رمز الخبر: ۲۸۸۶۸
تأريخ النشر: 08:26 - 13 February 2011
وبالنسبة للشعب المصري الذي كان يطالب بوضع نهاية لثلاثة عقود من ديكتاتورية مبارك، كان هذا الجزء من كلام مبارك الذي قال انه يريد ان يبقى لخدمة الشعب والبلاد وينقل راية الرئاسة الى الرئيس اللاحق، كلام مثير للاشمئزاز والغضب. ومع تنحي مبارك، اعلن نائبه عمر سليمان ان الجيش سيتولى ادارة الامور في البلاد.
عصر ايران – قبل 32 عاما، وبعد الاطاحة باكبر حليف اقليمي لاميركا في الشرق الاوسط (نظام الشاه)، سقط حليف استراتيجي اخر للولايات المتحدة (حسني مبارك) في 11 شباط/فبراير، ليكون هذا اليوم يوما سيئا في روزنامة البيت الابيض.

وفيما يخص سقوط مبارك يمكن القول بان يوم 10 فبراير، وفيما كانت جميع المؤشرات تشير الى ان مبارك سيتنحى عن السلطة، ظهر مبارك على شاشة التلفزيون وقال انه ينقل سلطاته الرئاسية الى نائبه لكنه سيبقى في الرئاسة حتى سبتمبر.

وكان هذا خطأ استراتيجيا ارتكبه مبارك، لانه فيما كان الشعب يريد تنحيه عن السلطة، جاء ليتحدث عن بقائه فيها ليكون قد اجج بذلك غضب الشارع المصري.

وبما ان الشعب المصري كان يتوقع ان يعلن مبارك تنحيه عن السلطة، لكنه فوجئ بعكس ذلك، ما اثار حفيظة الشعب الذي انطلق لمحاصرة مبنى الاذاعة والتلفزيون والقصر الرئاسي ليسرع وتيرة اسقاط مبارك.

وبعد هذا الحدث، اعلنت اميركا انه "كان مقررا" ان يعلن مبارك في خطابه تنحيه عن السلطة.

و"كان مقررا" هذا يمكن ان تكون عبارة ذات مغزى. ان مبارك – الذي تحول الى ورقة محروقة – يبدو انه كان قرر – في اخر عملية تنسيق مع الاميركيين- التنحى لكنه اراد اختبار اخر حظوظه واطلق وعود باقامة الانتخابات الحرة ليراهن على اضعف الاحتمالات، السهم الذي اطلقه ولم يصب الهدف اطلاقا!

وبالنسبة للشعب المصري الذي كان يطالب بوضع نهاية لثلاثة عقود من ديكتاتورية مبارك، كان هذا الجزء من كلام مبارك الذي قال انه يريد ان يبقى لخدمة الشعب والبلاد وينقل راية الرئاسة الى الرئيس اللاحق، كلام مثير للاشمئزاز والغضب.

ومع تنحي مبارك، اعلن نائبه عمر سليمان ان الجيش سيتولى ادارة الامور في البلاد. وبذلك فقد تولى الجنرال محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع ورئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة، زمام السلطة في مصر.

وقبل يوم من التنحي، اعلن مبارك انه يفوض صلاحياته الى عمر سليمان، لكنه وبعد 24 ساعة اعلن سليمان بان جميع سلطات رئيس الجمهورية نقلت الى الجيش. وقبل هذا كانت هناك انباء عن وجود تنافس محموم بين جنرالات الجيش وبين عمر سليمان رئيس الاستخبارات المصرية الا ان الاحداث الاخيرة اظهرت انتصار العسكريين على جهاز الامن والاستخبارات.

وبعد تولي الجيش السلطة، اشاد الرئيس الامريكي باراك اوباما بذلك على الفور وقال ان الجيش المصري خدم وطنه بشكل مسؤول ليكون قد دعم بذلك انتقال السلطة من الجنرال حسني مبارك الى الجنرال حسين طنطاوي.

وبحسب المراقبين، فان هذا الامر يظهر بان عبارة "كان مقررا" الانفة الذكر، ليست شملت رحيل مبارك فحسب، بل ان مداولات الايام الاخيرة اسفرت عن اتفاق بين الجانبين لاحلال الجيش في السلطة.

صحيح ان مبارك قد رحل وتنحى بعد ثلاثين عاما من الحكم الديكتاتوري، لكن شخصا ونظاما حل محله، هو من صنع يديه ومعين من قبله.

وبما ان الشعب المصري كان يطالب باسقاط النظام واسقاط مبارك، لذلك فانه يكون قد حقق احد مطالبه مع رحيل مبارك لكن مطلبه الاهم اي اسقاط النظام الديكتاتوري في مصر واقامة نظام ديمقراطي، لم يتحقق بعد.

من جهة اخرى، فان المحتجين طرحوا مطالب يجب ان يستجيب المجلس العسكري الحاكم لها بما فيها الغاء حالة الطوارئ وحرية الصحافة والاعلام والافراج عن السجناء السياسيين و... .

وطبعا لا يجب نسيان ان الجيش لم يقف لحد الان بوجه الشعب لانه كان مقررا ان يدافع عن مبارك، لكنه من الان فصاعدا، قد يشتبك مع الجماهير المحتجة لانه يريد الحفاظ على سلطته.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل ان الجنرالات المصريين الذين ساهموا لسنوات في ترسيخ دعائم ديكتاتورية حسني مبارك، يؤمنون حقا بالديمقراطية وانهم سيتنحون جانبا ويغادرون الساحة السياسية بعد اجراء الانتخابات الحرة أم انهم على غرار مبارك سيخلعون بزاتهم العسكرية ويرتدون الطاقم المدني، لفرض استبداد جديد على مصر؟!