رمز الخبر: ۴۶۶۲
تأريخ النشر: 12:09 - 16 June 2008
ضياء الدين احتشام
عصر ايران ، ضياء الدين احتشام – قام الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا خلال زيارته الي طهران بتسليم رزمة مقترحات مجموعة "1+5" الى المسؤولين الايرانيين وقد نشرت على الفور في وسائل الاعلام.

ورغم ان مبدأ تبادل الاقتراحات بين ايران و1+5 يشكل خطوة الى الامام ومؤشر على مواصلة العمل الدبلوماسي الا ان المؤكد هو انه من دون نقد ودراسة هذه الرزمة بشكل دقيق والتعمق فيها لا يمكن اتخاذ قرار ملائم يكفل المصالح الوطنية.

لذلك فاننا نحاول في هذا المقال نقد رزمة مقترحات 1+5 ولو بشكل ملخص.

1- الامتياز الاول الذي منح لايران وفق رزمة المقترحات هذه يتمثل في ان 1+5 والاتحاد الاوروبي سيعترفان بحق ايران في تطوير وابحاث وانتاج واستخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية وفقا لالتزامات معاهدة حظر الانتشار النووي.

وفيما يخص هذا البند يمكن الاشارة الى ثلاث نقاط وهي :

أ‌- وفقا للقوانين الدولية والنظام التاسيسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية فان جميع الدول الاعضاء في الوكالة تحظي بهذا الحق لذلك فان الاعتراف به هو تكرار لحق قائم اساسا ليس الا ولا يمكن اعتباره امتيازا جديدا.

ب‌- ان العبارة المذكورة كانت قد جاءت عينا في اتفاق سعد اباد الذي وقعه وزراء خارجية الترويكا الاوروبية انذاك في طهران، فاذا كان هؤلاء التزموا بتعهداتهم خلال السنوات الاربع من التوقيع علي هذا الاتفاق واعترفوا بالحقوق القانونية لايران "عمليا" في المجال النووي ، فانه يمكن هذه المرة عقد الامل على الوعد الغربي الجديد!

ج- واضافة الى هذا البند فان ثمة بنودا اخرى يبدو انها اقحمت لتضخيم الرزمة لان ما ورد في البنود الاخرى هو شرح هذا البند ليس الا ولا تشكل امتيازات اخرى.

فلننظر الى البنود التالية :

- التاكيد المجدد على حق ايران في امتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية البحته وفقا لتعهداتها في اطار معاهدة حظر الانتشار النووي.

- توفير المساعدة المالية والتقنية اللازمة للافادة السلمية للطاقة النووية من قبل ايران ودعم استئناف مشاريع التعاون الفني في ايران من قبل الوكالة الدولية.
- دعم بناء محطات الماء الثقيل وفق احدث التقنيات.

- دعم الابحاث والتطوير في الطاقة النووية بموازاة الاستعادة التدريجية للثقة الدولية.


فالبند الاول هو تكرار الجملة المتعلقه بالامتيازات(!) الممنوحة لايران والبنود اللاحقة هي شرح له لان دعم تطوير التكنولوجيا النووية للبلدان الاعضاء وارد اساسا في معاهدة حظر الانتشار النووي.


2- رغم ان رزمة مقترحات 1+5 تطلب من ايران "تعليق" التخصيب الا ان التدقيق في البنود التي تاتي بعدها يظهر بان رزمة 1+5 نظمت على اساس الوقف الدائم (وليس التعليق المؤقت) للتخصيب في ايران.

فاذا كانت 1+5 تقصد "التعليق" حقا فان وقف عمل اجهزة الطرد المركزي سيكون مؤقتا على ان يتم استئناف التخصيب بعد فترة وسيكون بمقدور ايران انتاج الوقود النووي لذلك فانه لن تكون هناك حاجة لاعطاء ضمانات قانونية لعرض الوقود النووي.

3- وفي عدة مواقع من هذه الرزمة اوكل التعاون مع ايران ب"الاستعادة التدريجية للثقة الدولية" والتاكد من "الطبيعة السلمية التامة للبرنامج النووي الايراني".

وفي هذا الخصوص يمكن الاشارة الى النقاط التالية :

أ‌- ان قصد واضعي هذه الرزمة من "الثقة الدولية" هو بالتاكيد ثقة بعض الدول الخاصة (اي انهم انفسهم) لانه اذا كانت الثقة الدولية تشكل معيارا فانهم لما كانوا يتجاهلون البيانات العديدة الصادرة من دول عدم الانحياز الاعضاء في الوكالة الدولية (نم) والتي تضم اكثر من 100 دولة والتي اكدت الطابع السلمي للنشاطات النووية الايرانية.

ب‌- الى متى ستستمر هذه الاستعادة التدريجية للثقة؟ وهل اذا اصرت اميركا بناء على مقتضياتها السياسية بانها تشك في ايران فان الوعود الواردة في هذه الرزمة ستبقى معلقة حتى اذا مضت سنوات وسنوات وان يكون التخصيب في ايران في حالة التعطيل والركود؟!

ج- ماهو معيار 1+5 لبناء الثقة ؟ فاذا اخذت تقارير الوكالة الدولية بنظر الاعتبار وهي ذات طابع فني وحقوقي بحت فان ايران مستعدة بالتاكيد لمواصلة المسار لكن اذا تحولت مزاعم الامريكيين وبعض اللوبيات في اميركا واوروبا الي معيار فانه يجب القول باننا "سنواجه مسلسلا من الذرائع والحجج لا نهاية لها ابدا".

4- ان القسم المتعلق بالاقتراحات السياسية هو عموميات ليس الا وطبعا من دون اي ضمانات حتى في مستوى اعطاء الوعود!

وفي هذا القسم فانه تم الاتيان بكلام واحد في بنود مختلفة بادبيات متفاوتة لكي لا يبدو القسم السياسي ضئيلا وقليل الحجم.

علي سبيل المثال اقدام الدول الست والاتحاد الاوروبي على تحسين العلاقات يضم في حد ذاته تحفيز الاتصال والحوار مع ايران والرقي بمتسوى الحوار والتعامل مع ايران و... في حين ان كل هذه وردت في البنود العديدة اللاحقة باعتبارها امتيازات!

وذكر بان 1+5 تؤكد انه في اطار ميثاق الامم المتحدة وفي علاقاتها الدولية تتحاشي اللجوء الى التهديد او استخدام القوة ازاء وحدة الاراضي او الاستقلال السياسي لاي بلد.

وهل هناك فرق حقا في ذكر هذه الجملة بان 1+5 تتصرف في اطار ميثاق الامم المتحدة او عدم ذكرها؟ واليس يتعين على جميع الدول الاعضاء في الامم المتحدة العمل في اطار ميثاق هذه المنظمة الدولية؟

واللافت ان مجلس الامن الدولي هو في قبضة الدول الخمس التي تملك حق النقض الفيتو فيه واذا ارادت اضفاء الطابع القانوني علي عدوانها فانها قادرة على نيل مقصودها من خلال التصديق على استخدام القوة العسكرية.

ان هذا البند هو على النقيض من ظاهره فانه لا يمنح اي ضمان امني لايران فحسب بل يتضمن هذا التهديد ايضا بان القوى الخمس في مجلس الامن الدولي تفكر باضفاء الشرعية على عملها العسكري ضد ايران.
واضافة الى ذلك فاذا ارادت دولة مثل اميركا مهاجمة بلد ما فهل ستابه بالشرعية الدولية او التزاماتها الدولية ؟ اننا لم ننس مهاجمة اميركا للعراق رغم معارضة معظم دول العالم واوروبا (ماعدا بريطانيا) وروسيا والصين.


5- الاقتراحات الاقتصادية شملتها ايضا العموميات. فعلي سبيل المثال جاء في احد البنود هذه العبارة فقط "دعم التنمية الزراعية في ايران" واعطيت ايضاحات اكثر شفافية فقط في مجال الطائرات المدنية بما في ذلك الغاء القيود على الصادرات المتعلقه بالطائرات الى ايران وقد وضعت رهنا بكلمة "امكانية ذلك".

واجمالا يمكن القول بان 1+5 تطلب من ايران امتيازا نقدا (تعليق التخصيب) لتتفاوض معها مستقبلا بشان امتيازات بالنسيئة وليس من الواضح الى متى ستستمر هذه المفاوضات؟!

ورغم ان الرزمة الجديدة لمجموعة 1+5 تشكل مناسبة لاستئناف الحوار لكن طالما لا يتم التفاوض سياسيا بشان محتوياتها للتوصل الى التفاهم النسبي فانه لا يمكن اعتبارها تكفل المصالح الايرانية ولا يمكن قبولها بصيغتها الحالية.

ونظرا الى الرزمات السابقة التي عرضها الغرب فان الرزمة الحالية لا يمكن اعتبارها رزمة جديدة بل يمكن تسميتها ترزيم جديد.

ورغم ذلك فان الرفض السريع للرزمة لن يكون عملا دبلوماسيا بل ان المهارة تكمن في خوض منافسه مع الطرف الاخر والحصول منه على امتيازات . ان فن الدبلوماسية يكمن في التعامل مع الاطراف التي لا تتقاطع مصالحها معنا والا فان احتساء القهوة مع الاصدقاء لا يمكن اعتباره دبلوماسية.