نضج السلطات السعودية لان تدخل جيش تقليدي في حرب عصابات اذا كان فاعلا ، فان الجيش اليمني كان بامكانه تحقيق ذلك قبل ان يحققه الجيش السعودي.

ورغم ذلك فان الدخول العلني والعملياتي للجيش السعودي في الاشتباكات مع الشيعة بامكانه تحريك الاسماعيليين الذين يقطنون جنوب السعودية ويعيشون في محافظات جيزان وعسير ونجران ودفعهم الى دعم وحماية الشيعة في صعدة لذلك فان الحكومة السعودية لجأت مبكرا واكثر مما تصورته صنعاء ، الى الحوار الدبلوماسي وحتى انها اثارت قضية ايفاد هيئة سياسية الى ايران.

2- انه من غير المتصور ان ينتصر جيش تقليدي في حرب العصابات ، الا اذا كان هذا الجيش يضم وحدات خاصة بحرب العصابات وان تكون بتلك الدرجة من القوة لتتغلب على الطرف المقابل. ومن خلال دراسة هيكلية جيشي اليمن والسعودية فان الامر لا يبدو ان امكانية كهذه توجد تحت اختيار الحكومتين السعودية واليمنية. وفي الحرب بين الجيش التقليدي وقوات حرب العصابات ، فان مصلحة الاخيرة تكمن في اطالة أمد الحرب في حين ان حرب كهذه تكلف الجيش التقليدي اثمانا باهظة وتعمل على اضعاف معنويات افراده. وفي المشهد الحالي ، فان مقاتلي صعدة يسيطرون سيطرة تامة على سلسلة جبال اليمن الممتدة من مدينة الطائف السعودية وحتى مدينة عدن اليمنية وتستخدمها كمصدر عملياتي وغذائي و... مهم وتستطيع المقاومة لسنوات. وفي ضوء ذلك فان النصر على قوة كهذه هو ضرب من المحال.

3- ان نطاق سيطرة الحوثيين اخذ بالتوسع بصورة غير متوقعة. ان انصار هذه المجموعة قد تزايد اليوم وبلغ عشرات الالوف وهم يسيطرون على كل محافظة صعدة الاستراتيجية – ماعدا مدينة صعدة -. كما انهم يسيطرون على طريقين مهمين واستراتيجيين يوصلان صعدة بشمال وشرق هذه المحافظة ، ويستولي الشيعة في صعدة في الوقت الحاضر على اكثر من 60 قاعدة عسكرية للجيش في محافظتي صعدة وعمران ويتمتعون من الناحية العسكرية بالقوة لمواجهة اسلحة القوات الجوية.

4- وعندما بدأ القتال في صعدة ، اكد المقاتلون الحوثيون على نقطتين وهما ازالة التمييز عن اهالي صعدة ومنحهم الحريات الدينية. ويقول هؤلاء انه على الرغم من ان محافظة صعدة هي من اغنى المحافظات اليمنية الا انها اكثر فقرا من سائر المحافظات في اليمن. كما يقولون بانه على الرغم من ان الوهابيين لا يشكلون اكثر من واحد بالمائة من المجتمع اليمني فانهم يتمتعون بحريات اكثر واستطاعوا من خلال استغلال فقر الناس السيطرة على معظم المناصب الحساسة في الحكومة والبرلمان الا ان الشيعة الذين يشكلون ما بين 40 الى 55 بالمائة من سكان اليمن مهمشون وليس لديهم اي مساهمة في الحكومة الا ان دائرة المطالب قد توسعت اليوم فهم اصبحوا يطالبون بوضع حد للهيمنة السعودية على مناطق من اليمن – وتشمل ثلاث محافظات ونحو 10 جزر – ولا يعترفون بالحكومة العلمانية. كما انهم يطالبون بازالة الهيمنة السياسية للغرب على اليمن. وبهذا يجب القول بان الحكومتين السعودية واليمن ومن خلال اللجوء الى القوة استطاعتا فقط توسيع نطاق مطالب المقاتلين وعرضا انفسهما للانهيار.

5- ان احد اخطاء اليمن والسعودية ، هو اقحام ايران في القضية. ان مزاعمهم ضد ايران مثيرة للسخرية احيانا بحيث ان السعوديين مثلا ومن اجل تبرير حصارهم البحري لشمال اليمن زعموا بان "قوات الامن السعودية اليمنية المشتركة ، القت القبض على خمسة ايرانيين كانوا يستقلون سفينة تحمل السلاح وهي متجهة نحو محافظة حجة". كما زعم السفير السعودي في بيروت لدى لقائه قبل ايام رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري بان لديهم وثائق تثبت بان حزب الله يقوم بتدريب مقاتلي صعدة. في حين انه توجد في اليمن سوق رسمية لبيع وشراء الاسحلة – من الاسلحة الخفيفة الى شبه الثقيلة – كما ان استيلاء الحوثيين على 60 ثكنة عسكرية تابعة للجيش اليميني جعلهم في غنى عن الاسلحة. ان الزعم بان حزب الله يقوم بتدريب الحوثيين ناجم عن بلاهة معارضيه لان ماضي نشاطات حرب العصابات لمقاتلي الحوثيين وانصار احياء نظام الامامية في اليمن هو اكثر من ماضي نشاطات حزب الله ، فالاول له ماض يمتد على مدى 100 عام والثاني ماضيه يمتد على مدى 30 عاما على اكثر تقدير.

ان الحكومتين السعودية واليمن ومن خلال اقحام ايران فى القضية ارتكبتا خطأ استراتيجيا لان هزيمتهم ستكون بمثابة هزيمة امام ايران وهذا يزيد من ابهة ايران ويعزز من موقع معارضي هاتين الحكومتين الداخليين اضافة الى ان عداء ايران المعروف لاميركا واسرائيل يؤدي الى يتم اعتبار معارضة اليمن والسعودية لايران ناتج عن مسايرتهما لاميركا و اسرائيل.

6- وقد بدات الحرب الحالية في صعدة قبل اربعة اشهر. وعندما بدأت الحرب فان الحوثيين كانوا يشرفون فقط على المدخل الشمالي لصعدة لكنهم يسيطرون اليوم على مناطق حرف سفيان – المدخل الجنوبي – والملاحيظ – المدخل الغربي – وكتاف – المدخل الشرقي -. كما انهم حرروا منطقة كانت حتى قبل اسبوع تحت سيطرة السعوديين ولا يشاهد في مناطق عمليات الحوثيين لا جندي ايراني ولا طلقة ايرانية واحدة وليس هناك اي رغبة ايرانية في بدء او استمرار القتال. وتاسيسا على ذلك فانه يبدو ان الحكومة اليمنية وبدلا من التسليم بضعفها والعمل على تسوية مشاكلها داخليا ، اقحمت ايران في القضية لكي تتمكن من الحصول على المساعدات الاقليمية والدولية واخافة الحوثيين من اجل حل مشاكلها او تخفيضها.

7- ان بعض الاخبار تتحدث عن ان حكومة علي عبد الله صالح كانت تحاول السيطرة على صعدة من خلال ارتكاب مجزرة جماعية. ان هذا القرار اتخذ قبل بدء الجولة السادسة من القتال قبل اربعة اشهر. واساس هذه العمليات كان قائم على اتهام الحوثيين بالقيام بعمليات ارهابية ضد الرعايا الغربيين ورعايا الدول الجارة.

ان هجوم الجيش اليمني على مقاتلي صعدة بدأ اصلا تحت هذه الذريعة الكاذبة من ان الحوثيين اختطفوا 9 اجانب – 7 المان وبريطاني وكوري – وقتلوا ثلاثة منهم. وقد تحدثت قيادة الجيش اليمني مرة بصراحة عن ابادة مقاتلي صعدة الا ان الامور سارت بشكل بحيث ان اجراءات اليمن والسعودية المشتركة لاقت صعوبات كبيرة ويبدو انها سحبت "حاليا" من على جدول الاعمال.