رمز الخبر: ۲۶۷۵۹
تأريخ النشر: 11:37 - 30 October 2010
غلوبال ريسرج – الدكتور تشاندرا مظفر
غلوبال ريسرج – الدكتور تشاندرا مظفر*

 عصر ايران – ان ابرام اكبر صفقة اسلحة في تاريخ الولايات المتحدة ، لبيع اسلحة بقيمة 60 مليار دولار الى السعودية، لا يصب كما تزعم الولايات المتحدة في مصلحة السلام والاستقرار في الشرق الاوسط فحسب بل يشكل سببا اضافيا لاثارة التوترات واعطاء دفع لسباق تسلح خطير في المنطقة، قد تكون عواقبه وخيمة.

ووفقا لهذه الصفقة فان اميركا ستبيع السعودية الغنية بالنفط طائرات مقاتلة من طراز F-15 وطائرات عمودية مقاتلة وفق جدول زمني يستمر بين 15 الى 20 سنة. وقد اعلنت السلطات الامريكية، ان امن حلفائها في المنطقة سيزداد مع بيع هذه الاسلحة للسعودية. وتدعي اميركا بان الترسانة الصاروخية الايرانية اثارت قلق وهواجس الدول العربية في منطقة الخليج الفارسي، لكن معظم المراقبين السياسيين والخبراء يعتقدون بان ايران لا تشكل خطرا على جيرانها العرب، وعلى النقيض من المزاعم الامريكية، فان العلاقات بين ايران وجيرانها العرب وثيقة ومتينة. ويذهب هولاء المحللون السياسيون الى الاعتقاد بان الدبلوماسية الايرانية تخدم تعزيز العلاقات مع دول منطقة الخليج الفارسي لاسيما العربية السعودية.

وتتابع اميركا اهدافا سرية وخفية من وراء ابرام هذه الصفقة التسليحية الضخمة، علما ان هذه الصفقة لم يتم تضخيمها من قبل وسائل الاعلام التابعة لاميركا وحلفائها. ان بيع هذه الاسلحة يؤدي الى تعزيز الهيمنة العسكرية الامريكية على المنطقة ، بحيث تجلب ثلاث فوائد مهمة للبيت الابيض: اسرائيل والنفط والسيطرة الجيوسياسية. كما تنوي اميركا الحفاظ على نفوذها في الشرق الاوسط من خلال بيع هذه الاسلحة. ونظرا الى ضخامة هذه الصفقة، فانها ستسهم في انعاش الاقتصاد الامريكي المتعثر.

الا ان نتائج وعواقب بيع هذه الاسلحة للسعودية ستكون كارثية ومروعة على الشرق الاوسط. ان بيع هكذا اسلحة من جانب واشطن، يؤدي الى زيادة النفقات العسكرية لاصدقاء واعداء اميركا في الشرق الاوسط بشكل ملحوظ. كما ان هذه الخطة الامريكية يمكن ان تشكل سببا لايجاد سباق تسلح في المنطقة وبالتالي تصاعد حدة التوترات في هذه المنطقة التي تعاني اصلا من نزاعات وصراعات عديدة.

ان حدوث سباق تسلح في المنطقة يمكن ان يفضي الى الاخلال في الاولويات الوطنية لبلدان المنطقة بما فيها مكافحة الفقر واستئصال الامية ومحاربة الفساد المالي. ولذلك فانه يتعين على بلدان المنطقة ان تتصرف بحكمة ودقة في زيادة ميزانيتها العسكرية. فعلى هذه الدول الا تزيد نفقاتها العسكرية يجب بسبب ما يدور خلف كواليس السياسة الامريكية. فهذا الخطر يحدق الان بنا اكثر من اي وقت مضى. وبما ان هناك بلدانا غنية في منطقة الشرق الاوسط، فان القوى الدولية لاسيما الولايات المتحدة، تحاول نهب ثروات وخيرات هذه الدول، واستهدافها، بحيث ان شراء الاسلحة من اميركا وبعض الدول الاخرى، يسهم في انعاش اقتصاديات القوى العظمى التي تفتك بها ازمة اقتصادية حادة.

وعلى دول العالم ان تدرك هذا الموضوع، من ان تكثيف النفقات العسكرية يشكل تحديا دوليا في القرن الحادي والعشرين. فقد وصلت النفقات العسكرية في العالم في ديسمبر 2009 الى 1.5 ترليون دولار، بزيادة قدرها 6 بالمائة مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2008 و 49 بالمائة مقارنة بعام 2000. والانكى ان مجمل ميزانية الامم المتحدة – المنظمة المسؤولة عن حماية السلام والاستقرار في العالم – شكلت فقط 1.8 بالمائة من النفقات العسكرية في العالم عام 2009. ومهم ايضا ان نعرف بان اميركا استحوذت على 46.5 بالمائة من النفقات العسكرية في العالم لوحدها عام 2009. وقد اعلنت مؤسسة "SIPRI" (وهي مركز دولي بارز يدعو الى السلام) بان احد الاسباب المهمة لتراجع الاقتصاد الامريكي منذ عام 2001 ، يتمثل في النفقات العسكرية المتزايدة لهذا البلد.

وليس هناك ادنى شك بضرورة السيطرة على النفقات العسكرية في العالم. وهذا الامر ليس هينا بطبيعة الحال. فعلى الدول الاخرى ان تتحلى بالوعي واليقظة ازاء السياسات الامريكية الرامية الى بيع السلاح وكذلك اثارة التوترات في المناطق المختلفة والتي تصب في المصلحة الامريكية. ان المجموعات الداعمة للسلام والمناهضة للحرب يجب ان تتحد من اجل توعية الراي العام ضد هذه السياسات الامريكية وكذلك ضد النفقات العسكرية المتزايدة.

* الدكتور تشاندرا مظفر، رئيس "الحركة الدولية لعالم موحد" وكذلك استاذ الدراسات الدولية في جامعة سينس الماليزية.