رمز الخبر: ۲۲۴۱۴
تأريخ النشر: 10:59 - 30 April 2010
ان العلماء والمتخصصين بشؤون شرق وغرب العالم المتحضر ، يعتبرون البابليين بانهم اقدم قوم بدأوا بصورة جادة بدراسة الكرة الارضية. ان هؤلاء افترضوا في دراساتهم المتبقية منذ ثلاثة الاف سنة ، صورة الارض بانها مستوية ومحاطة ببحر فارس اطلقوا عليه على طريقة الاشوريين اسم نارمراتو nar marratu اي "نهر المياه المالحة".
عصر ايران، الدكتور بيروز مجتهد زادة - ان المجتمع البشري ومنذ بدء كتابة التاريخ والجغرافيا بصورة علمية ولحد الان ، لم يعرف البحر الذي يفصل الجرف القاري الايراني عن شبه الجزيرة العربية سوى باسم "بحر فارس" او "الخليج الفارسي" ، ماعدا اليوم حيث ان بعض الاوساط المنتمية الى القومية العربية المتطرفة تحاول لاسباب خاصة تغيير هذا الاسم.

ان العلماء والمتخصصين بشؤون شرق وغرب العالم المتحضر ، يعتبرون البابليين بانهم اقدم قوم بدأوا بصورة جادة بدراسة الكرة الارضية. ان هؤلاء افترضوا في دراساتهم المتبقية منذ ثلاثة الاف سنة ، صورة الارض بانها مستوية ومحاطة ببحر فارس اطلقوا عليه على طريقة الاشوريين اسم نارمراتو nar marratu اي "نهر المياه المالحة". وبعد البابليين ، انتعشت الابحاث العلمية على يد اليونانيين والايرانيين.

فقد شرح ابوريحان محمد بن احمد الخوارزمي في كتاب "التفهيم لاوائل صناعة التنجيم" التصنيفات التي تم تداولها لحد تلك الفترة حول صورة جغرافيا الارض ويقول حول التصنيف الذي اعتمده اليونانيون بان هؤلاء قسموا اليابسة على الارض الى قارات ايسيا "اسيا" ولوبية او ليبية "افريقيا" و اوروبي "اوروبا" واعتبروا مياه الارض على انها محيط هامشي يحيط بالكرة اليابسة وتفرعت منها اربعة بحار بالاسماء التالية تمتد الى الصفحة المستوية لليابسة :

1- البحر المتوسط Mediterranean الذي سمي في عصر الروم ب خليج الروم Roman Gulf.
2- بحر خزر Caspian Sea وكان يفترض بانه بحر مفتوح ومتصل بالمحيط الجانبي.
3- خليج بارس Sinus Persicus الذي كان يسمى في عصر الروم وعلى طريقة الايرانيين ب "بحر بارس" . Mare Persicum
4- الخليج العربي او Sinus Arabicus الذي كان يطلق على البحر الاحمر الحالي.

ان الاثار المتبقية من اليونان القدامى لا تترك مجالا للشك بان هذا التقسيم والتصنيف كانا متداولين بين جميع كتاب التاريخ والجغرافيا في اليونان القديمة بمن فيهم طالس ملتي Thales of Melitus 546- 640 قبل الميلاد ، واناكسي ماندر Anaximender 546- 612 قبل الميلاد، وكوسماس اينديكوبلوتس Indicopleutes نحو 535 قبل الميلاد ، وهكاتوس Hecataus ( نحو 500 قبل الميلاد ، واراتوستن Eratosthenes نحو 200 قبل الميلاد ، واسترابو Strabo الذي كان يعيش تزامنا مع التاريخ الميلادي.

ونظرا الى الاثار القليلة المتبقية من ايران القديمة ، بما فيها كتيبة "حجر الرشيد" التي اعدت في عهد داريوش الكبير الاخميني في منطقة الزقازيق القريبة من القناة التي حفرت بين نهر النيل والبحر الاحمر في مصر ، فان الايرانيين القدامى في العصر الاخميني كانوا يسمون هذا البدن المائي المهم ب "بحر بارس".

ويشير داريوش الاخميني في هذه الكتيبة : درايا تيا هتشا بارسا آيتيayiti draayaa tyaa hachaa paarsaa
اي البحر الذي ياتي من بارس الى هنا. ان هذه الجملة من داريوش الشاه الاخميني تشير الى هذه الفرضية بانه على النقيض من وجهة نظر اليونانيين القدامى الذين كانوا يعتبرون المياه الداخلية في العالم اربعة ، وكانوا يسمون احداها "خليح فارس = Sinus Persicus ، فان الايرانيين القدامى كانوا يعتبرون المياه الداخلية في الكرة الارضية اثنين ، "بحر بارس" و "بحر الغرب" الذي سمي فيما بعد البحر المتوسط وبحر الروم وبالتالي البحر الابيض المتوسط اي بمعنى "وسط اليابسة".

ان هذه الفرضية تتحول الى واقع عندما نرى بان الاثار التاريخية والجغرافية في العصر الاسلامي تعرض بحثا مسهبا حول تقسيم المياه الداخلية للكرة الارضية وتقسمها الى بحرين هما بحر فارس وبحر الروم.

وفي هذا السياق فان اعمالا ومؤلفات مثل "صور الاقاليم" لابوزيد البلخي (نحو 321 هجري) ، و"المسالك والممالك" لابو اسحق ابراهيم بن محمد الاصطخري (نحو 346 هجري) ، و"صورة الارض" لابو القاسم محمد بن حوقل النصيبي البغدادي (نحو 367 هجري) وعدد اخر من الاعمال المعتمدة في القرون الاولية الاسلامية تعرض شرحا مسهبا ومفصلا عن الفرضية الايرانية القائلة بثنائية المياه الداخلية للكرة الارضية واطلاق اسم "بارس" على الهيكلية العظيمة للمياه الشرقية للعالم والتي تعرف اليوم بالمحيط الهندي ومتفرعاته.

ان الفرضية الايرانية القائلة بثنائية المياه الداخلية للكرة الارضية حتى اشير اليها في القران الكريم ، بحيث ان ابوبكر احمد بن محمد المعروف ب ابن الفقيه يعتبر في الصفحة 9 من "مختصر البلدان" الذي ألف عام 279 هجري ان القصد من البحرين اللذين ذكرا في الايات 20 و 21 و 22 من سورة الرحمن هو بحري فارس والروم ويقول "قال الله عز وجل : مرج البحرين يلتقيان...
يروى عن الحسن قال : بحر فارس والروم" ...

ان كتاب الجغرافيا المذكورين في القرون الاولية الاسلامية لاسيما علماء مثل ابن حوقل والاصطخري اعتبروا في الاجمال تسمية الخليج الفارسي بانه دليل على عظمة وشموخ ارض فارس.

وقد ايد شهاب الدين احمد بن عبد الوهاب النويري ، وهو من كتاب الجغرافيا في العصر الاسلامي في كتاب "نهاية الارب" نظرية ابن الفقيه ويقول : يتفرع من البحر المحيط خليجان : احدهما من جهة المغرب ويسمى الرومي والاخر من جهة المشرق ويسمى البحر السيني والهندي والفارسي واليمني والحبشي بحسب ما يمر عليه من البلاد.

ان هذا البحث الذي طرحه النويري في اواسط القرون الاولية الاسلامية يظهر بان اسم جميع بحار مشرق الارض التي اشير اليها في سورة الرحمن في القران الكريم كانت تعرف ب "بحر قارس" وقد تغير وضعها مع الوقت وحسب قول المقدسي البشاري في القرن الرابع الهجري فان كلمة "فارس" شملت الهيكلية المائية التي كانت تمتد من فارس الى اليمن.

ان هذا الوضع استمر حى القرن العشرين في تسمية البحار الداخلية للعالم في حين ان مغرب الارض واتباعا لكتاب الجغرافيا اليونانيين والروم القديمة ، فان البحر الذي كان يفصل الجرف القاري الايراني عن شبه الجزيرة العربية كانوا يطلقون عليه اسم "الخليج الفارسي = Sinus Persicus بحر فارس". كما ان الشرق الاسلامي واتباعا لكتاب الجغرافيا في ايران القديمة والقرون الاولية الاسلامية كانوا يسمونه "البحر الفارسي ". ومنذ بداية القرن العشرين تم تدريجيا اعتماد وتداول عبارة "الخليج الفارسي = Persian Gulf في الادبيات الجغرافية للشرق الاسلامي شانه شان سائر مناطق المجتمع البشري محل "البحر الفارسي = بحر بارس".

وعلى الرغم من ان السير تشارلز بلغريو Sir Charles Belgrave المندوب السياسي للحكومة البريطانية في الخليج الفارسي قام في عقد 1930 وبعد تبديل طوائف جنوب الخليج الفارسي الى الامارات العربية واكمال خطة شطب ايران من جنوب الخليج الفارسي والتي بدات منذ دخول الاستعمار البريطاني الى المنطقة عام 1820 ، قام باعداد ملف لتغيير اسم هذا البحر الى "الخليج العربي" لكنه لم يحظ باهتمام الحكومة البريطانية، وقام في عام 1959 كمستشار لحاكم البحرين بارغام الشيخ سلمان ال خليفة على استخدام لفظ العربي بدلا من الخليج الفارسي ، وفي الحقيقة فان انتصار الانقلابين العسكريين للبعثيين في العراق عامي 1958 و 1968 ، شكل بداية للاجراءات الجادة لتغيير هذا الاسم الجغرافي والذي اتسم بطابع عنصري بحت وان البعث العراقي لم يترك في توضيحاته مجالا للشك بان الهدف الرئيسي من تغيير الاسماء الجغرافية والمزاعم حول الارض ضد ايران في منطقة الخليج الفارسي كان اظهار الحقد الايديولوجي تجاه ايران.

وعلى الرغم من المحاولات المالية والدعائية للنظام البعثي العراقي البائد وبعض الشيوخ العرب في جنوب الخليج الفارسي في ممارسة الدعاية الاقليمية والدولية لتغيير هذا الاسم وهو اول واخر نموذج لتغيير الاسماء الجغرافية لدواع سياسية ، فان هذا الاجراء المغاير للقرارات والمبادئ العلمية ، لم يحظ بالقبول الضروري لدى شعوب العالم. ان "مجموعة متخصصي الامم المتحدة لتوحيد الاسماء الجغرافية UNGOGN ليس تؤكد وتؤيد على الدوام فارسية اسم الخليج الفارسي فحسب ، بل ان الامانة العامة للامم المتحدة قد اكدت من خلال عدة بيانات (تعليمات) رسمية خلال الاعوام المختلفة على اسم الخليج الفارسي.