رمز الخبر: ۳۰۲۸۶
تأريخ النشر: 08:17 - 03 May 2011
عصر ايران، جعفر محمدي 

على الرغم من ان مقتل اسامة بن لادن يعتبر خبرا جيدا في حد ذاته ، لكنه لا يعني اطلاقا انتهاء الارهاب وحتى انحساره في العالم.

ورغم ان ابن لادن استطاع من خلال الافادة من الثروة الطائلة والذكاء الخارق والكاريزما التي كان قد رسمها عن نفسه، ان يتحول الى قائد التيار المتطرف في العالم الاسلامي لكن ما ان تحولت حياته الى كر وفر وملاحقة والتنقل من مخبأ الى مخبأ، فانه فقد شيئا فشيئا سيطرته على تنظيم القاعدة وتحولت هذه المجموعة الارهابية الى مجموعات عديدة يقودها اشخاص صغار على شاكلة بن لادن لكن محاربة كل واحد منها اصبحت اصعب بسبب انتشارهم هنا وهناك وكونهم مغمورين رغم انهم كانوا اضعف من القاعدة الموحدة.

ومنذ عام 2001 حيث وقع حادث 11 سبتمبر الارهابي في نيويورك واصبح ابن لادن ملاحقا على اثرها، واصبح اضعف واكثر اختفاءا شيئا فشيئا ، واليوم فان الذي لقي مصرعه، لم يكن ابن لادن الذي كان عليه قبل عشر سنوات، بل كان شخصا هزيلا وضعيفا يحمل معه اسم ابن لادن فحسب لكنه كان يبحث بمذلة عن ملاذ يؤويه ويختبئ فيه من اجل ان يعيش عدة ايام اخر.

ومع ذلك فان مقتل الشخص الذي مازال يعتبر رمزا للارهاب رغم ضعفه المفرط، يعد انتصارا باهرا بالنسبة للعالم المناهض للارهاب ، وبمناى عن الصفقة التي عقدت بين باكستان واميركا حول ابن لادن ، فانه يجب التفاؤل بهذا الحدث لكن لا يجب تصور ان ارهاب القاعدة سيزول مع زوال زعيمها المعنوي.

والحقيقة ان الارهاب في العالم الاسلامي، له ثلاثة منابت واضحة المعالم ، وطالما انها لم تزل، فان المسلمين الجهلة الذي يقومون خلافا للتعاليم الاسلامية، باعمال ارهابية سيكونون موجودين وسيجعلون العالم غير آمن.

- المدارس الدينية لطالبان في باكستان:

فالمنبت الاول للارهاب ، هو المدارس الدينية التابعة للتيار السلفي وطالبان في باكستان. وعلى الرغم من انه لا يتم في هذه المدارس رسميا التدريب على العمليات العسكرية واساليب التفجير ، الا انه يتم تحويل الطلبة فيها من خلال غسيل الدماغ الى اشخاص جاهزين لتنفيذ عمليات ارهابية.

ان العديد من الارهابيين الذي اعتقلوا بمن فيهم الذين اعتقلوا قبل قيامهم بعمليات انتحارية، كانوا من الخريجين او الخاضعين لتاثير تعليمات وتدريبات هذه المدارس بشكل مباشر او غير مباشر. ان ملفات التحقيق مع هؤلاء الاشخاص زاخرة بجملات مثل : انهم قالوا لنا، بان الذين من المقرر ان يقتلوا هم اعداء الله ورسول الله واننا سنذهب الى الجنة بمجرد القيام بعمليات انتحارية الجنة التي يوجد فيها 70 من الحوريات الحسناوات اللواتي ينتظرن قدومنا على احر من الجمر!

وهناك الان نحو 12 الف مدرسة دينية تابعة لتيار طالبان في ارجاء باكستان، بدء من المدن الكبرى وصولا الى القرى النائية والمناطق القبلية، يدرس فيها اكثر من مليوني شاب وحدث. ان الفقر الثقافي والاقتصادي والتعنت الطائفي الاعمى، ساهم في تحفيز الناس على ارسال ابنائهم للدراسة في هكذا مدارس.

ان وجود مليوني شخص في هذه المدارس، يعني ان تيار القاعدة وطالبان الارهابي، يملك مليوني قنبلة متحركة جاهزة للتفجير ومعظمهم جاهزون للقيام باي عمل همجي حتى ضد المساجد وبيوت الله.

لذلك ، فطالما ان الاسرة الدولية لم تتوصل بالتعاون مع الحكومة الباكستانية، الى سبيل للسيطرة على "مدارس اعداد الارهابيين" هذه، فان خريجي هذه المدارس لن يدعوا العالم ينعم بالراحة والاستقرار، لاسيما وان الكثير من هؤلاء تحولوا على مر الزمن الى قادة متطرفين واصحاب اثر ونفوذ وبوسعهم دفع المزيد من الاشخاص طوال فترة حياتهم نحو الارهاب.

ان النضال الحقيقي ضد الارهاب ، يبدا من خوض المواجهة مع هذه المدارس لكن المشكلة الرئيسية، تتمثل في البنية السياسية – الاجتماعية المعقدة للغاية لباكستان ، والتي جعلت الامال تتضاءل في هذا الخصوص.

- الدولارات السعودية:

ان دراسة مليوني شخص معظمهم من الفقراء في 12 الف مدرسة وكذلك العمليات الارهابية ، تتطلب نفقات وتكاليف باهضة، اذ يعتبر السعوديون الممول الرئيسي لها.

ولا ننسى بان ابن لادن كان مقربا من العائلة السعودية المالكة واسس القاعدة بدعم مادي ومعنوي من الرياض.

وبالنسبة للسعودية ، فان وجود مجموعات ارهابية ذات توجهات طائفية مبنية على الفكر الوهابي، يعد ورقة رابحة ، تمكنها عند الضرورة ، من استخدامها في اطار مجموعة مثل "جند الله" الريغية لممارسة الضغط على ايران او توجيه قواعد اللعبة في افغانستان بالاتجاه الذي تريده او ان تدخل في صفقات وتعاملات مع الامريكيين.

ان انتشار المدارس الدينية لطالبان في باكستان يعني في الحقيقة تحول هذا البلد الذري الكبير تدريجيا وبصمت الى مستعمرة سعودية ، لان القراءة الوهابية المحور عن الاسلام تنتشر وتسود في باكستان ويتزايد تبعا لذلك النفوذ الثقافي السعودي في باكستان من جهة ، كما ان قسما من خريجي هذه المدارس ينخرطون في الاجهزة الحكومية والجيش وجهاز الاستخبارات الباكستاني (ISI) من جهة اخرى وبالتالي فان القسم العسكري والعملياتي لهؤلاء يتحول الى اداة ضغط بيد السعوديين.

وبناء على ذلك، فان دعم تيار الارهاب المذهبي في باكستان، اصبح توجها مبنيا على المصالح القومية بالنسبة للسعودية، حتى وان كانت مخرجات هذا التيار، هي الممارسات الارهابية في كل اصقاع الارض.

- القضية الفلسطينة:

ان مجاراة المجموعات الارهابية الشهيرة مثل القاعدة لاسرائيل ، تعد احدى النقاط التي يجب التوقف عندها والتمعن فيها، لان قادة هؤلاء اتخذوا دائما اقسى المواقف ضد الصهاينة نظريا لكنهم على ارض الواقع، لم ينفذوا اي شئ ضد اسرائيل بل ان معظم ضحايا هؤلاء هم من المسلمين ، الشيعة والسنة على حد سواء.

ومع ذلك ، فان وجود ظلم سافر باسم احتلال ارض فلسطين، يضع اهم اداة تبرير بتصرف المدارس الدينية لطالبان والمجموعات الارهابية المنبثقة عنها لاستقطاب المسلمين، من خلال استغلال مشاعرهم الدينية.

وفي ظل ما ذكرنا آنفا ، فانه مع مقتل ابن لادن، فان تيار الارهاب لن يتوقف في العالم وطالما كانت الاسباب المذكورة اعلاه قائمة على قدم وساق، فان عمليات القتل والمذابح الارهابية ستؤذي وتؤلم العالم كثيرا.