رمز الخبر: ۲۴۹۷۱
تأريخ النشر: 09:38 - 16 August 2010
محمد صادق الحسيني
عصرايران - تتسارع الاحداث وتتشابك فيما بينها الى درجة يصعب معها القطع برأي او بضده فيما يتعلق بسيناريوهات الحرب او التهدئة بين واشنطن وتل اتبيب من جهة وبين طهران وحليفاتها الاقليميات من جهة اخرى .

على صعيد آخر فانه ورغم اهمية كل سيناريوهات الحرب او التهدئة الموضوعة منها على الطاولة او تلك المعدة للتمرير من تحت الطاولة لمستقبل المنطقة , فقد اصبح كلام الامين العام لحزب الله اللبناني في مؤتمره الصحفي الشهير الذي كشف فيه اسرارا سمعية وبصرية استخبار اتية خطيرة تعرض للمرة الاولى حول امكانية تورط الكيان الصهيوني في اغتيال رفيق الحريري هو العنوان وهو الحدث بعينه ابتداء من التاسع من آب وهو المفاجأة الجديدة في سلسلة مفاجآت السيد والتي من شأنها ان تقلب صورة المشهدين الاقليمي و الدولي كلها !

فدوائر البيت الابيض استنفرت فجأة لتبعد شبح الحرب عن المنطقة وتقول بان سيد البيت الابيض يريد ان يعطي فرصة كافية للعقوبات الاقتصادية لتفعل فعلها قبل اللجوء الى اي اجراء آخر !

اما مستشار الامن القومي الامريكي فقد اطلق بالونا هو الاول من نوعه منذ تولي الرئيس اوباما سدة الرئاسة في البيت الابيض وذلك عندما قال : ان امكانية لقاء اوباما باحمدي نجاد ممكن والامر يعتمد على تقدم مباحثات طهران مع مجموعة فيينا لتبادل الوقود النووي .
في هذه الاثناء يعلن رئيس لجنة شؤون الامن والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني بان مجموعة فيينا قد قبلت بيان طهران للتبادل ما يعني ان المحادثات قد تنطلق في اي لحظة !

من جهتها فان شركة لوك اويل الروسية الكبرى تستعجل فجأة استئناف ارسال البنزين الى ايران بعد توقف اعقب قرارالعقوبات الشهير واذا بها تقوم بارسال 25 الف برميل منه الى بندر عباس الايراني على ان تعقبه فورا شحنة اخرى خلال اسبوعين وذلك عبر احد اذرع امبراطوريتها الضخمة وهي الشركة الايطالية ليناسكو !

لكن الحدث الاهم في هذه الاثناء هو الاتصال الهاتفي لرئيس مؤسسة الطاقة الذرية الروسية المتعهدة باطلاق العمل في مفاعل بوشهر الذري بوكالة رويترز للانباء لاعلامها بان البدء في تغذية المفاعل بالوقود النووي سيكون في الحادي والعشرين من آب اوغسطس الحالي وهو ما سيحدث بالفعل على ما يبدو بعد مماطلة وتلكؤ دام سنوات طبقا للتوقعات الايرانية !

بالمقابل فان الاتهامات الاسرائيلية المركزة ضد حكومة العدالة والتنمية في انقرة على خلفية انضمامها الى المحور السوري الايراني منذ بيان طهران الشهير حول التبادل النووي والذي ضم الى جانب تركيا البرازيل ايضا والتحفز المستمر ضدها منذ الهجوم الوحشي على قافلة الحرية وسفينة مرمرة , والحساسية البالغة التي يبديها حكام تل ابيب تجاه حكومة اردوغان ورئيس استخباراته هفان فيدان بشكل خاص واتهامه بانه بات الجسر الجديد لطريق قوافل تسليح حزب الله كما جاء في تقرير مفصل لصحيفة كوريري ويللاسيرا الايطالية على لسان مراسلها لشؤون الاستخبارات اولومبيو , يدفع البعض الى احتمالات قيام الحكام الصهاينة بعملية عسكرية ما ضد احد اطراف التحالف الاقليمي المتوسع ضد الكيان الصهيوني في اي لحظة خطأ في الحسابات او غفلة من احد الاطراف !

ومن باب الاحتياط والحذر واليقظة التامة وعلى الرغم من دعوة الرئيس نجاد اوباما الى المناظرة والحوار واستعدادات الخارجية الايرانية ومجلس الامن القومي الاعلى لانجاح الحوار مع مجموعة فيينا اثناء شهر رمضان المبارك على ما يبدو و كذلك الجزء الثاني من الحوار مع المجتمع الدولي اي مع مجموعة الخمسة زائد واحد والذي يفترض ان يبدأ في ايلول المقبل فان الانباء المتسربة من اجتماع قيادي هام جمع المرشد الاعلى للثورة الاسلامية مع قادة كبار من الوحدات الخاصة والبحرية الايرانية تفيد بان المرشد الاعلى قد اعطى تعليماته الصارمة : "بان يكون خليج فارس في قبضة البحرية الايرانية تماما تحسبا لاي طارئ" كما جاء على لسان قائد البحرية الايرانية !

وهكذا سارعت بحرية قوات الحرس الثوري بالاستقرار الكامل في ميناء بندر عباس والانتشار بمئات القوارب المطاطية المدججة بالاسلحة الصاروخية المتطورة لتجعل العدو يندم على اية حماقة قد يفكر فيها كما جاء على لسان وزير الدفاع الايراني وهو ما عاد واكد عليه وزير الخارجية لدى عودته من زيارة تشاورية هامة له الى دمشق !


ولكن يبقى الحدث الذي قلب الطاولة على رؤوس الصهاينة هو ما جاء على لسان نصر الله !
فالقرائن والمعطيات الخطيرة التي عرضها سماحة السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحفي المذكور تصلح بامتياز لان تكون قاعدة قوية لمطالبة عامة من جانب الرأي العام اللبناني والعربي تتبناها المعارضة اللبنانية الوطنية للدعوة لتشكيل محكمة لبنانية وطنية مهمتها الاساسية البحث بجدية فيما اذا كانت المعطيات الجديدة هذه الى جانب ما لايزال يختزنه ارشيف السيد بعد وهو الاخطر على ما يبدو يصلح كمادة اولية غنية لاستصدار قرار ظني يتهم بوضوح الطرف الذي بات المشتبه به الاول باغتيال الرئيس رفيق الحريري اي الكيان الصهيوني !

ومن لم يدرك او يستوعب خطورة النقلة النوعية التي احدثها السيد في مسار التحقيق حول اغتيال الحريري فاننا نذكره بالقاعدة القانونية الاولية البسيطة التي تقول ان مجموعة من القرائن والمعطيات المتتالية والمتواترة والموثقة هي التي قد تقود الى الدليل الدامغ لتجريم هذا او ذاك من الاطراف المشتبه بهم !

وفي هذه الحالة التي نحن بصددها فان سماحة السيد حسن نصر الله يكون من خلال القرائن والمعطيات المحكمة التي قدمها ,قد قلب الطاولة عمليا على رأس لجنة التحقيق الحالية واجبرها ان ارادت ان تبدو موضوعية على البدء من الصفر وباطلاق تحقيق موسع مع القادة الامنيين والعسكريين والسياسيين الصهاينة قبل الاقدام على اية خطوة اخرى في اي اتجاه كان , وهو ما يعني عمليا بداية النهاية لمسار لجنة التحقيق السابق , وربما اطلاق رصاصة الرحمة لاحقا على المحكمة الدولية الحالية من الاساس والتي يجمع الحكماء والعقلاء من المختصين بهذا الشأن بان ما من محمكة دولية اقيمت في تاريخ المحاكمات الدولية الا وكانت سياسية وتابعة لحكم معادلة المهيمنين على القرار الدولي !

وعليه فان مفاعيل ما قام به سماحة الامين العام لحزب الله اللبناني عمليا يكون فتح ثغرة اساسية في مخطط التآمر الدولي ضد محور المقاومة ما يعني انه قد غير عمليا قواعد لعبة الكر والفر اذا لم يكن قد غير قواعد الاشتباك في المنطقة بالتمام والكمال !
وهكذا يظهر لدينا جليا تداعيات وتأثيرات مفاجآت سيد المقاومة في سياق لجنة التحقيق الدولية وانعكاسات ذلك على مجمل المشهدين الاقليمي والدولي !

السؤال الآن هو هل ثمة من احد في العالم الغربي او اي من حلفائه في المنطقة او في لبنان من يستطيع ان يخرج الكيان الصهيوني من عنق الزجاجة التي ادخل نفسه فيها بعد ان قرر تحدي المقاومة في قراره الظني المفبرك , ام ان السيد امسك بزمام المبادرة ولم يعد بالامكان انقاذ الصهاينة من حبل مشنقة جريمة اغتيال الحريري ؟!

بين كلام السيد - الحدث والكلام الذي تم تداوله خلسة في الاعلام الغربي منذ بعض الوقت عن "الصفقة" المقترحة مع ايران حول ملفها النووي وافغانستان يظهر صانع المفاجآت اللبناني الاول وكأنه هو من يمسك هذه الايام بتلابيب اللعبة الاقليمية والدولية بامتياز !

و ان سيد المقاومة هذا الذي دخل في معركة مفاجآت جديدة مع العدو عنوانها المحكمة الدولية هو اليوم في جهوزية كاملة ايضا بما من شأنه ان يحول اي مغامرة يقدم عليها الكيان الصهيوني منفردا او بدعم من الادارة الامريكية تجاه اي من حلفائه فضلا عن ان تكون ضده مباشرة الى معركة نهاية الكيان مما سيشكل صفعة تاريخية مدوية لمخطط "الشرق الاوسط الكبير" الذي لطالما حلم به محور واشنطن – تل ابيب !