رمز الخبر: ۲۹۵۱۳
تأريخ النشر: 10:19 - 15 March 2011
محمد صادق الحسيني

نشر الكاتب المعروف السيد محمد صادق الحسيني مقالا تحت عنوان " ايران في حضرة التحولات العربية ".

و أفادت وكالة أنباء فارس أن السيد الحسيني قال في مقاله :-  " بقدر ما كان "سقوطه" مدويا وباعثا على البهجة لدى مبغضيه بقدر ما كان شأنه واحترامه يرتفع الى الاعلى لدى البعض الآخر من محبيه ورواد مدرسته البراغماتية التاريخية والذين وصفوا خطوته بمنزلة الزهد بالحكم وبالسلطة "!

" هكذا يغادر اكبر هاشمي رفسنجاني مقعد رئاسة مجلس خبراء القيادة الذي اوحى انسحابه من الترشح له لصالح محمد رضا مهدوي كني , بانه يتجه الى اعتزال العمل السياسي اليومي شيئا فشيئا في ظل ظروف , القدر المتيقن منها انها لم تعد صالحة لادارة البلاد على منهج مدرسة "الرفسنجانية السياسية" التي لطالما طبعت الحياة السياسية الايرانية على مدى نحو عقدين من الزمان في وقت يتغير فيه الزمان بسرعة الريح لصالح خصومه السياسيين "!
" ايا تكن المآخذ التي سجلت عليه في الآونة الاخيرة من قبل عتاة ناقديه الا ان انسحابه الهادئ هذه المرة ومن دون ضجيج سجلت بمثابة نقطة له وليست عليه "!

" فهو ركن من اركان هذه الثورة وله فيها ما يساوي "حصة الاسد" وهو امر نادرا ما يجادل عليه احد او يختلف عليه اثنان في ايران , وهو صاحب راي ومدرسة يشار اليها بالبنان, لها ما لها وعليها ما عليها وكان بامكانه ان يفتح معركة للتشبث بالمقعد كان يمكن ان تؤدي الى ما ادت اليه من "فتنة" كما فعل منافسو احمدي نجاد على الرئاسة , الا انه و"اخيرا قعلها" كما يقول منتقدوه قبل محبيه عندما "فضل الثورة والنظام والوطن على نفسه ورايه ومدرسته " وحسنا فعل " !

" انه درس كبير ذلك الذي حصل قبل ايام في انتخابات رئاسة مجلس الخبراء في ايران ازعم انه سيترك آثارا كبيرة على سلوك الموالاة والمعارضة معا في البلاد , وربما يكون متأثرا بما يجري من تحولات هائلة في الشارع العربي المحيط بنا جميعا رغم الفارق بين زعماء الثورة المنتخبين في ايران والحكام الابديين في اقطار الثورة العربية الذين اتوا بقوة العساكر "!

" ما يتعلق بحيثيات الحدث الداخلية فقد آن الاوان ان يترجل فرسان الرعيل الاول من الطبقة السياسية عن مقاعد الحكم لغيرهم شبابا كانوا ام مدعومين من الشباب الثوري كما هي الحال مثلا مع آية الله مهدوي كني الذي يناهز الثمانين عاما "!

" اما فيما يتعلق بتأثيرات المحيط العربي الثائر فان القدر المتيقن من هذا التأثير هو ان لا احد في ايران الا وبدأ يشعر بان "التمديد " حتى القانوني ناهيك عن التوريث حتى السياسي منه وليس النسبي والعائلي فقط , بات مقبولا لدى اجيال الثورة الجديدة !

الكل محافظون كانوا ام اصلاحيون يمينيون كانوا ام يساريون , باتوا يشعرون انهم مجرد مسافرين في قطار عليهم ان يغادروه بكل طواعية في المحطة المناسبة "!

" صحيح ان مثل هذا كان يحصل طوال العقود الثلاثة التي مرت فيها الثورة الاسلامية الايرانية عبر صناديق الاقتراع في اكثر من ثلاثين عملية انتخابية , الا انها ربما المرة الاولى التي بدأت فيها رموز الثورة الاوائل وكثير من ابناء الطبقة السياسية الايرانية التي تداولت السلطة في مدارجها ومستوياتها المختلفة , تفكر جديا في تقديم طلبات التقاعد رسميا من الوزارات التي عملوا فيها , وما اعلنه رفسنجاني عن رغبته في اعتزال العمل السياسي اليومي هو القمة والاوج في هذا السياق "!

اعرف ان ثمة من سيقول بانه لا معنى لاعتزال العمل السياسي وكذلك لا معنى للتقاعد في اعراف الثورة , لكن هذا شئ والتمسك بكرسي السلطة شئ آخر تماما !

ثم من قال ان العمل السياسي وخدمة الناس لا يحصل الا من بوابة السلطة ؟!

ما يحصل في العالم العربي من ثورة وعي سبقها في ايران وفي تركيا على مدى العقود الثلاثة الماضية بدأت تؤتي اكلها على اكثر من مستوى وفي كل حين على ما يبدو !

و عندما قال قائد الثورة الاسلامية الايرانية في خطبة صلاة الجمعة الشهيرة التي اعقبت "فتنة" افساد نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية : " ان نهج عمل احمدي نجاد اقرب الي من نهج رفسنجاني رغم تقديري واحترامي الشديدين لتاريخ نضالي المشترك مع الثاني " كان في الواقع يشير الى زمن التحولات الكبرى التي لم تعد تحتمل نهج البراغماتية الرفسنجانية التقليدية المترهلة وبعد ان صعد الى السلطة شاب من طينة الناس العاديين !

ان اهم رسالة توجهها ثورة الوعي العربية الكبرى هي ان "عمر" البعض السلطوي قد انتهى ايا كان عدد السنين الواقعية لعمرهم السياسي !

هي رسالة للحكام المستبدين بالاساس والمتشبثين بالكراسي نعم , لكنها هي رسالة واضحة وشفافة ايضا لكل النخب والطبقة السياسية التي ترهلت افكارهم او تكلست او توقفت عند محطة تاريخية معينة ولا تستطيع مواكبة التحولات الكبرى للعصر بعد ان فقدت قدرتها على الحراك لسبب او لآخر !

حتى ما قبل التحولات الاقليمية الكبرى التي بدأت مع زلزال الثورة الايرانية في العام 1979 كان ثمة لاعبان اساسيان فقط يتحكمان في حراك السياسة في بلادنا : الاجنبي صاحب الغلبة منذ معادلة منتصري الحرب العالمية الظالمة و السلطات الحاكمة !

وكل محاولات النخب والاحزاب والرموز و... كانت تناور على الهامش !

الثورة الايرانية في نهاية السبعينات دخلت على خط التحولات كطائر يغرد خارج السرب , لم يقبل به اي من اللاعبين في البداية , لكن مضي الزمن وفعل الثورة العربية في اكثر من محطة لاسيما في فلسطين ولبنان , حولت مجموع الحراك الثوري الجديد الى لاعب اساسي اضطر الغرب وحكام المنطقة الى قبوله مكرهين , وهو ما حصل في الاعوام القليلة الماضية لاسيما بعد اسطورتي الدفاع المجيد في حرب الثلاثة وثلاثين يوما وحرب الاثنين وعشرين يوما على كل من لبنان وفلسطين !

اما اليوم وبعد الذي حصل في تونس الحرة وارض الكنانة في مصر وحرب التحرير الجارية في ليبيا ومثلها حركتي التحرر اليمنية والبحرينية فاننا نستطيع ان نقول وبملئ الفم بان عصر الشعوب بات هو اللاعب الرئيسي في المعادلتين الاقليمية والدولية !

ولم يبق امام الحكام المستبدين والمنقطعين عن ارادة شعوبهم الا خيارين اما ترك الكراسي طوعا او الاستعانة بالاجنبي وعندها سيشعلون ثورة اعظم ستكون مشاهدها من نوع ما يوصف بمقولة: لا عين رأت ولا اذن سمعت !

اللاعب الاجنبي من جهته ايضا بدأ يلمس بانه حان وقت رحيله من لعبة المنطقة وتفكيك حاملة طائراته الثابتة التي اسمها "اسرائيل " والا سيتم تفكيكها بقوة الامر الواقع لكنه يكابر في الاعتراف بذلك الى حين !

الاخبار اليقينية والثابتة لدينا والتي يتم تداولها الآن من وراء الكواليس هي ان ثمة مشروع اقتراح رباعية ممانعة ومقاومة ستضم مصر الجديدة الى جانب تركيا وسوريا وايران , وان العمل جار الى اقناع السعودية باللحاق بركب التحولات قبل فوات الاوان !

هذا الامر سيناقشه وزير خارجية ايران في زيارة قريبة جدا الى مصر واخرى ايضا الى السعودية , وما تخبئه الشعوب المتحركة اكبر واعظم وافعل اثرا !

ايران هي الاخرى ليست مستثناة من رياح التغيير الشعبية ابدا وانسحاب رفسنجاني رغم بقائه في الصورة وانكفاء الرفسنجاية ما هي الا مقدمة لتحولات اهم تنتظر هذا البلد الذي يقال ان قائد السفينة فيه اي السيد القائد الامام السيد علي الخامنئي يحضر لتحولات كبرى اهم واعظم داخليا وخارجيا يقال انها كلما اقتربت ساعة حلول نزول احمدي نجاد في محطته الرئاسية الثانية والاخيرة , ستكون اكثر تسارعا منعا لوقوع الثورة المباركة في "فتنة" جديدة قد تكون اخطر من الفتنة المنصرمة كما يتداول العارفون بخفايا الامور في اروقة طهران الخلفية !