وعن التوقعات من زيارة الرئيس الحريري طهران السبت المقبل وما إذا كانت هناك هبات عسكرية أو نفطية أسوة بالهبة الروسية قال: «الزيارة تلبية لدعوة النائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية محمد رضا رحيمي بعد تأكيد الدعوة من جانب الرئيس محمود أحمدي نجاد خلال زيارته الأخيرة لبنان ولقاءاته الإيجابية البناءة حول مختلف المواضيع الإقليمية والدولية والعلاقات الثنائية وكان حديثاً ممتازاً واتفق على أن يستمر في طهران.
وأضاف: «أثناء زيارة الرئيس أحمدي نجاد وقعنا 16 وثيقة في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والعلمية، والزيارة هي لأجل متابعة تنفيذ الوثائق الموقعة ولتوقيع الوثائق في المجالات التي يجب توقيعها، نظراً الى أن الوفد الوزاري المرافق لرئيس مجلس الوزراء يضم سبعة وزراء. نتوقع أن توقع اتفاقات جديدة إذا اتفقوا عليها. وبقية الأمور تعود الى المحادثات في طهران بين الرئيس الحريري والمسؤولين في الجمهورية الإسلامية. هذه مرحلة جديدة في العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعاون بين البلدين في شتى المجالات.
> تردد دائماً ان هناك مبادئ بالنسبة الى ايران في علاقتها مع الدول. لكن هناك أيضاً مصالح. ماذا تأملون من لبنان لمصلحتكم وماذا يستفيد لبنان لمصلحته بالعلاقة مع ايران.
- الجواب يكمن في صلب السؤال. أي بلد في العلاقات الدولية، يبحث عن مصلحته. لكن على رغم هذا ايران هي البلد الوحيد الذي بحسب دستوره، مصلحة الأمة والأحرار والمظلومين والمستضعفين فوق كل المصالح. وطالما الأمر هكذا، المبدأ هو دعم المظلوم والمستضعف. بصرف النظر عن ديانته وطائفته ومذهبه وانتمائه السياسي. ومصلحة ايران في ذلك. وفي هذا الإطار نتعامل مع كل البلدان في العالم. وبما اننا نجد قضية حقة في لبنان وفلسطين وأكثر أحقية وأعدل قضية نركز عليها أكثر بالمقارنة مع أي بلد آخر. ونعتبر أن العلاقات بين ايران ولبنان يجب أن تعزز في كل المجالات، لأن في الجانب الآخر عدواً صهيونياً محتلاً غاصباً ومعتدياً. وطالما يوجد عدو مشترك للبنان وفلسطين وايران ولكل المنطقة سيكون من الطبيعي أن تقتضي مصلحة الجميع بأن يتكاتفوا في مواجهته. هذه هي المصلحة الأساسية التي تركز ايران عليها.
> وبماذا يمكن لبنان أن يفيد ايران في مواجهة الضغوط الخارجية عليها؟
- لا يمكن أحد البلدان ان يساعدنا لمواجهة الضغوط الخارجية، هذه الضغوط موجودة، لأنهم يطلبون منا أن نسقط دعم القضية الفلسطينية والمقاومة في لبنان ودعم المظلومين ويقولون ما دخلكم بالمظلومين والمستضعفين، ونحن نفتح أمامكم كل شيء. ولكن نحن نقول لهم، نفتخر بهذا المبدأ وهذا الموقف ونخسر مادياً ولكن نحافظ على هذا المبدأ، ولذلك لا يمكن أي بلد في العالم أن يفيد ايران بهذا الأمر، هذا في يد ايران، ولكن نحن نتحدى كل العالم بأننا خلال الـ 22 سنة الماضية منذ انتصار الثورة الإسلامية، ان كنا غيّرنا موقفاً أو مبدأ من المبادئ الأساسية الواردة في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولذلك نحن نعتز بهذا الموقف، صحيح نخسر مادياً ونتحمل ضغوطاً، لكن سياسات الحصار كانت بركة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، لأنها كانت السبب الأساسي للاكتفاء الذاتي في غالبية المجالات. نحن وصلنا الى الاكتفاء الذاتي في مجال انتاج القمح لـ 75 مليون نسمة ونصدر القمح، وفي موضوع البنزين قمنا بتقنين استهلاك البنزين وانشاء محطات جديدة وأيضاً الاستفادة من الغاز ووصلنا الى الاكتفاء الذاتي. حالياً نحن نصنع طائرات وطوافات وطائرات من دون طيار، وصواريخ متطورة.
العقوبات ومجالات التعاون
> إذا كانت هناك عقوبات تحظر التعاون مع ايران في عدد من المجالات هل لبنان منفذ لإيران في هذا الصدد؟
- تعرفون ان موضوع التعاون في مجال المنظمات الدولية أساسي في العلاقات الدولية بين كل البلدان في العالم، وعلى سبيل المثال، لا توجد علاقات سياسية حالياً بين ايران ومصر، ولكن دائماً نشهد دعم مصر لإيران في المنظمات الدولية، وفي المقابل دعم ايران لمصر، في كثير من المواقع والمراحل، المصالح مشتركة بين كل البلدان الإسلامية والعربية ودول عدم الانحياز، ومصر دولة عضو في مجموعة عدم الانحياز. في المنظمات الدولية، لبنان يستطيع أن يلعب دوراً ايجابياً الى جانب ايران، كما فعل مثلاً في موضوع حقوق الإنسان في ايران الذي طرح في الأمم المتحدة، وكان ضد القرار الذي اقترحته كندا. وهذا كان خطوة ايجابية، والتصويت لمصلحة ايران يخفف من الضغوط الموجهة ضدها دولياً، وفي شكل أساسي من الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل.
مشاورات مع دول المنطقة
> في ما يخص التأزم السياسي في لبنان تبدي تفاؤلاً دائماً بحكمة القادة اللبنانيين، لكن التجربة برهنت ان الأدوار الإقليمية تلعب دوراً، كما حصل بالنسبة الى اتفاق الدوحة ودور ايران تحديداً فيه. فهل هناك ضمانات نتيجة الأدوار الإقليمية وانتم من ضمنها بألا تحصل المواجهة الداخلية وان تذهب الأطراف الى توافق؟
- لو لم تتوافر هذه الحكمة لدى القيادات والأطراف السياسية، لا يمكن أية جهود اقليمية ان تلعب دورها وتتوج النجاح في نهاية المطاف، فنحن نشهد حالياً ان القادة في لبنان حريصون على أن تحل الأمور في الإطار المنطقي والعقلاني، والاستقرار يهمهم، وايران دائماً الى جانب لبنان وهي لا تنتظر أن تحصل مشكلة، لا، ايران كما أشرت بدأت باتصالات ايرانية - عربية عموماً واتصالات ايرانية - سعودية، واتصالات ايرانية - سورية، وايرانية - قطرية، وفي مختلف المجالات، ومتابعة الأمور حتى نجتاز هذه المرحلة الصعبة، هذا التفاؤل مبني على أسس، ونتمنى أن نصل الى النتيجة المرجوة لمصلحة لبنان».
القرار الاتهامي
> في تصريح لك الى جريدة «المستقبل» تحدثت عن انتظار القرار الاتهامي في شأن المحكمة من أجل معالجة تداعياته.
- لا، أنا لم أدخل في تفاصيل محكمة أو قرار ظني أو غيره، موقفنا واضح، نحن مع كشف الحقيقة بأحسن أسلوب وأسرع زمن وأقصر طريق. نحن لا ندخل في تفاصيل حتى نقول قبل القرار الظني أو بعد القرار الظني أو انتظاره. هذا كان ربما انطباع الكاتب.
> الجهود الخارجية من أجل معالجة الوضع اللبناني هل باتت تنتظر صدور القرار الاتهامي لمعالجة التداعيات لاحقاً أم انها تستهدف المعالجة قبل صدور القرار، كونكم تجرون اتصالات مع الدول المعنية في هذا المجال؟
- ليست لدي معلومات في هذا الخصوص، ولكن بحسب تحليلي فإن هذه الجهود التي تبذل ليس لها علاقة بموضوع القرار الظني قبله أو بعده، المهم أن تتبلور فكرة ايجابية مناسبة يتفق عليها كل الأطراف».
> زيارة رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان بيروت اليوم، سبقها زيارة أحد مستشاريه طهران قبل يومين، هل التنسيق القائم بين طهران وأنقرة يتعلق بما يمكن ان يطرحه أردوغان في بيروت من جهود لمعالجة التأزم اللبناني؟
- كما أشرت، بحسب وجهة النظر الإيرانية، أولاً كل اللبنانيين هم الذين يستطيعون أن يتفقوا مع بعضهم بعضاً ويحلوا المشكلة كأطراف أساسية داخل البلد، وإيران أيضاً مستعدة لتقديم اي نوع من المساعدة (...) وإذا اقتضت الآن مساعدة البلدان الأخرى، فبلدان هذه المنطقة أولى من أي بلد آخر في العالم، وفي هذا الإطار من الطبيعي أن تكون تركيا وقطر والسعودية وسورية وايران والعراق، هذه الدول تعرف تفاصيل الأمور أكثر من أي جانب آخر، ولذلك تستطيع ان تساعد أكثر وأفضل بالمقارنة مع الآخرين من المناطق البعيدة في العالم الذين لا يعرفون التفاصيل ولا يفهمون القضايا المعقدة داخل بلدان هذه المنطقة في لبنان أو في أي بلد آخر أو فلسطين أو سورية أو العراق، ولذلك دائماً يواجهون إخفاقات بعد اخفاقات. واعتبر أن دول المنطقة تكسب دائماً إنجازات وأن من الطبيعي حصول مشاورات إيرانية - تركية، إيرانية - عربية، إيرانية - قطرية، إيرانية - سورية - سعودية، هذه مستمرة وفي هذا الإطار قلنا اننا نشجع ونرحب بكل هذه الجهود التي تبذل لمساعدة لبنان.
> هل يمكن أن تطبق المعادلة القائلة أنه مثلما ان العراق جار أساسي لإيران وهي تعرف في شؤونه أكثر من دول أخرى فإن ايران أيضاً تعتبر أن سورية هي التي تعرف بشؤون لبنان أكثر من غيرها وانكم بالتالي، مثلما سلمت سورية لما تعتقدونه حلاً للتأزم السياسي في العراق أنتم أيضاً ستسلمون بما تعتقده سورية انه حل للبنان؟
- من الطبيعي ان الجيران يعرفون تفاصيل الأمور أكثر، ولكن لا تنسوا العلاقات الحضارية والثقافية القديمة الإيرانية - اللبنانية. موضوع سورية كجار شيء والعلاقات الاستراتيجية بين ايران وسورية شيء ودور سورية لا أحد يستطيع أن ينكره، ولكن هذه العلاقة الحضارية والثقافية بين الشعبين الإيراني واللبناني منذ القديم، جعلت بينهما أرضية مشتركة. العلاقات الإيرانية - اللبنانية أغنى من أية علاقات تاريخية أخرى بين البلدان في العالم، ولهذا السبب الرئيس (الإيراني) أحمدي نجاد يأتي الى هنا (لبنان) ويوقع 16 اتفاقية في لبنان وبعد فاصل قصير رئيس مجلس الوزراء (سعد الحريري) يزور ايران وان شاء الله سيتم أيضاً توقيع عدد من الاتفاقات في طهران ونبدأ بالتنفيذ، لأنكم تعلمون ان الاتفاقات يجب أن تقر في مجلس الوزراء ومن ثم في المجلس النيابي، ولكن حتى لا تفوت الفرصة نحن بدأنا بدراسة مثلاً شبكة استجرار الكهرباء من طهران الى لبنان، والحمدلله كانت هذه الدراسة ناجحة، كونها متوافرة وتتحمل الطاقة التي ننوي استجرارها الى لبنان، وفي الوقت نفسه بدأنا بدراسة الأماكن لإنشاء محطة انتاج الكهرباء مثلاً وأماكن لإنشاء السدود، بدأنا هذه الأمور، وهذا كله يدل على هذه العلاقة، وإذا سألتم في الشارع أي شخص مسلماً أو مسيحياً، سنياً أو شيعياً أو درزياً عن رأيه بالعلاقة مع ايران وشعبها فستجدون الأجوبة إيجابية جداً، وبإمكانكم ان تسألوا 20 مندوباً من الصحف اللبنانية شاركوا في معرض الصحف في طهران أخيراً وشاهدوا الوضع وتحدثوا مع مختلف التيارات. وكانوا مرتاحين وراضين جداً، لما رأوا، ولذلك أقول إن العلاقات الإيرانية - اللبنانية كما هي بين ايران والعراق، فإنها تاريخياً وجذرياً أقوى بكثير.
> تركيا عضو في «الناتو»، الذي أخذ قراراً في موضوع الدرع الصاروخية التي يقال انها موجهة لمواجهة الصواريخ الإيرانية وتركيا تشارك في هذه الدرع، ما تأثير ذلك في العلاقة التركية - الإيرانية؟
- علاقاتنا مع تركيا علاقات مميزة وممتازة وقيد التطور، والمواقف الإيجابية التي نشهدها من تركيا يوماً بعد يوم تشجعنا على أن نوطدها أكثر فأكثر، نحن نعمل مقارنة بالنسبة الى السابق، لا ننظر إلى الأشياء التي ستحصل مستقبلاً، ننظر كيف كانت والى أين وصلنا، وفي هذا الإطار هذه العلاقات ايجابية وممتازة وتتطور».