رمز الخبر: ۱۸۶۱۹
تأريخ النشر: 08:20 - 14 December 2009
محمد صادق الحسيني
عصرایران - فيما تقترب ايران من انتزاع اعتراف امريكي 'مشروط' بدورها الاقليمي غير القابل للانكار او الاستبدال سواء عبردور ما 'للمحلل' التركي او اي 'محلل' او وسيط ستعثر عليه واشنطن في المستقبل بعد ما انتهى مفعول خياراتها العسكريتارية في المنطقة، لا يزال العرب لاسيما ما بات يعرف منهم بدول 'الاعتدال ' يفتقرون الى الطريق الموصلة الى علاقات سليمة ومطبعة مع طهران خارج تأثيرات وتداعيات عصر بوش الابن الامبراطوري الآفل !

ولمن لايزال يعتقد ان بامكان واشنطن ان تحشد ما بات يعرف بالمجتمع الدولي ضد طهران، او يتصور ان بالامكان هز طهران من الداخل من خلال شرذمة من المشاغبين والمشاكسين من اشباه المثقفين البائسين الذين يحاولون التدثر بعباءة هذا او ذاك من اركان الثورة او اللعب على حبال خلافات بعض اركانها او تقمص شخصية معارضة دينية هنا او هناك، نقول لاولئك كما لهؤلاء بان زمن العودة الى طهران ما قبل الخميني او حتى تعديل الصورة الحالية لطهران السائرة بتعليمات وقيادة خامنئي، ان لم يكن بات من المستحيل فهو من الاوهام واقرب منه الى السراب منه الى الواقع المتاح !

نعم ثمة ارباك واضطراب امريكي حول انجع الوسائل للوصول الى تسوية ما مع طهران، وثمة نوع من انواع المكابرة والكيدية واخذ للملف النووي الايراني بمثابة 'رهينة' في جدول اتصالات ادارة اوباما السرية والعلنية مع عدد من دول العالم الصديقة لها، للوصول الى اقل الخسائر الممكنة في معادلة التعايش مع نظام طهران الحالي كما هو، لكن ما هو مهم بالنسبة لاشقائنا العرب هو الخروج من غرفة الانتظار السلبي التي يعيشون فيها على كل الصعد، والانتقال ولو لمرة واحدة الى مرحلة المبادرة والاقدام قبل ان تفرض عليهم الوقائع والمعادلات فرضا !

بالمقابل لابد من التأكيد ايضا بان ثمة سياسة خليجية عقلانية متوازنة تجاه طهران وضعت قواعدها مسقط مبكرا وهي في طريقها للتحول الى اشبه ما يكون بالمحور العماني القطري البراغماتي مؤخرا والآخذ في طريقه بالتوسع من خلال انضمام الكويت اليها رويدا رويدا، يتلمس طريقا متفاوتا ومختلفا عن واشنطن ولندن مع الجارة ايران، مطلوب من النظام العربي الرسمي التأمل فيه عميقا قبل فوات الاوان !

انعقاد القمة الخليجية في الكويت في لحظة الاضطراب العالمي والارباك الامريكي والتشنج الاقليمي سواء بسبب الازمتين الاقتصادية والمالية العالمية او بسبب عصر التيه الذي ادخلنا فيه بعض النظام العربي الرسمي بسبب ارتهانه للعبة الامريكية او انبهاره بقدراتها الفائقة غير القابلة للنقض، يتطلب من المجتمعين في الكويت قرارا بمستوى التحدي المطروح على طاولة كل ملك او رئيس !

ومن دون مجاملة مع احد ولا محاباة لاحد نقول ان دول مجلس التعاون الخليجي اليوم على مفترق طرق في النظرة تجاه ايران، فاما ان يعلنوا انحيازهم التام والواضح لما سميناه مجازا بالمحور العماني القطري المتصالح مع الجارة ايران ولا نقول المتضامن بالضرورة فضلا عن المتحالف وهو الامر الذي نعرف انه غير الممكن الآن في ظل الظروف التي نعرفها عن طبيعة الانظمة وسياساتها وخصوصياتها، واما ان يصبح هذا الاقليم اشبه بساحة فوضى وتنازع ناهيك عن امكانية ان يتحول الى ضحية تذهب 'فرق عملة' كما يقال في الصراع المحتدم والمتوقع ان يتصاعد في الاشهر المقبلة بين المشروعين المتضادين واللذين غالبا ما يتم اختصارهما مجازا بالمشروعين الايراني والامريكي وان كان في الاختصار بعض العسف والتبسيط !

وان تكون متصالحا مع طهران اليوم لا يعني مطلقا ان تكون قابلا او راضيا على كل سياسات النظام الايراني ناهيك ان تكون مسرورا بالضرورة بعقيدة الرئيس احمدي نجاد او سياساته على سبيل المثال لا الحصر !

ولان اللحظة حرجة للغاية والوقت ليس وقت التجربة والخطأ بعد كل ما عانته المنطقة فان العقل السليم يقول بان القبول بايران 'بعجرها وبجرها' لا يمكن الا ان يكون لمصلحة اهل المنطقة وخيرها وان في ايران بمجملها من الخير الوفير بما يمكن توظيفه لصالح القضايا العربية دون الحاجة لان نتأثر بمزاعم الاجنبي القادم من بعيد والذي لا يريد لايران اية ايران كانت ان تكون اصلا الى جانب العرب وهذا هو بيت القصيد، وعليه فان من ضمن مقولة القبول هذه هنا لابد ان يكون مبدأ عدم التدخل في الشؤون الايرانية الداخلية 'المحضة' والاهم عدم المراهنة على امكانية التأثير على قرارها من الخارج!

بالمقابل فان على ايران ان تدرك الآن وفي هذه اللحظة بالذات بان 'الحرب الناعمة' التي انطلقت ضدها غداة انتخابات الرئاسة الايرانية الاخيرة بدعم امبراطورية الاعلام العالمي الصهيو امريكي والناطق بالعربية احيانا، انما تأتي في اطار السيطرة والهيمنة على 'سوق' الرأي العام العربي اولا والعالمي ثانيا، وهو الامر الذي ينبغي ان يدفعها لتجعل من اطمئنان ورضا وارتياح و'قبول' او تقبل الرأي العام العربي اولا والعالمي ثانيا لها، جزءا اساسيا من سياستها الخارجية وليس امرا ترفيهيا او ثانويا !

وعليه فان المطلوب من ايران ان تجعل من اولى اولوياتها التعامل المتميز والمتمايز مع جيرانها العرب والمسلمين يقوم اساسا على فتح حوار شامل من المصارحة والمكاشفة بما يرفع كل اشكال اللغط المتعمد والخبيث الذي تحيكه كل من لندن وواشنطن وربيبتهما اسرائيل حول العلاقة التاريخية الاخوية بين الضفتين العربية والايرانية من جهة وحول نوايا ايران الحقيقية تجاه اخوانها العرب من جهة اخرى ! اعرف ان الكثيرين من اشقائنا العرب مصرون على وجود تدخل ايراني 'فاضح' في الشؤون العربية الداخلية، بل ان ثمة من بات يعتبره اقرب الى 'الاحتلال' منه الى التدخل كما يصر بعض اخواننا العراقيين زورا وبهتانا، بل ان بعضهم الآخر يذهب الى ابعد من ذلك ويعتبره اخطر من الامريكي والاسرائيلي! وهو بذلك يشط بعيدا عن كل اشكال التعقل .

لكن ما عليه ان يعرفه في هذه اللحظة بالذات بان ايران الدولة المسلمة والثورية قد اختارت ومن دون رجعة خيار التماهي مع هموم واهتمامات جيرانها واخوتها العرب لاسيما فيما يخص الصراع العربي الصهيوني ولن تتراجع عن ذلك دون التحقق الكامل لكافة حقوق العرب التاريخية والشرعية الثابتة في فلسطين وكل الارض العربية المحتلة صدق البعض بذلك ام لم يصدق، وقلق البعض من ذلك ام لم يقلق، واشتاط البعض غضبا من ذلك ام لم يشتط، بل لو ان الدنيا كلها عقدت العزم على تغيير عقيدتها في هذا الموضوع فانها ماضية فيه ما دام الحاكم في طهران من جنس الناس وعلماء الدين وحركة التحرر الاسلامية الايرانية التي تدير سكان البلاد والعباد منذ الحادي عشر من شباط / فبراير في العام 1979 !

وان جوهر ما يدور اليوم من معارك، الباطن منها والظاهر سواء تلك التي تتمظهر في الداخل الايراني او تلك المتمظهرة من حول ايران تحت عنوان ما يسمى بالملف النووي او بغيره، انما المقصود منه بالاساس ثني ايران عن المضي قدما بهذه 'العقيدة' سلما او حربا، وما عدا ذلك ليس الا من باب التفصيل الممل ان لم يكن المضلل والمحشو باللغط المتعمد والمقصود احيانا !