رمز الخبر: ۱۸۳۴۲
تأريخ النشر: 08:38 - 07 December 2009
عصرایران - على طاولة الكبار وفي مقدمتهم موسكو وواشنطن لا تزال ايران هي الورقة المؤرقة، رغم انتهاء مدة معاهدة سارت الاستراتيجية واخفاقهما حتى الآن في استبدالها باخرى تنظم العلاقة بين اكبر المنتصرين في الحرب العالمية الثانية !

من جهتها فان رئيسة الديبلوماسية الامريكية هيلاري كلينتون بدأت جولة عالمية ومعها عدد من معاونيها في عواصم عديدة لاقناعها بالانضمام لحزمة جديدة من العقوبات على طهران، بعد انهدام الجسور التي سعت الى بنائها مع العاصمة الايرانية في كل من جنيف وفيينا !

وهكذا تبدو واشنطن وكأنها تسابق الزمن لتجميع اكبر عدد من الاصوات الدولية حول محور تشديد العقوبات على ايران بحجة عدم امتثال ايران للقرارات الدولية وتمنعها من التعاون مع خيار المحفزات، في حين ان الحقيقة تكمن في مكان آخر الا وهو حث اكبر عدد من الدول للضغط على ايران لضم جهدها لانجاح 'الهروب الامريكي المنظم' من العراق وافغانستان خلال العامين المقبلين !

واذا كان بعض العالم الحليف او الصديق مثل سورية وتركيا الذي زاره كبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي لطمأنته على ان ايران بالف خير وانها لن تتراجع قيد انملة عن حقوقها الثابتة والمشروعة وانها ماضية في التخصيب وفي بناء المفاعلات الجديدة، اذا كان هذا البعض قلقا على طهران وقلبه عليها, فان الاخيرة بالمقابل قلبها على حجر من صوان بطون جبالها التي تستعد لاحتضان مزيد من المفاعلات !

لا احد في ايران يتكتك بالنووي، ولا احد في ايران يجرؤ على مفاوضة الاجنبي على الحقوق، وقد بات هذا الامر من ثوابت رجال الحكم منذ ان ارسى المؤسس الراحل الامام روح الله الموسوي الخميني قاعدة: لا شرقية لا غربية جمهورية اسلامية !

انه نفس الكلام الذي يتردد البتة منذ نحو مائة عام او يزيد في صفوف الاسلام السياسي الايراني بتعابير مختلفة واليكم شاهدا واحدا منه:

'بعد سبعين عاما من العيش تحت راية الاسلام لن اقبل ان اظلل بقية عمري بعلم بريطانيا، ردوا العلم من حيث جاء' !

هذا الكلام الذي نستذكره اليوم هو للعلامة الكبير الشيخ فضل الله نوري وهو احد قادة الثورة الدستورية الايرانية في بدايات القرن المنصرم، والذي جاء ردا على محاولات بريطانية متذاكية لتقديم حماية سياسية لبعض قادة الثورة ضد الاستبداد الملكي لكسب بعض الوجاهة الشعبية ولجر البساط من تحت ارجل الروس الذين كانوا يتنازعون معهم النفوذ على الساحة الايرانية في تلك الفترة.

وهذا الكلام قد يكون هو التلخيص المكثف بدوره للتحول الحاصل بين طهران وعواصم الدول الكبرى بما فيها موسكو حول الموقف من الملف النووي !

يقول احمدي نجاد بهذا الخصوص 'لقد عرضنا عليهم شراء يورانيوم مخصب بنسبة عشرين بالمائة كمبادرة حسن نية حتى لا يتهمونا باننا مصرون على التخصيب العالي لاهداف غير مدنية لكنهم بدأوا بوضع الشروط، وعليه فاننا سنخصب بانفسنا وهذا ما تكفله لنا بنود اتفاقية حظر انتشار الاسلحة النووية، ولن يلومن احد من الآن فصاعدا الا نفسه، لاسيما اولئك الذين ضيعوا فرصة ذهبية نادرة '!

والذين ضيعوا مثل هذه الفرصة قد يقصد فيهم الامريكان هنا وقد يكونون هم الروس ايضا !

انها معركة توازي ان لم تكن اهم من معركتي تأميم النفط في عهد الراحل محمد مصدق وتأميم قناة السويس في عهد الراحل جمال عبد الناصر !

هذا ما تراه القيادة الايرانية العليا وتحديدا مرشد الثورة الامام آية الله علي خامنئي والرئيس احمدي نجاد في معركة التحدي النووي .

اما المنتصرون في الحرب العالمية الثانية والذين يختطفون القرار الدولي اليوم تحت مسمى المجتمع الدولي والقرارات الدولية وما شابه من تعبيرات، انما يريدون ان يتحكموا بمقدرات العالم في اطار قاعدة السيد والعبد او الذئب والحمل، ومن يتحكم في مجمل هذه المعادلة اليوم انما هو بقايا الامبراطورية الامريكية الجريحة والمترنحة تحت ضربات الشعوب والامم المغلوبة مدعومة بعربدة صنيعتها 'الشرق اوسطية' اي اسرائيل، وما الدول الاخرى المندرجة في اطار ما يسمى بالمجتمع الدولي الا ملحقات تتنافس مع الدولة الاولى للحصول على بعض الامتيازات هنا وهناك !

وعليه فان كل الصراخ والتهديد والوعيد والحرب النفسية التي تشنها امريكا ضد ايران انما المقصود منها ارعاب واخافة وتهديد دول التنافس معها من اوروبيين وروس وصينيين اكثر مما هم الايرانيون، الذين ثبت لواشنطن على الاقل بانهم آخر من يهابهم او يتخوف او يقلق مما يسمونه بعقوباتهم الاقتصادية فضلا عن قدرة واشنطن على ردعهم سواء عن الاستمرار في التخصيب او رفعه الى مستوى العشرين بالمائة، ناهيك عن بناء المزيد من مفاعلات التخصيب وفي بطون الجبال !

فلماذا اذن كل هذا التصعيد ولماذا توالي مواعيد الفرصة الاخيرة التي بين الفينة والفينة يعرضون؟!

ومن ثم ماذا جنت روسيا من تصويتها الى جانب الذئب الامريكي في مجلس حكام الوكالة الدولية غير المزيد من انعدام الثقة وغير المزيد من ضياع فرص التعاون الاقتصادي مع طهران وربما لحساب دول غربية منافسة؟!

انها نتيجة الصراعات البينية فيما بين دول المنتصرين في الحرب العالمية الثانية والتي تصور افول نجمها الواحدة بعد الآخر .

اما طهران فقد اثبتت انها لن تتفاوض على استقلال قرارها فضلا عن مفاوضة احد على حقوقها الشرعية الثابتة في توطين التكنولوجيا النووية وصناعة الوقود النووي كاملا وغير منقوص .

ومثل ما استفاق العالم مذهولا ايام بوش الابن ليسمع بعبور ايران خط تكنولوجيا التخصيب مسجلا خيبة امل مخابرات الدولة الاعظم، وفي سنة اوباما الاولى عبورها لصناعة المفاعل المحصن ببطون الجبال سيستفيق يوما ليسمع بانها خصبت بنسبة عشرين بالمائة، وبنت خمسة مفاعل جدد تم تعيين اماكنها منذ الآن لتكون محصنة مثل مفاعل بلدة الشهداء 'فردو' القريبة من قم المقدسة !

فهل من ينصح واشنطن باعادة النظر في مواعيدها المقدسة، وينصح موسكو بان ترد العلم من حيث جاء ؟ ذلك ان طهران اختارت علمها ولن تستظل باعلام غيرها بعد ثلاثين عاما من الاستظلال بعلم الثورة والاستقلال والحرية والتحرر من نير التبعية !

انها معركة الكفاح من اجل انتزاع الاعتراف رغما عن انف اعلام الكبار !

ومن يقود المعركة المباشرة رجل من جنس الناس، ممن اعتادوا ان لا ينحنوا لغير الله، وعليه فان الافضل لمن يبحث عن حل واقعي مع طهران وحلفاء طهران من غزة الى لبنان هو ان ينحني هو لارادة الشعوب الصاعدة قبل فوات الاوان والا فعليه مواجهة الطوفان !