رمز الخبر: ۲۱۳۱۲
تأريخ النشر: 08:29 - 16 March 2010
مارست واشنطن خلال الاسابيع الاخيرة ضغوطا على الدول العربية لاقناعها باعطاء ضمانات للصين بان هذه الدول العربية (السعودية والامارات) ستزود الصين بالنفط بدلا من النفط الايراني في حال وافقت بكين على فرض عقوبات على ايران.
عصر ايران – تعتبر الصين في الوقت الحاضر احدى العقبات التي تعترض فرض الغرب المزيد من العقوبات والضغوطات على ايران وان هذا التساؤل اثير لدى المراقبين من انه عندما لا تكلف الموافقة على تكثيف الضغوطات الدولية ضد ايران ثمنا كبيرا على الساحة الدولية ، لماذا يعارض المسؤولون الصينيون ممارسة ضغوطات اكبر على طهران؟

وثمة وجهتا نظر في هذا الخصوص :
ويرى بعض المراقبين بان معارضة الصين لفرض عقوبات على ايران ناتج عن حاجة الصين الى النفط الايراني.
ويعتقد هؤلاء المراقبون بان الصين تستورد مئات الالوف من براميل النفط يوميا من ايران وان تكثيف العقوبات على ايران قد يعرض تزود الصين بالطاقة الى الخطر. ومن جهة اخرى يرى هؤلاء بان الصين واضافة الى استيراد النفط الايراني فان لها تواجدا جديا وقويا في السوق الايرانية وان اتفاقيات النفط والابواب المفتوحة للسوق الايرانية امام الصين ، تشكل امتيازات بالنسبة للصين بحيث ان مسؤولي هذا البلد غير جاهزين للتخلي عنها بسهولة.

وفي اطار هذه الرؤية ، مارست واشنطن خلال الاسابيع الاخيرة ضغوطا على الدول العربية لاقناعها باعطاء ضمانات للصين بان هذه الدول العربية (السعودية والامارات) ستزود الصين بالنفط بدلا من النفط الايراني في حال وافقت بكين على فرض عقوبات على ايران.

الا ان فريقا اخر من المراقبين له رؤية هي ابعد من ذلك ويرون ان سبب معارضة الصين للغرب لفرض عقوبات على ايران وعزلها ، يعود الى البعد الجيوسياسي.

ويرى هؤلاء المراقبون بان معارضة الصين لتكثيف العقوبات على ايران وعدم مسايرتها للغرب لعزل ايران على الساحة الدولية ليس له اسباب اقتصادية بحتة وان الاسباب الاقتصادية تشكل فقط جزء من اسباب معارضة الصين لمقاطعة ايران.

ومن وجهة نظر هذه المجموعة من المراقبين فان السبب الرئيسي لمعارضة الصين لفرض عقوبات على ايران يعود الى القلق من النفوذ المتزايد للولايات المتحدة في منطقة جنوب غرب اسيا والسيطرة على هذه المنطقة (التي تشكل المصدر الرئيسي لتوفير الطاقة في العالم) من قبل واشنطن.

ويضيف هؤلاء بان الصين تعتقد بان ايران تعد احد السواتر الترابية المهمة في المنطقة لمواجهة نفوذ وهيمنة واشنطن وانه في حال تمكنت اميركا من تغيير نظام الحكم في ايران فان هيمنة واشنطن على نفط المنطقة ستكون حتمية وان واشنطن ستتمكن من خلال استخدام اداة النفط من ايجاد متاعب للاقتصاد الصيني – الذي يعد التحدي المستقبلي لاميركا- .

ويعتقد هؤلاء المراقبون بان مسؤولي بكين غير قلقين على الحكومة والشعب الايرانيين وليسوا اعداء لاميركا ، بل انهم يفكرون بامن مستقبل اقتصادهم ويرون بان اميركا انفقت خلال الاعوام الثمانية الماضية مئات مليارات الدولارات على حربين مدمرتين ومكلفتين من اجل السيطرة على المنطقة الرئيسية لتوفير الطاقة في العالم وان احد اهم اهداف اميركا من التواجد في المنطقة هو مراقبة الصين وروسيا من خلال التمسك باداة الطاقة ، لذلك فان اي مسايرة من جانب بكين لهذا الهدف الامريكي ستكون في الحقيقة مساعدة واشنطن على احتواء مستقبل الاقتصاد الصيني الاخذ بالنمو.

ويضيف هؤلاء انه اذا كانت نظرة الصين الى ايران نظرة اقتصادية بحتة لكان عليها تفضيل مستقبل علاقاتها مع اميركا نظرا الى حجم العلاقات الاقتصادية بين بكين وواشنطن مقارنة بالعلاقات الاقتصادية بين بكين وطهران ، لان حجم العلاقات الاقتصادية بين الصين وايران يتخطى بصعوبة 20 مليار دولار فيما بلغ حجم العلاقات الاقتصادية بين الصين واميركا اكثر من 400 مليار دولار عام 2009 وان هذا التبادل هو لصالح الصين بنسبة 260 مليار دولار.

بعبارة اخرى ، فان الصادرات الامريكية الى الصين بلغت 70 مليار دولار عام 2009 فيما صدرت الصين في العام ذاته اكثر من 330 مليار دولار من البضائع والخدمات الى اميركا وان هذه الموازنة الايجابية التي هي لصالح الصين ، لا يمكن ان يغفلها المسؤولون الصينيون.

وبناء على ذلك فان هذه المجموعة من المراقبين ترى بان اسباب معارضة الصين لعزل ايران ليست اقتصادية بحتة وان بكين تتابع من وراء ذلك اهدافا جيوسياسية وهي قلقة من السيطرة الامريكية على جنوب غرب اسيا.

واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الوضع الحالي للعلاقات بين الصين واميركا ، فانه يمكن ان نؤيد الرؤية الثانية بشكل اكبر لان اميركا تستخدم حاليا قضايا مثل بيع السلاح لتايوان ودعم الدلاي لاما ومعارضة انتهاك الصين لحقوق الانسان كاداة ضد بكين وفي هذا السياق فان السلطات الصينية يجب ان تتمسك من جانبها بادوات لمواجهة هذه السياسة الامريكية وان عدم التماشي الكامل مع عزل ايران يعد احد هذه الادوات التي تستخدمها بكين امام اميركا.