رمز الخبر: ۳۲۷۸۹
تأريخ النشر: 09:28 - 22 December 2016
وهذا الحادث الذي سوف تبقى صوره خالدة في الذاكرة الدبلوماسية الدولية إلى سنوات وربما عقود، باعتباره أحد الأحداث المهمة في العالم، يدل على حقائق عدة.

عصر ايران- اغتيال السفير الروسي في تركيا كان حادثا مباغتا وصادما، ورغم أنه كان من الممكن أن يترك تأثيرات مدمرة على العلاقات المستأنفة مؤخرا بين أنقرة وموسكو، غير أن رئيسي البلدين حاولا أن يتحكموا بهذه التأثيرات، وألا يسمحا لهذا الحادث أن يضر بالعلاقات الثنائية بين الطرفين. 
 
غير أن هذا الحادث الذي سوف تبقى صوره خالدة في الذاكرة الدبلوماسية الدولية إلى سنوات وربما عقود باعتباره أحد الأحداث المهمة في العالم، يدل على حقائق عدة. 

الأولى أن هذا الحادث وأيا كان الحافز الأساسي خلفه، لا شك في أنه أمر مخجل لنظام السياسة الخارجية والصورة الدولية التركية. 
 
والنقطة الأهم أن الحكومة التركية وبسبب خجلها من أجل هذا الحادث، اضطرت إلى السماح للحكومة الروسية بحضور الضباط الروسيين من أجل الحقيق والبحث في ملف هذا الاغتيال، ومن جهة أخرى قد يسبب الخجل إزاء هذا الحادث المرّ، أن تأخذ أنقرة هذا الحادث بعين الاعتبار في علاقاتها الدبلوماسية مع روسيا خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، وهي التي ستشكل مرحلة حساسة في معالجة الأزمة السورية، وأن تضطر لتقدم لموسكو امتيازات ما، تعويضا لهذه القضية. 
 
وهناك أربعة آراء تطرح حول حوافز وسيناريوهات حادث مساء الاثنين في أنقرة: 
1- الاغتيال من أجل أسباب شخصية 
2- الاغتيال لحوافز جماعية 
3- الاغتيال لحوافز حكومية 
4- الاغتيال لحوافز وعلاقات خارجية 
 
1. في الافتراض الأول والأقرب الى الاحتمال ان الضابط الشاب التركي، قد قام باغتيال السفير الروسي لأسباب جد شخصية، اعتراضا على التدخل العسكري الروسي في الأزمة السورية، والوضع الموجود في مدينة حلب. ويبدو أن هذا الحافز هو الأكثر احتمالا. 
 
ونظرا لهذا السيناريو، جاء عمل الضابط التركي من خلفية عاطفية، وبما أن التصرفات السياسية، لاسيما في السياسة الخارجية، تؤدي دائما إلى خسائر، فقد آل تصرف هذا الضابط التركي إلى إيصال خسائر بالغة بالحكومة المنتمي إليها. 
 
2. أما السيناريو الثاني الذي تشير له بعض وسائل الاعلام التركية هو ان اغتيال السفير الروسي جاء من قبل الجماعة المنتمية لغولن في تركيا، وهدفه الحيلولة دون فتح الأبواب في السياسة الخارجية لحكومة اردوغان أمام روسيا. 
 
ويذكر القائلون بهذا الافتراض نقاطا عدة منها انه من المحتمل أن هناك علاقة تربط الضابط الشاب "مولود مرت ألتين تاش"، بجماعة غولن. وأنه كان قد أرسل في إجازة من قبل قائده يوم الانقلاب الخائب (15 تموز)، غير أن قائده كان بين المعتقلين بعد الانقلاب، وهو من المنتمين الى جماعة غولن في جهاز الشرطة التركية. 
 
ويبدو أن هذا الافتراض واحتمال وجود علاقة بين قاتل السفير الروسي وجماعة غولن هو الافتراض الاكثر جاذبية للحكومة التركية، لاسيما ان وسائل الاعلام التركية بعد هذا الانقلاب الخائب قبل 5 أشهر، طرحت فكرة وجود علاقة بين سقوط طائرة سوخو الحربية الروسية في 24 نوفمبر 2015 مع تنفذ جماعة غولن في القوة الجوية التركية. مع العلم بأن هذا الادعاء لم يثبت ابدا. 
 
3. هناك صور نشرت بعد اغتيال السفير الروسي، يظهر فيها الضابط المغتال يصافح رجب طيب اردوغان، وقد طرح احتمال أن يكون هذا الحادث جاء من قبل الحكومة التركية. بالرغم من أنه لا يمكن معرفة حجم وعمق العلاقة المحتملة بين المغتال والحكومة التركية، وحتى مصافحة اردوغان لا يمكنها ان تثبت مثل تلك العلاقة. غير ان المدافعين عن هذا الاحتمال يشيرون الى قتل المغتال من قبل قوات الأمن التركية، ويقولون ان سبب قتله هو وضع الستار على الحقائق خلف هذا الاغتيال. 
 
ورغم وجود هذا الافتراض، إلا انه بعيد عن الصحة، لأن هذا الحادث لا يؤدي الى نتيجة أو إنجاز للحكومة التركية، بل هو نوع من جلد الذات. 
 
4. أما السيناريو الآخر عن هذا الحادث، هو احتمال وجود عوامل خارجية وراءه. هناك من يزعم أن السعودية كانت خلف الحادث، وهناك من يتهم أمريكا. والنقطة المركزية في هذا السيناريو هو ان السعودية وأمريكا كانتا قلقتين من التقرب الذي حصل مؤخرا بين موسكو وانقرة، وتوجه انقرة نحو روسيا وإيران في قضية الأزمة السورية، وبهذا الحادث كانتا تحاولان عرقلة مثل هذا الاحتمال. 
 
ويشير مدعو هذا السيناريو الى وقت حصول الاغتيال، أي اقل من يوم قبل اجتماع وزراء الدفاع والخارجية لكل من روسيا، وايران، وتركيا، في موسكو. 
 
ورغم وجود كل هذه الاحتمالات، في النظر إلى حادث اغتيال السفير الروسي في تركيا، يجب التأكيد على ان هذا الحادث لم يؤد الى نتيجة جيدة للحكومة التركية، بل سبب لها خجلا وإحباطا، وحتى ان كان حافز القاتل، شخصيا ولم تكن تربطه أي علاقة بجهة داخلية تركية أو خارجية، الا ان مكانته كعضو في الشرطة التركية، تشير الى عمق المشاكل الموجودة في الشرطة والاجهزة الامنية التركية.