رمز الخبر: ۳۱۶۷۶
تأريخ النشر: 15:24 - 19 June 2012
ماجد حاتمی - یبدو ان الدفاع المنطقی والمؤطر بالمواثیق والمعاهدات الدولیة ، الذی اعتمدته طهران للمنافحة عن حقوقها النوویة علي مدي ثمانیة اعوام ، دفع الكثیر من المراقبین السیاسیین الي التشكیك فی جدوي الاستراتیجیة التی تعتمدها واشنطن فی التعامل مع طهران.

ما كان یقال همسا بالامس عن الانتكاسات التی تعرضت لها الاستراتیجیة الامریكیة ازاء ایران، یقال الیوم وبنبرة حادة، فهناك الكثیر من المحللین والسیاسیین، حتي فی داخل امریكا ، اخذوا یحذرون واشنطن من تداعیات استراتیجیتها علي الداخل الامریكی وعلي حلفائها الاوروبیین والاسیویین، لاسیما فی ظل الازمة الاقتصادیة والمالیة التی تعصف بمطقتی الدولار والیورو ، مطالبین امریكا بمراجعة استراتیجیتها ازاء الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ، لاسیما سیاسة الحظر الاقتصادی الاحادی الجانب ، وان تدخل من باب الندیة والاحترام المتبادل فی تسویة القضایا العالقة معها ، اعتمادا علي الحوار والدبلوماسیة بعیدا عن لغة التهدید والوعید التی لم تحقق لامریكا ای هدف من اهدافها فحسب ، بل ورطت العدید من حلفائها فی سیاسة الحظر الاحادیة الجانب ضد ایران.

الكثیرون حملوا اللوبی الصهیونی النافذ فی امریكا وقادة الكیان الصهیونی، مسؤولیة تخبط الاستراتیجیة الامریكیة ازاء ایران، لما ترسمه هذه الجهات النافذة، للمسؤولین الامریكیین، من صورة مزیفة عن الاوضاع فی ایران، ولما یمارسونه من ضغوط لاتنتهی علي اصحاب القرار فی البیت الابیض والكونغرس لاستعجال الاجراءات التی یجب ان تتخذ ضد ایران.

البعض وضع اصبعه علي عدد من الانتكاسات التی منیت بها الاستراتیجیة الامریكیة ازاء ایران، ومنها:

-حلم عزل ایران الذی كانت تعیشه امریكا لحد الان ، تحول الي كابوس ینغص لیل نهار قادة البیت الابیض، بعد ان نجحت الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة فی فرض نفسها كلاعب قوی وفاعل علي الصعیدین الاقلیمی والدولی ، واخر هذه النجاحات، اصرار قوي دولیة عظمي مثل روسیا ومحافل دولیة كمنظمة الامم المتحدة، علي ان تدخل ایران، لما تمتلكه من تاثیر ونفوذ ، علي خط الازمة السوریة للخروج بتسویة تعید الامن والاستقرار لهذا البلد ، الامر الذی وقع كالصاعقة علي نزلاء البیت الابیض ، الذین اسقط فی یدهم.

- حاولت امریكا ان تظهر ایران وحیدة امام المجتمع الدولی بل ومتمردة ، عبر الیة التفاوض معها فی اطار مجموعة 5+1 ، الا ان سحر امریكا انقلب علیها، فقد بدأ اركان هذا الاصطفاف الدولی یترنح ، اثر استهزاء امریكا بالمحافل الدولیة وبالعمل الجماعی، واستخفافها حتي باعضاء مجموعة 5+1، عبر فرض قوانینها الخاصة علیهم بوصفها قوانین دولیة نافذة، والضغط علي هذه الدول لمماشاتها فی سیاستها الاحادیة الجانب ضد طهران.

-امریكا ، وبأعتراف وزیرة خارجیتها هیلاری كلینتون، كانت تنظر الي المفاوضات بین ایران ومجموعة 5+1 كوسیلة أختبار تقیس من خلالها قوة وضعف المواقف الایرانیة ، لا كوسیلة للوصول الي اتفاق. هذا السحر انقلب ایضا علي سحرته، فجولة بغداد كانت اختبارا للاسرة الدولیة ، وخاصة لروسیا والصین وحتي لبعض حلفاء امریكا مثل المانیا، لجدیة الموقف الامریكی الذی بدي مراوغا حتي اللحظات الاخیرة من انتهاء جولة بغداد، عندما اصطدم بجدیة الموف الایرانی ومواقف روسیا والصین و وزیرة خارجیة الاتحاد الاوروبی كاترین اشتون ، حیث تم اختیار موسكو مكانا لجولة المفاوضات المقبلة ، ویوم 18 حزیران /یونیو موعدا.

-علي مدي السنوات الثمانی الماضیة لم تترك امریكا وربیبتها اسرائیل وسیلة یمكن ان تشكل ضغطا علي ایران الا واستخدمتاها ، بدءاً من فرض حظر اقتصادی وتجاری ونفطی شامل ، ومرورا باغتیال العلماء النوویین وشن الحروب السیبیریة والنفسیة والاعلامیة واثارة القلاقل والفتن الطائفیة والقومیة ، وانتهاء بالتهدید باستخدام كل ما یملكون علي طاولتهم ، وفی مقدمتها القوة العسكریة ، الي الحد الذی تم تحدید مواعید لتنفیذ الهجوم العسكری .ولكن فی المقابل لم یخرج كل هذا الحظر الظالم والاعمال الارهابیة والضجیج الاعلامی ، ایران من هدوئها وحكمتها ، فكانت النتیجة ان تقرر ایران الاماكن التی یجب ان تجری فیها المفاوضات مع مجموعة 5+1 وكذلك مواعیدها ، بعد ان كانت هذه الاماكن والمواعید تفرض علیها . كما نجحت ایران فی ان تعزل اسرائیل عن المجتمع الدولی الي الحد الذی اخذ الصوت القادم من اسرائیل بشان البرنامج النووی الایرانی یعتبر صوتا شاذا لایعتد به حتي وان وصل الي عنان السماء.

الیوم وفی موسكو ، حیث ممثلی ایران ومجموعة 5+1 یجلسون حول طاولة واحدة ، علي امریكا ان تتعظ من تجاربها السابقة وان تركن جانبا ما فی جعبتها من جزر وعصی وملاعق فارغة ، فلا مكان لها علي طاولة موسكو ، بعد ان بطل سحر التطمیع والتهدید والوعود الكاذبة ، ولا مفر من الاصغاء لصوت العقل ، الذی یصدح مؤكدا ، ان ایران دولة كبیرة وصاحبة تاریخ عریق وشعب متحضر ، یخطأ من یظن ان بالامكان حرمانها من حقوقها المشروعة ، واقل هذه الحقوق ، حقها فی امتلاك برنامج نووی سلمی ، عبر التهدید والوعید.

الاجدر بامریكا الا تضیع فرصة موسكو كما ضیعت الفرص السابقة ، لما لروسیا من علاقات وثیقة بایران من جانب ، وباعضاء مجموعتها من جانب اخر ، هذا بالاضافة الي كونها مضیفة ومحاورة فی ان واحد ، وهی صاحبة خطة الخطوة خطوة ، وهی خطة یمكن ان تشكل بدایة جادة لتسویة الموضوع النووی الایرانی ، فی حال اتعظ البعض ، من مفاوضی ایران، بأخطائه.