رمز الخبر: ۲۴۶۶۳
تأريخ النشر: 09:32 - 03 August 2010
عصرایران - وکالات - حاولت الولايات المتحدة أمس التخفيف من حدة تصريحات رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأدميرال مايك مولن، حول وجود خطة أميركية لضرب طهران في حال اقتضى الأمر. وقال السفير الأميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية غلين ديفيز في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا يجب أن نقرأ الكثير في هذا التصريح». وأضاف «هو سئل سؤالا مباشرا حول ما إذا كانت هناك خطط عسكرية على الطاولة، وكونه رجلا عسكريا، رد بنعم».

وأصر ديفيز على أن تصريح مولن جاء بسبب خلفيته العسكرية، مشيرا إلى أنه بسبب ذلك لا «يجب أن تشكل تصريحاته مفاجأة»، وقال: «هذا ما يدفع العسكريين للقيام به: التفكير في خطط الطوارئ». وفي وقت كانت الإدارة الأميركية تعتمد الرد التقليدي بالقول إن «كل الخيارات مطروحة» عندما تتحدث عن إيران، فقد خرج مولن عن التقليد أول من أمس عندما رد بالإيجاب على سؤال خلال مقابلة مع تلفزيون «إن بي سي» حول وجود خطة عسكرية لضرب إيران لمنعها من حيازة سلاح نووي. ولكن مولن تابع يقول إنه لا ينصح بتطبيق هذه الخطة بسبب عواقبها المفجرة للمنطقة.

ولكن الدبلوماسي الأميركي الذي يتخذ من فيينا مقرا له، ويزور لندن حاليا، شدد على أن تصريحات مولن لا تعني أن الدبلوماسية انتهت مع طهران، بل إن الفرصة لا تزال سانحة لها. وقال: «نحاول في فيينا إحراز تقدم عبر طريقين في سياستنا مع إيران: إشراكها (في الدبلوماسية) والتحفيز من جهة، والضغط من جهة أخرى». وأضاف «نأمل أن تساعدنا هذه السياسة للوصول إلى نقطة حيث تبدأ إيران بالتصرف بطريقة يريد المجتمع الدولي أن يراها تتصرف، وهي الشفافية».

كما رفض ديفيز الحديث عن تغيير في الاستراتيجية الأميركية تجاه إيران، وأنها باتت تعتمد أكثر على الضغوط، من الدبلوماسية، كما كان وعد الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى تسلمه السلطة. وقد أثار الحديث عن ذلك استقالة رئيس القسم الإيراني في الخارجية الأميركية قبل يومين جون ليمبرت، وانتقاده لتعاطي الإدارة مع الملف الإيراني. وقال في تصريح صحافي بعد استقالته: «طوال 30 عاما اعتمدت السياسة في طهران وهنا على من يمكن أن يكون مؤيدا أكثر من الآخر... وإذا أردت أن تغير ذلك، ماذا يحدث عندما لا تحصل على نتائج فورية؟ من السهل جدا الانزلاق إلى الأسلوب القديم».

إلا أن السفير الأميركي في فيينا، قرأ تصريحات ليمبرت على أنها «تحذير» من عدم الانزلاق إلى الأسلوب القديم، أكثر منها تصريح. وقال: «لا أعتقد أن الإدارة غيرت استراتيجيتها، أعتقد أنها صادقة منذ البداية. أوباما قال يوم تسلمه السلطة، إننا نمد يدنا، وإذا أخذتم يدنا سنصافحكم... ثم قال إن الضغط يأتي إلى جانب ذلك».

وليمبرت كان واحدا من الرهائن في السفارة الأميركية في طهران عام 1979, وهو خبير في الشؤون الإيرانية، وقضى سنوات طويلة يعمل في الإدارة المتعاقبة على الملف الإيراني. وقد عاد بطلب من كلينتون بسبب خبرته لترؤس مكتب إيران في الخارجية. وقد وصفه ديفيز بأنه «دبلوماسي الدبلوماسيين»، وقال إنه «يريد أن يرى حلا دبلوماسيا في إيران، ولذلك أنا لست متعجبا من سماعه يطلق هذا التحذير». ولكنه أضاف «لا يمكن أن نحاول إلى الأبد بأن نشرك إيران دبلوماسيا من دون أن يستجيبوا، وهم لم يستجيبوا، عندما سنبدأ بتطبيق سياسة الضغوط، ولكن هذا لا يلغي سياسة الإشراك التي ما زالت موجودة ويتم تطبيقها».

وكشف ديفيز من جهة أخرى عن اجتماع تحضيري سيعقد بين مجموعة فيينا (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا) وإيران بمشاركة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، للبحث في كيفية إعادة إطلاق المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني ككل، وليس فقط حول اتفاق تبادل الوقود النووي. وقال إن الاجتماع سيعقد في فيينا في وقت قريب، قد يكون بداية سبتمبر (أيلول) المقبل.

ومن المتوقع أن تستأنف المفاوضات بين مجموعة فيينا وطهران في سبتمبر المقبل، فقط حول قضية التبادل الوقود النووي وليس حول برنامج إيران النووي التي تقودها الدول الست الكبرى أو ما أصبح يعرف بدول «5+1» (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا إضافة إلى ألمانيا). ولكن ديفيز قال إن الاجتماع التحضيري الذي تأمل مجموعة فيينا أن يعقد في بداية سبتمبر لن يكون منفصلا عن المفاوضات مع مجموعة «5+1» لأنه سيبحث سبل إعادة إطلاق المفاوضات الكاملة.

وتبحث مجموعة فيينا في الوقت الحالي في رسالة تلقتها من طهران ردا على أسئلة كانت وجهها أمانو لها لتوضيح 9 نقاط غامضة في «إعلان طهران»، وهو اتفاق التبادل الوقود النووي الذي رعته تركيا والبرازيل. إلا أن ديفيز أشار إلى أن طهران لم ترد في الرسالة على أي من النقاط الـ9 التي طرحت الوكالة أسئلة حولها، وكل ما ذكرته أنها مستعدة للعودة لطاولة المفاوضات. وقال: «نحن الآن نقيم الرسالة... ولكن الرد لم يعالج مصادر القلق...».

ولكنه أوضح أن مجموعة فيينا لا تنتظر ردا مفصلا من طهران، ولكن بعض الإشارات تكفي. وقال: «نحن بحاجة لأن نرى بعض الإشارات إلى أن إيران تفهم قلق روسيا وفرنسا والولايات المتحدة من تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة. ولم نر هذا بعد. لذلك، ربما ما سنفعله هو عقد اجتماع تمهيدي مع الإيرانيين، يشارك فيه أمانو، ونبحث في كيفية التقدم من هنا». وأضاف: «أعتقد أن الاجتماع يمكن أن يعقد في بداية سبتمبر، وهذا ليس منفصلا عن محادثات مع مجموعة 5+1».

وكان رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية علي أكبر صالحي قال إن رد طهران على رسالة أمانو سيكون ردا عاما، وإن «الرد التقني» سيناقش خلال اجتماع مع مجموعة فيينا. وقال صالحي أيضا إن طهران تفضل أن تعقد هذه المفاوضات في تركيا، متوقعا أن تبدأ بعد نهاية شهر رمضان، أي في نحو منتصف سبتمبر.

وتعليقا على إمكانية أن تلعب تركيا دورا في المفاوضات مع إيران حول تبادل الوقود النووي أو المشاركة في المفوضات التي تقودها مجموعة «5+1»، قال ديفيز: «في مفاوضات المفاعل النووي، أعتقد أن تركيا ستلعب دورا في مرحلة معينة حول ذلك. ولكن في مفاوضات الـ5+1، يجب الانتظار لنرى».

وردا على سؤال حول تأييد واشنطن لتدخل تركي أكبر في المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، خصوصا مع التوتر القائم مع أنقرة وتل أبيب، رفض ديفيز إعطاء إجابة واضحة، وقال: «تركيا والبرازيل لعبا دورا إيجابيا ولكن من المبكر الحديث عن دور في المفاوضات». وكان وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قد عبر عن قلقه من أن تنقل تركيا معلومات إلى إيران حول إسرائيل، واتهم رئيس الاستخبارات التركي الجديد هاقان فيدان بأنه مؤيد لإيران، وقال إن «هذا الأمر يخيفنا». وكانت طهران قد رفضت عرض البرادعي في أكتوبر (تشرين الأول) 2009 حول تبادل الوقود النووي، واشترطت لقبول العرض شروطا اعتبرتها الدول الكبرى غير مقبولة، ما دفع إيران إلى تقديم اقتراح مضاد تمثل في «إعلان طهران». إلا أن الدول الكبرى رفضت هذا العرض، أو وضعت عليه ملاحظات وطالبت طهران بتوضيحها.

وبموجب «إعلان طهران» الذي تم التوصل إليه في مايو (أيار) هذا العام، وافقت إيران على نقل 1200 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى تركيا في غضون شهر، على أن تتسلم في المقابل خلال عام 120 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة حتى يستمر تشغيل مفاعل للأبحاث الطبية في طهران.

ولكن مجموعة فيينا اعتبرت أن العرض الذي رعته تركيا والبرازيل يحمل الكثير من الغموض. وقال ديفيز أمس إن هناك جوانب في هذا الاتفاق «لا تجيب على أسئلة أساسية حول طبيعة اتفاق المفاعل النووي». وأضاف «مثلا طهران قالت إنها تريد مبادلة كل الوقود، وهذا يعادل 1200 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب، بـ120 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة، خلال عام، وهذا غير معقول من الناحية التقنية».

ويقود الاتحاد الأوروبي أيضا جهودا لإعادة جمع إيران على طاولة المفاوضات مع الدول الست الكبرى، وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون قد بعثت برسالة إلى إيران تطلب منها العودة إلى طاولة المفاوضات حول برنامجها النووي، وليس فقط تبادل الوقود النووي، وما زالت تنتظر ردا. وقال ديفيز عن ذلك: «الأوروبيون ينتظرون الآن رد إيران على رسالة أشتون، وعلينا تقييم ذلك». وأضاف «هناك اهتمام بأن نتقدم نحو حوار حقيقي مع الإيرانيين، ولم نر حتى الآن ذلك يحصل. نريد أن نرى إذا كانت إيران مهتمة بالحديث عن برنامجها النووي، وهذا قلقنا الرئيسي ومطلبنا الرئيسي».