رمز الخبر: ۲۹۱۵۰
تأريخ النشر: 12:12 - 26 February 2011
عصرايران - 'القدس العربي' سلّط الإعلام العبري في إسرائيل الجمعة على ما يُسمى بالمشروع النووي السوري والإيراني، وقال المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة 'يديعوت أحرونوت' أليكس فيشمان، المقرب جدًا من قادة المؤسسة الأمنية في الدولة العبرية، إنّ المشروع النووي السوري سيبقى موضع خلاف حاد داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لا شك في أن ما كشف عنه تقرير معهد الأبحاث الأمريكي (الخميس) بشأن المشروع النووي السوري يساعد في إلزام سورية بالموافقة على إجراء مراقبة في أي منشاة مشبوهة في أراضيها، كما أنه يتيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية إمكان التوجه إلى مجلس الأمن الدولي ومطالبته بفرض عقوبات على سورية وإدراجها في عداد الدول المعزولة مثل إيران وكوريا الشمالية. لكن على الرغم من ذلك كله، فإن من المتوقع أن تظل هذه الوكالة الدولية مترددة في الإقدام على خطوة كهذه بسبب الصراعات الداخلية فيها. فمن المعروف أن بضع دول غربية، في مقدمها الولايات المتحدة وفرنسا، تمارس في الآونة الأخيرة ضغوطاً من أجل إدراج سورية ونشاطاتها النووية في نطاق التقرير الفصلي للوكالة الذي سيصدر قريباً، غير أن السكرتير العام للوكالة يوكي أمانو يدّعي أن الوقت الحالي غير ملائم لتفجير أزمة جديدة ودراماتيكية مع سورية، ولذا فمن الأفضل عدم شمل مشروعها النووي في التقرير الفصلي المقبل، والاستمرار في التركيز على المشروع النووي الإيراني. ويمكن القول، أضاف المحلل الإسرائيلي، إن تسريب معلومات جديدة متعلقة بإقامة منشأة نووية جديدة في سورية سراً هو جزء من الصراع الداخلي الدائر في صفوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويهدف إلى ليّ ذراع السكرتير العام للوكالة، وإلى إظهار سورية منذ الآن بمظهر الدولة الرافضة التي لا بُد من اتخاذ خطوات دولية ضدها.

وساق فيشمان قائلاً، نقلاً عن مصادر أمنية رفيعة في تل أبيب، إنّه بالنسبة إلى المشروع النووي السوري ذاته، فإن ما يجب الإشارة إليه هو أن تدمير المفاعل النووي في منطقة دير الزور في أيلول (سبتمبر) من العام 2007 أسفر عملياً عن انهيار المشروع النووي العسكري السوري الذي كان يجري العمل فيه برعاية كوريا الشمالية. وعلى ما يبدو، فإن هذه النتيجة تنطوي على الفارق الكبير بين المشروعين النوويين في كل من سورية وإيران، ذلك بأن هذه الأخيرة قامت بتوزيع مشروعها النووي على
منشآت متعددة بحيث إن التعرض لمنشأة واحدة منها أو أكثر يمكن أن يعرقل المشروع لا أن يقضي عليه نهائياً. على صلة، قال د.دوري غولد، وهو من أقرب المستشارين السياسيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي،ى بنيامين نتنياهو، إنّه عندما نتأمل ما جرى خلال العقدين الأخيرين يظهر لنا بوضوح سعي إيران لأن تصبح القوة المهيمنة على الشرق الأوسط. فالقوات الإيرانية متورطة بعمليات تدخّل إقليمية بدءاً من لبنان، ووصولاً إلى السعودية والعراق وأفغانستان، وهي تريد حالياً أن تُظهر أن قوتها البحرية ليست محدودة في الخليج الفارسي ومحيطه، بل إن في استطاعتها أن تصل إلى البحر الأبيض المتوسط أيضاً.

وقال أيضا إن هذه المهمة تفوق كثيراً ما يمكن توقعه من سلاح البحر الإيراني، ومن المفيد أن نذكّر هنا بأن هذا السلاح يتألف من سفن قديمة نسبياً من أيام الشاه، ويتوقع قادة هذا السلاح تحديث هذه السفن بواسطة منظومات جديدة للسلاح، ولا سيما الصواريخ البحرية. ووفقاً لتقرير استخبارات البحرية الأمريكية في سنة 2007، فإن سلاح البحر الإيراني يخطط لأن يُظهر قوته خارج مضيق هرمز، ويعمل على إقامة قواعد جديدة له في خليج عُمان، ستصبح جاهزة في سنة 2015.

وزاد د. غولد قائلاً: صحيح أنه في الأعوام الماضية وصلت السفن الإيرانية إلى السودان والصومال، لكنها لم تدخل البحر الأبيض المتوسط، ويمكن أن نضيف إلى ذلك، أن القوة البحرية الثانية لإيران، هي تلك العائدة إلى الحرس الثوري، وهي تتدرب على استخدام القوارب الصغيرة، استعداداً لمواجهة حرب عصابات بحرية. وبرأي المستشار الإسرائيلي فإنّ القوة المحدودة لسلاح البحر الإيراني يدفعنا إلى الاعتقاد أن إرسال سفينتين لعبور قناة السويس هو لأسباب سياسية لا عسكرية، وهذا أمر تقليدي ومعروف في الماضي ويسمى الدبلوماسية البحرية، فما هي الرسالة التي حملتها معهما السفينتان الحربيتان الإيرانيتان؟

وساق قائلاً: قبل شهر من الآن، كانت مصر تقود الدول السنّية العربية مثل السعودية والأردن وتحاول أن تلجم امتداد النفوذ الإيراني، لكن إيران تلمّح حالياً، إلى رغبتها في ملء الفراغ الذي نشأ بعد سقوط مبارك، وهي تفعل ذلك بواسطة إرسال سفنها الحربية لعبور القناة لأول مرة.

وأوضح المستشار المقرب من نتنياهو إنّه وإذا نظرنا إلى الأحداث من طهران، نجد أن الولايات المتحدة تبدو عاجزة عن الدفاع عن حلفائها. فإلى جانب تواصل التظاهرات في اليمن الذي يواجه ثورة شيعية في الشمال، فإن احتجاجات الشيعة تستمر في البحرين، ويبدو أكثر فأكثر أن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة هم في محنة، على حد تعبيرها. وزاد غولد إنّ عبور قوة بحرية إيرانية قناة السويس يحمل رسالة أخرى. فوجهة السفينتين هو مرفأ اللاذقية السوري، وهكذا يبدو أنه في الوقت الذي تبدو الولايات المتحدة عاجزة عن الدفاع عن حلفائها، تلمّح إيران إلى أنها لا تزال حليف سورية الموثوق به وخلص د. غولد إلى القول إنّ الخطوة الأخيرة لسلاح البحرية الإيراني تكشف عن حقيقة إستراتيجية ذات إشكالية هي أن إيران تدخل كل مكان تنسحب منه الولايات المتحدة، على حد تعبيره.