رمز الخبر: ۲۰۷۳۷
تأريخ النشر: 09:43 - 20 February 2010
عصرایران - يُعقد في الدوحة كل عام منتدى «أميركا والعالم الإسلامي»، ويضم عدداً كبيراً من ممثلي الجانبين الإسلامي والأميركي الرسمي والفكري. وتعتقد واشنطن أن هذا المنتدى هو من علامات الاهتمام بالعالم الإسلامي وقضاياه. وفي عام 2010 كان اجتماع المنتدى محل اهتمام خاص لأنه الأول الذي يعقد لمناسبة مضي عام تقريباً على مبادرة أوباما نحو العالم الإسلامي، وقد تحدثت وزيرة الخارجية الأميركية بالفعل عن تأكيد الالتزام الأميركي بقضايا العالم الإسلامي، كما تضمن خطابها عدداً من المشاريع التنموية مع بعض الدول في المنطقة.

ولا أظن أنه يمكن أن نضيف إلى ما كتب حول إعلان واشنطن عجزها عن تحقيق السلام في فلسطين من دون أن تبدي الأسباب، ومع ذلك أعلنت واشنطن أنها لن تتخلى عن التزامها السعي نحو هذا السلام. فما هي المشكلة بالنسبة إلى واشنطن والعالم الإسلامي؟ ولماذا أحبطت واشنطن العالم الإسلامي مرة أخرى بعد أن رأى هذا العالم بنفسه كيف ارتد أوباما إلى موقع بوش مع اختلاف الأسماء والألوان، وهل حقاً أن واشنطن لا ترى طريقاً منطقياً ومنهجاً علمياً يقبله العالم الإسلامي في تعاملها معه، أم إن واشنطن تستخدم مثل هذه المنابر للدعاية لنفسها كالمرشح الذي قدم نفسه غير مرة بالبرنامج نفسه إلى أجيال من الناخبين معتقداً بانقطاع الذاكرة وعجز هذه الأجيال عن إدراك الخطأ في برامجه؟

اعتقد أن المشكلة لا تحتاج إلى اجتهاد، ذلك أن النية الأميركية وحدها والكلمات المنمقة كافية لكي تدرك واشنطن أن العالم الإسلامي في ناحية وواشنطن في ناحية أخرى. كما أن خطاب هيلاري كلينتون في منتدى الدوحة يوم 13 شباط (فبراير) 2010 كان يوجه رسالة ضد إيران من خلال الحديث عن اهتمام واشنطن بالعالم الإسلامي بعد أن رسمت الوزيرة الأميركية صورة بشعة لإيران، وكأنها تريد أن تقول إن أنانية إيران في حيازة السلاح النووي هي المشكلة الأساسية التي تحول بين واشنطن والعالم الإسلامي، ولذلك يجب أن يتكاتف العالم الإسلامي معها لزجر إيران وعزلها عن الساحة الدولية، وربما التمهيد لضرب قوتها حتى يستقيم سلوكها مع تعاليم الإسلام كما تفهمها واشنطن.

والحقيقة التي يجب أن تعرفها واشنطن والتي كررها المتحدثون المسلمون في هذا المنتدى هي أن العالم الإسلامي يريد أن تكون واشنطن قوية في مواجهة التعنت الإسرائيلي وأن تكف عن تواطئها مع ضياع الحقوق العربية، وأن تدفع بجدية وبالتفاهم مع حلفائها من حكام المنطقة نحو ديموقراطية حقيقية، وأن تتصدى مع الشعوب العربية لوقف الفساد الذي أدى إلى تآكل الكيانات العربية والإسلامية. يريد العالم الإسلامي أن تنقذ واشنطن القدس والمسجد الأقصى قبل هدمه بتشجيع أميركي مكشوف، وأن تتخلى عن هذا النفاق السافر الذي إن قبلته الحكومات الإسلامية تأدباً وتلطفاً فإن الحقائق على الأرض والشعوب الإسلامية تأباه في الواقع. وما دامت واشنطن تدعم قهر الشعوب الإسلامية تحت مسمى الإرهاب، وتسلط إسرائيل لكي تعربد في هذه المنطقة بالقوة والدعم من واشنطن، وتسعى إلى تبديد الحقوق الفلسطينية وإبادة العرق الفلسطيني وتعويق أي مصالحة بين الفلسطينيين بل وتشجيع الشقاق بينهم، فإن واشنطن ستظل مهما رقت كلماتها هي السبب الأساسي في تدهور هذه المنطقة. ولكن الغريب أن واشنطن ضربت مثلاً مؤلماً في الفارق بين الشعب والسلطة في نظام ديموقراطي، فكيف تتصرف السلطة التي انتخبها الشعب على غير القيم التي يعتنقها المجتمع الأميركي.

فهل يؤيد المجتمع الأميركي إبادة سكان غزة من طريق الحصار لأنهم يقيمون في منطقة تحكمها «حماس»؟ وهل يعتبر الشعب الأميركي أن «حماس» التي فازت في انتخابات 2006 هي المنظمة الإرهابية لأنها تدافع عن الشعب ضد المحتل وتطالب بحقوقه، بينما إسرائيل الأقوى في المنطقة تستخدم كل الأسلحة بدعم أميركي للقضاء على سكان غزة. وهل يقبل المجتمع الأميركي أن تتستر حكومته على جرائم إسرائيل التي كشفها تقرير غولدستون في غزة حتى يفلت المجرم الصهيوني من العقاب؟ وهل يقبل المجتمع الأميركي أن تتلاعب إسرائيل بدعم من حكومته بأشواق السلام في المنطقة عند شعوبها، فضلاً عن الجرائم التي ارتكبتها بلاده تحت ذرائع متعددة وعناوين متباينة. سوف تضيع واشنطن وقتها وتفوت على المنطقة فرص العيش الكريم ما دامت تدور في فلكها من دون أن تتأمل الرؤى الإسلامية التي يتم التعبير عنها كل يوم وفي كلمات المشاركين في هذا المنتدى. وأخيراً، فإن المنتدى بذاته هو مجرد منصة تعلن فيها المواقف، ولكنه ليس دليلاً على اهتمام واشنطن بالعالم الإسلامي بالشكل الذي يريده المسلمون.