رمز الخبر: ۱۸۸۶۵
تأريخ النشر: 09:10 - 20 December 2009
عصرایران - القدس العربی - اعترف توني بلير بحقيقة الجريمة ، و بعظمة لسانه أقر بأنه كان يخطط لغزو العراق العربي المسلم حتى لو لم تتوفر حقيقة امتلاكه لأسلحة محرمة دوليا.. صحيح أنه ربما كان تصريحه بمثابة الصدمة للبعض الذين مازالوا يعيشون على أوهام وأحلام 'عدالة الغرب' 'ومصداقيتهم' لكن هذه الحقيقة لم تكن مفاجأة لمن خبروا السياسة البريطانية التي ارتمت في أحضان المغول الجديد الولايات المتحدة الأمريكية التي عشش في أوكار بيتها الأبيض ومراكز القرار هناك مجموعة كبيرة من الصهاينة و 'المتصهيينين 'وسيطروا على منابع ومنافذ الحلول والقرارات الدولية لمشاكل المنطقة العربية الحزينة ...ونسجوا خيوط الاعتداءات والمؤامرات ليلا نهارا من أجل تركيع وترويع الشعوب العربية والإسلامية المغلوبة على أمرها... وكان لهم ذلك دون عناء او جهد إضافي في ظل وضع عربي بلغ مستوى الرداءة فيه عنان السماء.

لقد كشف الاعتراف القبيح لتوني بلير الحقيقة الغائبة عن الذين علموا بالمخططات الجهنمية التي تحاك ضد العراق منذ نهاية حرب الخليج سنة 1991 الذي حولوه تجار الحروب ومن أغمض عينيه عن نواياهم الخبيثة إلى هياكل وأشباح.. وشعبه إلى ضحايا ومشردين.. خبزه اليومي الألم وماؤه دماء تنهمر بلا هوادة ذنبه الوحيد في ذلك هو أنه شعب عربي أبي..لم يقبل بالذل والقـــــهر والاســتيلاء على ثرواته كما رفض و يرفض دوما اغتصاب حقوق أمته التي عاثت بها وبكل ما تملك وريثة أجداد توني بلير في فلسطين المحتلة - إسرائيل - التي من أجلها يهون الغالي والنفيس الأوروبي والأمريكي ولا أمن لنا بعد غياب أمنها ولا حقوق لنا قبل حقوقها في تهويدنا وتفتيتنا وحصارنا وقتلنا وتشريدنا.

السؤال المهم الذي بات من المؤكد الإجابة عنه حتى تكتمل الصورة، ويتضح المشهد وتتضح بقية الحقيقة والنوايا السيئة التي تعودنا عليها في توجهاتهم وسياساتهم المدمرة من وراء هذا الاعتراف الذي يخفي عدة أهداف ومشاريع، وغايات طبعا تنذر بالخطر كالعادة على مستقبلنا المظلم.. هذا السؤال هو لماذا أعترف بلير بهذه الحقيقة الآن بالذات؟ ثم ما الذي دعاه للصداح بتلك النوايا التي كانت مبيتة من أجل احتلال العراق؟ وهذا يجرنا إلى سؤال آخر أكثر عمقا.. هو ما هو تأثير هذا الاعتراف على مجريات الأحداث الساخنة في المنطقة حاليا، خصوصا في الشارع العراقي ودماء الأبرياء الزكية تسيل، وأشلاء الضحايا تتطاير إلى يومنا هذا نتيجة تلك الحماقة والجنون والتهور السياسي والعسكري الذي ارتكبوه في بلاد الرافدين؟

لقد وضع تصريح بلير حدا للقراءات المختلفة حول غزو العراق الذي تواطأ فيه أغلب أبناء جلدتنا قبل صناع الحروب في الغرب تحت شماعات التضليل والخيانات التي تثير مرة أخرى أكثر من سؤال سيظل معلقا ينتظر إجابات من عالمنا العربي والإسلامي قبل غيرهما، أولها هل كانت الحكومات العربية تعلم بأسباب وأهداف غزو العراق الحقيقية التي أقرها بلير؟ إن كانت على علم لماذا لا تتحرك حينها وتمنع الكارثة التي عادت بالوبال علينا جميعا؟ وإن كانت لا تعلم أين هذه الحكومات مما يحاك ضد شعوبها وقادتها ومقدراتها...؟ كما يحولنا مباشرة هذا الاعتراف إلى البحث عن إجابات أخري لسؤال لا يقل أهمية عن الأسئلة التي طرحناها وهو ألم يدرك 'السيد' توني بلير أن هذا الاعتراف القبيح يمثل تحديا جديدا لأمتين العربية والإسلامية وشعبيهما، وسخرية فاضحة من الجميع دون الأخذ في الاعتبار ردود الأفعال التي ربما ستخلط عدة أوراق تناستها الشعوب المضطهدة المحتلة أراضيها، وستطفو من جديد على الساحتين كراهية وحقد أكثر لأمريكا وبريطانيا اللتين عاثتا في مصالحنا كرامتنا منذ القدم فسادا وإفسادا وتحقيرا...؟