رمز الخبر: ۳۱۶۵۰
تأريخ النشر: 15:48 - 11 June 2012
وتحدثت منظمة العفو الدولية في تقرير صادم اصدرته قبل فترة عن انتهاكات واسعة للحقوق الاولية للمعتقلين الذين تعتقلهم المجموعات المسلحة. وحسب هذا التقرير الذي نشرته صحيفة "الغاردين" البريطانية في فبراير هذا العام، فان عشرات السجناء يقتلون تحت التعذيب الذي تمارسه الميليشيا كما انه لا يوجد اي اطلاع عن مصير الكثير منهم.
عصر ايران ؛ علي قادري – تمر ليبيا بعد الاعدام الثوري للعقيد، بايام يتخللها تدهور امني. لم يكن احد يتصور بان الثورة التي انطلقت شانها شان مصر من الفيسبوك وبيد خالية من بنغازي ان تنتهي الى هذا الاضطراب المسلح. ان الاخبار التي ترد من ليبيا تشير الى ان قانونا واحدا هو الذي يسود هذا البلد، وهو ان الحق مع الذي يحمل السلاح!
 
واليوم في ليبيا لا احد يتحدث عن الثورة. كيف بدات الثورة وكيف انتهت، موضوع اصبح في ذمة التاريخ، لاسيما بين الثوريين الليبيين سواء الاسلاميين منهم او الليبراليين، باتت مفردة الثورة لا اهمية لها بل ان ما يلفت الاهتمام هو الغنائم.
 
وبالنسبة للناس الذين يعيشون في ظل السلاح يصبح الامن اكثر اهمية من ملاحم الثورة. الثورة التي ادت الى توزيع وانتشار انواع السلاح بصورة واسعة النطاق في مناطق ليبيا وتحول هذا السلاح اليوم الى احد اسباب غياب الاستقرار.
 
وتواجه ليبيا ما بعد القذافي تحديات كبيرة. وعلى النقيض من تونس ومصر حيث تم الاحتفاظ بهيكلية الدولة بعد سقوط راس النظام ومازالت هذه الهيكلية تواصل حياتها، لكن سقوط القذافي في ليبيا ادى الى انهيار كامل للدولة.
 
وتنطبق قاعدة كلية في العالم العربي على الانظمة السياسية ، فالنظام يعني الجيش والجيش يعني النظام، وبعبارة اخرى فان سيادة نظام عربي ما تستمر طالما بقي الجيش بجانبها. وليبيا غير مستثناة عن هذه القاعدة العامة. وفضلا عن الطابع القبلي لليبيا والذي يشكل احد التحديات الرئيسية لبناء الدولة، فان انهيار الجيش بوصفه العمود الفقري للدولة، كان السبب الرئيسي للفوضى والارتباك السياسي والامني واسع النطاق.
 
وحتى المجلس الانتقالي الليبي الذي اعترف به رسميا في الاوساط الدولية كممثل رسمي لليبيا سواء ابان الثورة او بعدها، لم يستطع بسط سلطته كاملة على التراب الليبي.
 
وحسب المالوف فان النتيجة الاولى لتصدع النظام السياسي، هي اندلاع التوترات الامنية. وفي ظل وجود مئات المجموعات المسلحة التي لا تعتبر نفسها مرتبطة باي مرجع سياسي وغير جاهزة للانضمام الى الجيش والشرطة في ليبيا، فان الامن يتحول الى تحد كبير. على سبيل هناك في طرابلس عاصمة ليبيا وحدها مئات المجالس العسكرية غير المستعدة لتسليم سلاحها طالما لم تحصل على حصتها في الثورة.
 
ان الوضع في ليبيا متشنج لدرجة ان المجموعات المسلحة الرئيسية تتولى كل منها مراقبة قسم من المراكز والمواقع المهمة. ومطار طرابلس هو احد هذه المواقع. وفيما كان هذا المطار يراقب قبل ايام من قبل الثوار السلفيين من مدينة الزنتان، استولت ميليشيا مدينة ترهونة الواقعة على بعد 80 كيلومترا من طرابلس على المطار احتجاجا على اعتقال قائدها!
 
ان الاستيلاء على المطار يعد احد النماذج المتعددة لعصيان الميليشيا الليبية المسلحة فحسب. ان مهاجمة المراكز الحكومية تحول الى روتين يومي تقريبا. والذريعة الرئيسية لهؤلاء الميليشيات هي الحصول على مرتباتهم المتاخرة من الحكومة المؤقتة التي تاخرت عن دفعها، لكن العديد يرون ان خلافات سياسية معمقة تقف وراء هذه الاستقطابات المسلحة.
 
وفي ظل الفوضى السائدة، توجه بعض الثوار المسلحين الليبيين الى ممارسة تجارة السلاح. وهذه التجارة اتسع نطاقها لدرجة
ان ليبيا تحولت اليوم الى اكبر سوق سوداء للسلاح في العالم. ان الثوار الذين استولوا بعد سقوط القذافي على مخازن ومستودعات السلاح التابعة للجيش، انقسموا الى مجموعتين رئيسيتين. الاولى لا ترغب اطلاقا الانخراط في الاستقطابات السياسة وتحاول من خلال ممارسة هذه التجارة المربحة الافادة القصوى من الفرصة المتاحة. والمجموعة الثانية تقوم بتهريب السلاح من ليبيا بشكل رسمي لاسميا الاسلحة المتجهة الى سوريا اذ يتم تهريبها في وضح النهار وبعلم تام من الحكومة الليبية المؤقتة وبدعم مالي واسناد سياسي من بعض الدول الاجنبية.
 
وان اضفنا الى هذا الهرج والمرج الامني والسياسي في ليبيا، التدخلات الاجنبية التي لا حد لها ولا حصر، سنحصل على صورة مقتضبة عن ظروف ليبيا ما بعد القذافي. ان ايا من الدول التي شاركت في عمليات الناتو في ليبيا، لم تدعم الثوار لاسباب انسانية. لا ساركوزي ولا اوباما ولا كاميرون ولا اردوغان الذين تحولوا خلال عدة ساعات من داعم للقذافي الى حام عنيد للثوار. وهؤلاء يطالبون اليوم ايضا بحصتهم من الثورة التي شاركوا فيها بشكل فاعل ولديهم ممثلون في المعركة السياسة الداخلية الليبية.
 
ان انهيار النظام السياسي في ليبيا تسبب بانهيار الجهاز القضائي ايضا. وهناك اليوم في ليبيا سجون وقضاة بعدد المجموعات المسلحة. ويتم اعتقال الاشخاص على يد هذه المجموعات لذرائع مختلفة ويزج بهم في السجون بعد صدور الاحكام الثورية التي لا تتسم باي طابع رسمي قضائي والله وحده يعلم ماذا يجري على هؤلاء المساجين.
 
وتحدثت منظمة العفو الدولية في تقرير صادم اصدرته قبل فترة عن انتهاكات واسعة للحقوق الاولية للمعتقلين الذين تعتقلهم المجموعات المسلحة. وحسب هذا التقرير الذي نشرته صحيفة "الغاردين" البريطانية في فبراير هذا العام، فان عشرات السجناء يقتلون تحت التعذيب الذي تمارسه الميليشيا كما انه لا يوجد اي اطلاع عن مصير الكثير منهم.
 
 
ان انهيار النظام القضائي في لييا بلغ مرحلة ان تحول بعض قادة النظام السابق الى اداة لعقد صفقات مع الحكومة المؤقتة والمجلس الانتقالي اللذين يختلفان في وجهات النظر بشكل كبير. ان سيف الاسلام القذافي هو احد هؤلاء المعتقلين المحتجز حاليا في سجن ثوار مدينة الزنتان. ويقول هؤلاء الثوار انه طالما لم يتم اسناد حقيبة الدفاع الى ممثلهم فانهم غير مستعدين لتسليم سيف الاسلام الى الحكومة المؤقتة!
 
ان الهرج والمرج السياسي والامني في ليبيا بلغ مرحلة يمكن معها القول بتجرؤ بان بعض المواطنين العاديين في هذا البلد وحتى عدد من الذين شاركوا في الثورة الليبية يتمنون عودة العقيد. وهذا قانون جميع الثورات التي تكون فيها كلمة الفصل للسلاح في مرحلة ما بعد الانتصار.