رمز الخبر: ۲۳۶۰۲
تأريخ النشر: 09:04 - 15 June 2010
سیناریوهات ما بعد الهجوم الاسرائيلي على ايران
عصر ايران، ضياء الدين احتشام – تقلع القاذفات الاسرائيلية من قاعدة في مركز فلسطين المحتلة، وتمر عبر اجواء الاردن وشمال السعودية والنصف الجنوبي من العراق لتصل الى ايران من غربها.

وينقسم السرب الاسرائيلي الى اربع مجموعات : المجموعة الاولى تتجه نحو نطنز والمجموعة الثانية نحو فردو بقم والثالثة نحو مفاعل اراك للماء الثقيل والرابعة نحو منشات اصفهان.

وتنطلق صفارات الانذار في المنشات النووية الايرانية. وتبدا المضادات الجوية باطلاق النار ، وبعد لحظات، تسقط قنابل تزن عدة اطنان من تلك الطائرات وتدمر جميع المنشات النووية الايرانية خلال دقائق.

وتنفذ العمليات بنجاح، وتعود الطائرات الى قواعدها الجوية بسلام. وهناك يكون قائد القوة الجوية الاسرائيلية بانتظارها لاستقبال الطيارين الذين شاركوا في هذه العمليات التاريخية كابطال وطنيين.

وفي ايران، يعقد مجلس الوزراء اجتماعا طارئا ويعتبر هذا الاجراء بانه انتهاك سافر للقوانين الدولية ويندد به بشدة.

كما يصدر مندوب ايران لدى الامم المتحدة بيانا شديد اللهجة ضد اسرائيل يتم توثيقه كوثيقة رسمية ايرانية.

وتنظم حشود الجماهير في المدن الايرانية مظاهرات احتجاجية ضد اسرائيل وتهتف بقوة الموت لاسرائيل.

وتدعم بعض دول العالم هذا العمل الاسرائيلي وتعتبره خيارا لابد منه بالنسبة لاسرائيل للدفاع عن نفسها. الا ان البعض الاخر من الدول يعتبر هذا الهجوم بانه عدوان سافر ويندد به وتلوذ مجموعة اخرى من الدول بالصمت.

وتتصدر عملية تدمير المنشات النووية الايرانية بواسطة الطائرات الاسرائيلية العناوين والصفحات الرئيسية للصحف في العالم واخبار القنوات التلفزيونية ... ومن ثم ينتهي كل شئ تدريجيا ويصبح جزءا من التاريخ.

ان هذا هو الحلم الذي يحلم به الاسرائيليون، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
***

وكانت اسرائيل قد هاجمت المنشات النووية العراقية (اوزيراك) عام 1981 واستطاعت من دون دفع اي ثمن تدمير القدرات النووية العراقية.

وكانت ردة فعل بغداد على ذلك الهجوم ليس سوى الانفعال واللجوء الى الصمت. الا ان ايران عام 2010 تختلف اساسيا مع العراق عام 1981، بحيث ان هذين البلدين لا يمكن اساسا مقارنتهما باحدهما الاخر.

وكان العراق ، في تلك الفترة يخوض حربا مع ايران، ولم يملك الارادة السياسية للدخول في مواجهة مع اسرائيل وكان برنامجه النووي يمر بمراحله الاولية. لذلك فان ما تم، هو عمليات ليست معقدة بشكل يذكر ولم تحقق انجازا يذكر ايضا وكان من الطبيعي الا يريد العراق "المنهمك في حرب في الشرق" فتح جبهة في الغرب والرد على الهجوم الاسرائيلي.

الا ان ايران اليوم، قد وضعت جميع خططها وبرامجها العسكرية والدفاعية منذ البداية على محور التهديد الاسرائيلي وصده.



واضافة الى ذلك فان ثمة ارادة سياسية وقوة وطنية ملحوظة في ايران للرد عسكريا على الاجراء العسكري الاسرائيلي المحتمل.

ان الحكومة الايرانية لن تطيق اطلاقا هذا العار حتى تسكت امام الهجوم الاسرائيلي وتكتفي بالاجراءات الدبلوماسية.

وليس هناك اي شك بان ايران ، سترد على اي هجوم عسكري بسرعة فائقة لانه فيما عدا ذلك ، ستذهب كل شعاراتها ومصداقيتها وكرامتها ادراج الرياح.

وستضع ايران على جدول اعمالها الحرب غير المتماثلة في الرد على اي هجوم، وهي حرب غير كلاسيكية لا يستطيع احد تقييم ابعادها.

ان المنشات النووية الاسرائيلية ، يمكن ان تكون الضحية الاولى للهجوم على المنشات النووية الايرانية، ويشكل هذا مصداقا كاملا للرد بالمثل.

وعلى الرغم من اسرائيل ركبت مضادات جوية قوية لحماية منشاتها لكنها لن تستطيع القيام بشئ امام الكم الهائل وغير القابل للتكهن من "انواع الصواريخ" القادمة من "الاتجاهات المختلفة".

وستكون لايران مفاجئات امام اسرائيل. وهذا ليس مجرد زعم وتبجح ، بالضبط مثلما فوجئ الاسرائيليون في حرب ال33 يوميا بالاسلحة الجديدة المضادة للسفن والدروع التي استخدمها حزب الله. ولم تكن اسرائيل حتى قبل هذه الحرب خسرت فرقاطاتها من طراز "سائر" ودباباتها من طراز "ميركافا".

وعلى افتراض ان تتمكن الطائرات الاسرائيلية من الوصول الى ايران، فانها ستكون امام مهمة صعبة ومعقدة لانه اولا : ان المضادات الجوية الايرانية لن تقف مكتوفة الايدي وسيواجه الطيارون الاسرائيليون على الارجح وضعا مختلفا في سماء ايران ، يجهلونه.

وثانيا : ان المنشات النووية الايرانية ، ليست كمنشات اوزيراك العراقية، عبارة عن عدة مبان على الارض ومن دون اي دفاعات. بل هي مجموعات واسعة منتشرة في مناطق مختلفة من بلاد مترامية الاطراف ويقع بعضها في اعماق الارض وفي اعماق الجبال تحميها الصواريخ والمضادات الجوية من كل صوب.

ان الطائرات التي تبتعد مسافة 2000 كلم عن قواعدها، ستمر بالتاكيد بظروف غير مرغوبة في ظل كونها تفتقد الى الجبهة الخلفية الداعمة لها وهي في ارض غير معروفة وتواجه انظمة مجهولة ايضا.

وثالثا : على افتراض ان جميع او بعض الطائرات سيكون بامكانها العودة، لكن هذا السؤال يطرح نفسه وهو الى اين ستذهب؟!

لا يوجد ادنى شك بان الصواريخ الايرانية الجاهزة للاطلاق، ستصل الى القواعد الجوية الاسرائيلية قبل ان تعود اليها الطائرات التي انطلقت منها.

ان هذا المشهد، ليس بعيدا عن الاذهان بان الطيار الاسرائيلي لن يستطيع وهو يقترب من مدرح الهبوط من الاتصال ببرج المراقبة لان برج المراقبة كان قد دمر قبل دقائق واصبح مدرج الهبوط يشبة "مزرعة تم حرثها".

ويبدو ان وكالات الانباء في العالم ، ستبث بشكل متزامن نبأ الهجوم الاسرائيلي على ايران والهجوم الايراني على اسرائيل، بالضبط مثل تكتكة عقارب الساعة بحيث ان الفاصل الزمني بين "تيك" و "تاك" وجيز بدرجة انه لا يمكن حسابه. ان الحرب بين اسرائيل وايران، ستسمى مشروع "التكتكة (تيك تاك)".

وفي ظل ظروف كهذه فانه لن يكون امام اسرائيل سوى خياران، اما ان تلوذ بالصمت وتعمل على اعادة بناء انقاض ما دمره الهجوم الايراني عليها وتلاحظ بتاثر واستغراب بان ايران تواصل نشاطاتها النووية. ان هذه الحالة اي الصمت، ازاء هجوم واسع النطاق ومذهل ومسبب لخسائر بالغة ، سيكون بمثابة هزيمة استراتيجية لاسرائيل التي ترد حتى على اطلاق رصاصة من بندقية كلاشينكوف بالمدفعية والصواريخ والقنابل.

والافتراض الثاني، ان تقوم اسرائيل ازاء هذا الهجوم الايراني بشن هجمات جديدة. وهذا يعني ان الموضوع قد تجاوز مرحلة ال "تيك" و "تاك" وتكون حربا من العيار الثقيل قد بدات ، ليست ابعادها واضحة ولا نطاقها ولا حدود ساحة المعارك فيها.

ان هذه الحرب ستخلف دمارا في ايران ، لكنها ستكون مدمرة بالنسبة لاسرائيل. بعبارة اخرى، وفي اسوأ الحالات، فان هذه الحرب ستخلف دمارا في ايران لكنها ستقضي على اسرائيل. ان دخول الامريكيين ساحة المعركة سيجعل الامر اصعب بالنسبة لايران وطبعا فانه سيتم استهداف القوات الامريكية في المنطقة وفي الدول التي تستضيفهم وستتوسع حينها رقعة الحرب.

ان التحليل الشامل لظروف اسرائيل ، يظهر بان اسرائيل التي تضم مهاجرين، لا تستطيع ابدا الدخول في حرب طويلة الامد لانها لم تجرب لحد الان حربا استمرت اكثر من 33 يوما في حين ان ايران مازالت قائمة رغم مواجهتها لحرب استمرت على مدى ثمانية اعوام.

وحتى اذا هاجمت اسرائيل ، ايران بالسلاح الذري، فان شدة الهجمات التي ستشن ضدها ، ستفعل باسرائيل نفس الشئ الذي تفعله القنبلة الذرية بايران.

ان اندلاع حرب حقيقية ومن العيار الثقيل ينتشر لهيبها في جميع المدن الاسرائيلية، يعني عمليا نسف كل ما قامت به اسرائيل على مدى 60 عاما الماضية لاستقطاب اليهود من ارجاء العالم الى فلسطين، خاصة وان الحرب المحتملة بين ايران واسرائيل لن تتوقف عند حدود اطلاق الصواريخ من قبل الجانبين وان اسرائيل ستتورط في حرب على الارض ايضا.

ورغم ان ايران ستتضرر بشدة في هذه الحرب لكنها ستبقى "ايران" الا ان اسرائيل ستواجه دمار بناها التحتية والهجرة العكسية والفناء الداخلي لان الاناس الذين جاؤوا الى اسرائيل من مختلف مناطق العالم، لم يرحلوا عن ديارهم الاصلية من اجل ان يقتلوا في سبيل هذا "الوطن الوهمي" لذلك فان العودة ستكون خيارا سهلا بالنسبة لهم.

ان اول قاذفة اسرائيلية تتمكن من تجاوز الحدود الايرانية، ستكون بمثابة انطلاق مشروع تغيير الخريطة السياسية للشرق الاوسط وستندلع نيران في المنطقة يطال شررها العالم اجمع سواء بشكل مباشر او غير مباشر.

ان حلم اسرائيل لن يتحقق من دون ادنى شك لكن الكوابيس ستجثم على صدر المنطقة لسنوات الى ان يتضح ما الصرح الذي سيقوم على انقاض "اسرائيل السابقة".