رمز الخبر: ۳۱۹۵۴
تأريخ النشر: 15:17 - 13 September 2012
ان احتجاز الرهائن واجلاس الرهائن الابرياء تحت راية سوداء كتب عليها "لا اله الا الله، محمد رسول الله" وقطع رؤوس الرهائن وبث صور ذلك عبر الفضائيات والانترنت وكذلك تفجير الاماكن العامة والدينية وممارسة الضرب والشتم والسباب وخلاصة القول "التطرف"، هي اكبر خدمة يسديها هؤلاء لتيار رهاب الاسلام.
عصر ايران ؛ جعفر محمدي، رئيس تحرير عصر ايران – كان للفيلم المسئ "حياة محمد [ص] رسول الاسلام" الذي انتج على يد اسرائيلي مقيم في اميركا ودعم وروج من قبل القس المعادي للاسلام تيري جونز، تداعيات: فقد لقي السفير الامريكي في ليبيا ومعه عدد من موظفي السفارة الامريكية حتفهم في هجوم شنه غاضبون على قنصلية الولايات المتحدة في بنغازي. كما شهدت السفارات الامريكية في بعض البلدان الاسلامية منذ يومين تجمعات احتجاجية والمتوقع ان تجتاح خلال الايام المقبلة موجة مشاعر عارمة مناهضة لاميركا ، ارجاء العالم الاسلامي.

ولابد من الاشارة الى عدة نقاط بهذا الخصوص:

1- "حرية التعبير عن الراي" التي يتم الاستناد اليها في الغرب وينتج تاسيسا عليها هكذا فلم مسئ يجرح مشاعر مليار ونصف مليار انسان، هي ذريعة ليس الا لان هدفها الاول والاخير هو النهوض بالمعرفة والسلام والتعايش السلمي بين ابناء البشر. لذلك فانه ان اصبح ما يطلق عليه "حرية التعبير عن الراي" في تناقض مع هذا الهدف السامي، فان ذلك يعتبر نقضا للغاية المنشودة ويدفع لتشكل سلسلة لا نهاية لها من الاساءة لبني البشر.


تری جونز

تيری جونز القس الاميركي تيري جونز، كان قد اقام في وقت سابق مراسم حرق المصحف الشريف! وفي هذا الاجراء الجديد كان تيري جونز يرتدي قميصا اسود اللون كتب عليه بالعربية والانجليزية "كافر" واقدم على حرق صور زعم انها متعلقة بنبي الاسلام محمد (ص) والمصحف الشريف.

واذا كان مقررا ان يستهزئ اتباع الديانات المختلفة في العالم، باحدهم الاخر باسم حرية التعبير عن الراي والاساءة الى معتقدات احدهم الاخر، فان القرن الحادي والعشرين سيشهد مرة اخرى حروبا دامية وطائفية جديدة لا تبقي ولا تذر.

2- وكيف ان مسؤولين كبار مثل الامين العام للامم المتحدة والناطقين باسم الولايات المتحدة الامريكية يعتبرون مجرد الحديث عن الطبيعة الاجرامية للكيان الصهيوني "مثيرا للاشمئزاز" وينددون به لكنهم لا ينبسون ببنت شفة عندما يتم توجيه الاهانة والاساءة الى معتقدات نحو ربع سكان الكرة الارضية او انهم يتصرفون على مستوى المجاملات الدبلوماسية. الا يعتبر شتاء وصيف تحت سقف واحد، محفزا ومشجعا لمثل هذه الاهانات والاساءات؟

3- لا يمكن التسليم بان موجة رهاب الاسلام في العالم هي وليدة ابداعات هذا المخرج او ذاك القس المتطرف، بل هي تيار مناهض للسلام يسعى لتقديم الاسلام كتحد حل محل الشيوعية (!) وليبقي بذلك على دورة "اقتصاد الحرب والارهاب" حية.

ان هذا التيار يضرب بجذوره في المراكز والمواقع التي تجني الكثير من المنافع والفوائد الاقتصادية من اضفاء الطابع الامني على العالم.

4- وفي هذا الخضم، فان المتطرفين المسلمين الذين ينشطون عادة في اطار السلفيين، تحولوا الى عامل حفاز لتيار رهاب الاسلام ويرسمون من دراية او دون دراية، صورة مروعة عن الاسلام في العالم.

ان احتجاز الرهائن واجلاس الرهائن الابرياء تحت راية سوداء كتب عليها "لا اله الا الله، محمد رسول الله" وقطع رؤوس الرهائن وبث صور ذلك عبر الفضائيات والانترنت وكذلك تفجير الاماكن العامة والدينية وممارسة الضرب والشتم والسباب وخلاصة القول "التطرف"، هي اكبر خدمة يسديها هؤلاء لتيار رهاب الاسلام.

سفیر آمریکا در لیبی

وقد قتل السفير الامريكي في ليبيا. وحدث ذلك بعد ان هاجم اشخاص غاضبون القنصلية الامريكية في بنغازي واضرموا النار فيها احتجاجا على الفيلم المناهض للاسلام والذي انتج في اميركا.

في حين ان اغلبية المسلمين، هم اناس يتحلون بالتسامح والحلم والمداراة يريدون ان يعيشوا في العالم المعاصر بجانب سائر الشعوب في صلح ووئام ومساواة.

ومع ذلك فان تلك الفئة من المتطرفين الذين يعملون باسم الاسلام وبما ان صوتهم ابلغ وهم محط تركيز واهتمام وسائل الاعلام الغربية يتم تقديمهم ك "رمز للاسلام" لدى غير المسلمين!. فهذه اكبر خيانة وضربة للاسلام تتم على يد المسلمين المتطرفين انفسهم.

5 – ان الهدف المهم الذي يصبو اليه تيار رهاب الاسلام، هو تقديم صورة عنيفة وغير عقلانية عن الاسلام والمسلمين. ولذلك فانه يسعى من خلال انتاج افلام وكتب ل"رسم " هذه الصورة ومن ثم "توثيق" هذه الصورة التي ترسما هذه الافلام والكتب من خلال اثارة حفيظة المسلمين وتحريضهم للقيام بمثل هذه الممارسات العنيفة.

ويجب القول باسف ان مخططاتهم هذه قد حققت ما كانت تصبو اليه لان كل ما "دونته" التيارات الصهيونية ضد الاسلام، وقعت عليها التيارات الاسلامية المتطرفة وذلك بفضل حماقات المتطرفين التي لا حد وحدود لها.

ان اعمال العنف التي تصدر عن بعض المسلمين والتي تؤدي في بعض الاحيان الى مقتل اشخاص لم يكن لهم اي دور في الاساءات ضد المقدسات، تشكل اكبر مكسب بالنسبة لتيار رهاب الاسلام الذي يسعى لاظهار هذه المشاهد للراي العام العالمي للايحاء بان الاسلام والمسلمين هم مصدر خطر.

ان التيارات الاسلامية المتطرفة ترتكب اعمال عنف باسم الدفاع عن النبي الاكرم (ص) في حين ان رسول الله (ص) لم يقدم ابدا على اي عنف في مواجهة الاهانات والمعاناة التي كان يتعرض لها، ولم يسفك دم الابرياء بل كان يدفع المسيئين الى التنبه والانتباه من خلال سلوكه الانسان والالهي. ويمكن في هذا المجال الاشارة الى قصة الرجل الذي كان يرش يوميا التراب على نبي الاسلام (ص) من على سقف بيته ، وعندما لم يحدث هذا لعدة ايام سال عنه النبي محمد (ص) وعلم ان الرجل قد مرض، فذهب لعيادته وخجل الرجل لدرجة انه اسلم في ذلك المكان.


اعتراض
الاحتجاجات في مصر

وان لم يكن النبي الاكرم (ص) يتحلى بهذا الخلق العظيم لما كان الاسلام ينتشر. ورغم ذلك ومع وجود اسوة حسنة كهذه، فان الذين يزعمون اليوم بانهم يسيرون على نهج وخطى هذا النبي العظيم، يبتعدون كل البعد عنه في تصرفاتهم وسلوكياتهم.

فالاسلام، يحترم حياة الانسان وحتى ان هناك امر بانه لا يجب الاقتصاص من القاتل الذي ثبت جرمه، قبل صدور حكم قضائي بحقه. ومع ذلك فاننا شهدنا في السنوات الاخيرة بان التيارات الاسلامية المتطرفة التي تعمل حول محور السلفية والقاعدة، تقوم لسبب ان فلان اساءة وجهت الى قدسية النبي الاكرم (ص) في الاراضي الامريكية ، بقتل اناس في باكستان وافغانستان ومصر ولييا وبنغلادش و... لا علاقة لهم اصلا بذلك العمل الشنيع. فهل يجيز الاسلام ذلك للمسلمين؟ كلا وابد!

5- ما العمل؟

وهذا سؤال مهم لا يمكن ان نمر عليه مرور الكرام. وبطببعة الحال فانه ليس من الملائم ان نقف مكتوفي الايدي لكي يعمل تيار شمولي من خلال مشروعه للتخويف من الاسلام، على الاساءة الينا ويمرر اهدافه غير الانسانية.


ان الاحتجاج هو حق اساسي لكل الذين تعرضوا للظلم او الاساءة، وان هذا الاحتجاج يمكن ان يكون واجبا في بعض الاحيان. لذلك فان من وحق وواجب المسلمين الاحتجاج على الذين يسيئون الى معتقداتهم لكن لا يحق لهم العدول عن مقررات الاسلام والسيرة النبوية في احتجاجاتهم التي يطلقونها تحت اسم الدفاع عن حريم الاسلام ونبي الاسلام (ص). وان يلطخوا مثلا ايديهم بالدماء ويسقطوا بذلك في الفخ الذي نصبه لهم اصحاب مشروع رهاب الاسلام.

ان التجمعات الاحتجاجية المدنية وحملات الانترنت وتوجيه الرسائل الى الاوساط الدولية واقامة برامج حول النقد واعطاء الرد المستدل على المزاعم المعادية للاسلام واجراءات اخرى من هذا القبيل تعد اساليب متحضرة واسلامية لمواجهة الذين يضمرون السوء والشر للاسلام.

وحتى يمكن الذهاب الى ابعد من ذلك واللجوء الى النضال السلبي للتصدي لتيار رهاب الاسلام، وقبل اعوام عندما حدثت قضية رسوم الكاريكاتير الدنماركية الموهنة لنبي الاسلام (ص) واندلعت احتجاجات عارمة في ارجاء العالم الاسلامي، خلق معاق ايراني فنان اروع مشهد واكثره تاثيرا عن هذه الاحتجاجات امام السفارة الدنماركية في طهران. فقد وضع لوحة للرسم امام السفارة الدنماركية ووضع فرشاة رسم في فمه ورسم على اللوحة صورة جميلة عن السيدة مريم (ع). وهذا الاجراء كان له انعكاسات عالمية واسعة وكان له اثر ابلغ بكثير عن عمليات اضرام النار في باكستان او الرشق بالحجارة واطلاق النار في افغانستان و... .

هنرمند جانباز

الفنان الايراني المعاق وهو يرسم صورة عن السيدة مريم (ع) امام السفارة الدنماركية في طهران.

ولا ضير ان يذهب المسلمون الى المساجد في اطار التجمعات الاحتجاجية ضد الاساءة الى مقدساتهم ليضيئوا شموعا ويرفعوا ايديهم بالدعاء ليهدي الله اشخاصا مثل مخرج الفيلم المسئ او القس الامريكي تيري جونز.

ان النضال السلبي في مواجهة تيار رهاب الاسلام، يحول هذه المؤامرة الى مضاد لها. ولناخذ هذا الاقتراح على محمل الجد.