رمز الخبر: ۱۷۹۵۶
تأريخ النشر: 09:12 - 26 November 2009
عصرایران - بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي يدرك ان اسرائيل تعيش حاليا ازمات خانقة، وتكاد تكون معزولة عالميا، منذ مجازرها في قطاع غزة مطلع هذا العام. وزاد تقرير القاضي ريتشارد غولدستون حول تلك المجازر من عزلتها هذه، وهذا ما يفسر ارساله شمعون بيريس رئيس الدولة وايهود باراك وزير الدفاع الى القاهرة، واعلانه المفاجئ امس عن مبادرته لتجميد الاستيطان في الضفة الغربية بعد اجتماع وزاري مصغر عقده برئاسته.

جهود باراك ـ بيريس في القاهرة فشلت في اقناع القيادة المصرية بالضغط على السلطة الفلسطينية للعودة الى مائدة المفاوضات مجددا على اساس وعود بتجميد الاستيطان فور استئناف العملية التفاوضية، ومبادرة نتنياهو واجهت المصير نفسه لانها تستثني القدس المحتلة من عملية التجميد هذه.

نتنياهو شخصية بارعة في المراوغة والخداع، ولكن اساليبه هذه لم تعد تنطلي على العرب، والسلطة الفلسطينية على وجه التحديد، ولكنها للاسف الشديد تجد اذانا صاغية في اوساط الادارة الامريكية التي رحبت بخطته الملغومة هذه واعتبرتها دفعة لعملية السلام.

وعندما نصفها بانها خطة ملغومة فذلك عائد لبنودها المخادعة، مثل التأكيد على ان القدس عاصمة موحدة وابدية للدولة الاسرائيلية، ولهذا هي مستثناة بالكامل من اي تجميد للاستيطان حيث سيستمر البناء فيها دون اي عوائق، واستخدامه تعبير 'جوديا وسماريا' في الاشارة الى الضفة الغربية، وتأكيده على العودة للاستيطان مجددا، وعلى الوتيرة السابقة نفسها، بعد انتهاء فترة الاشهر العشرة التي تعهد فيها بتجميد البناء ومصادرة الاراضي الفلسطينية.

ولعل ما هو اخطر من ذلك كله اصرار نتنياهو على ان قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح مرهون باعتراف الفلسطينيين والعرب باسرائيل دولة يهودية، اي شطب قضايا الوضع النهائي كليا من جدول المفاوضات، وخاصة قضيتي القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين.

السلطة الفلسطينية احسنت صنعا عندما بادرت، وعلى لسان الدكتور صائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات، برفض خطة نتنياهو هذه دون تردد، مشددة على ان تجميد الاستيطان يجب ان يكون شاملا، ويشمل القدس المحتلة ايضا جنبا الى جنب مع الضفة الغربية.

الادارة الامريكية التي لم تفاجأ بخطة نتنياهو هذه، اضافت سببا جديدا لتأكيد شكوك الفلسطينيين بانحيازها الى الجانب الاسرائيلي، وسقوطها في مصيدة نتنياهو، وتراجعها عن جميع وعودها ومواقفها السابقة والمعلنة حول رفضها للاستيطان في جميع الاراضي المحتلة بما فيها القدس، واصرارها على تجميده كشرط للعودة الى مسيرة المفاوضات.

ان تطلعات واشنطن بان تؤدي خطة نتنياهو هذه لاطلاق عملية السلام خيبت آمال العرب والفلسطينيين مجددا في نواياها للوصول الى تسوية للصراع العربي ـ الاسرائيلي، الامر الذي سيؤدي حتما الى اضعاف العناصر المعتدلة التي راهنت كثيرا على حدوث تغيير في السياسة الخارجية الامريكية بمجيء اوباما الى سدة الحكم.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليس مطالبا بالتمسك بموقفه بعدم الترشح في اي انتخابات فلسطينية رئاسية قادمة، وانما اتخاذ قرارات اخرى لوح بها، مثل حل السلطة وافساح المجال امام خيارات المقاومة باشكالها كافة.