رمز الخبر: ۵۷۴۸
تأريخ النشر: 12:46 - 10 August 2008
أبى الموت الا ان يثأر من أهم الشعراء الفلسطينيين الذين كانوا صوت القضية الفلسطينية في العالم ، الشاعر الذي كتب «هزمتك يا موت» حيث كان للموت موعد أخير امس السبت اعلن فيه «انتصاره» على محمود درويش .
و افادت وكالة انباء فارس بأن هذا الشاعر الكبير قضى الساعات الـ48 الاخيرة من صراعه في حال موت سريري ، اثر مضاعفات مفاجئة تلت الجراحة التي أُجريت له في قلبه في مستشفى في مدينة هيوستن في ولاية تكساس الاميركية الاربعاء الماضي .
و نعى الرئيس محمود عباس ، الشاعر الفقيد محمود دوريش و اعلن الحداد العام ثلاثة ايام في الاراضي الفلسطينية فيما نقلت مصادر موثوق بها ان الرئاسة الفلسطينية بدأت ترتيبات اعادة جثمان الراحل درويش ونقله عبر طائرة اماراتية الى عمان ، ومن هناك سيصار الى نقله الى رام الله في الضفة الغربية .
و اشارت الي ان هناك مساع فلسطينية تبذل من اجل سماح اسرائيل لدفنه في قريته البروة في اراضي الـ 48 ، و الا فإنه سيوارى الثرى في رام الله .
و كان درويش توجه الى الولايات المتحدة لاجراء فحوص للقلب و في نيته ان يرفض الخضوع لعملية جراحية ، كما أسرّ الى بعض أصدقائه في رام الله التي قصدها قبل أسبوع للحصول على تأشيرة دخول .
لكن سرعان ما اجريت له عملية القلب المفتوح لتضييق الشريان الأبهر (الاورطي) ، وذلك بعدما اظهرت الفحوص ان حاله الصحية حرجة ، و ان «الاورطي» يوشك على الانفجار .
و حدد الاطباء نسبة نجاح العملية بما بين 70 الى 75 في المئة ، و فعلا نجحت ، لكن ما لبثت أن تلتها مضاعفات خطرة بعد تعرض درويش الى جلطات صغيرة في الرأس ، ما اضطر طبيبه الى إمداده بالتنفس الاصطناعي تحاشياً لأي اضطرابات أخرى ، قبل ان يدخل درويش في حال موت سريري استمرت 48 ساعة .
يذكر ان درويش خضع لعمليتين في القلب، الاولى العام 1984، والثانية العام 1998. وكان طبيبه أفاده قبل سنة أن أمامه شهوراً يقرر بعدها إن كان يحتاج الى هذه الجراحة. وفي سفره الى هيوستن رافقه صديقاه المهندس الفلسطيني علي حويلي والصحافي أكرم هنية رئيس تحرير جريدة «الأيام» الصادرة في رام الله.
و يعد الراحل درويش شاعر القضية الفلسطينية و المقاومة ، و بين ابرز من ساهموا في تطوير الشعر العربي الحديث الذي مزج شعر الحب بالوطن .
ولد محمود في فلسطين في قرية البروة في الجليل الغربي العام 1942 و دمرت قريته العام 1948 واقيمت مكانها قرية زراعية يهودية باسم «احي هود»، ونشأ وترعرع في قرية الجديدة المجاورة لقريته.
و بعد النكبة في 1948 لجأت عائلته الى جنوب لبنان ثم عاد متخفيا بعد سنة مع عائلته الى فلسطين ليبقى لفترة قصيرة في قرية دير الاسد في الجليل قبل ان تستقر العائلة في قرية الجديدة المجاورة لمسقط رأسه .
و عمل في شبابه في مجلة «الجديد» وصحيفة «الاتحاد» ولاحقته اجهزة الامن الصهيونية ثم فرضت عليه الاقامة الجبرية اعتبارا من العام 1961 حتى غادر العام 1972.
و أجبر الشاعر درويش على مغادرة الاراضي الفلسطينية بعد ان اعتقل عدة مرات ثم عاد بعد التوقيع على اتفاقيات «السلام» المؤقتة .
و على الرغم من انه لم يكن ينتمي الى اي حزب او حركة سياسية اصبح درويش عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في 1988 لكنه استقال في 1993 احتجاجا على اتفاق اوسلو معتبرا انه "ليس عادلا لانه لا يوفر الحد الادنى من احساس الفلسطيني بامتلاك هويته" .
كتب درويش اعلان الاستقلال الفلسطيني الذي تم اعلانه في الجزائر العام 1988 و عمل رئيسا لتحرير مجلة «شؤون فلسطينية» ، و شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحافيين الفلسطينيين .
أسس مجلة «الكرمل» في بيروت العام 1980 التي انتقلت الى قبرص قبل ان تستقر اخيرا في رام الله ، و ظل يشغل رئاسة تحريرها حتى الان .
و يعتبر درويش احد اهم الشعراء الذين ساهموا في بناء الشعر العربي الحديث و واحدا من اهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين امتزج شعرهم بحب الوطن والحبيبة .
و للشاعر درويش اكثر من ثلاثين مجموعة شعرية من بينها عصافير بلا اجنحة (1960) واوراق الزيتون (1964) وعاشق من فلسطين (1966) و حبيبتي تنهض من نومها (1970) و احبك او لا احبك (1972) وحصار لمدائح البحر (1984) وورد أقل (1987) ولماذا تركت الحصان وحيدا (1995) وحالة حصار (2002) ولا تعتذر عما فعلت (2003) وكزهر اللوز او ابعد (2005) .
و قد ترجمت اشعاره الى نحو اربعين لغة و حصل على العديد من الجوائز العالمية تكريما لشعره بينها جائزة البحر المتوسط في 1980 و دروع الثورة الفلسطينية (1982) وجائزة لينين في الاتحاد السوفيتي (1983) و جائزة الأمير كلاوس الهولندية وجائزة العويس الثقافية مناصفة مع الشاعر السوري أدونيس (2004) .
كما منح جائزة "الاركانة" التي يقدمها بيت الشعر في المغرب وكان يفترض ان تسلم له في حفل في الرباط في تشرين الاول المقبل في مسرح محمد الخامس .
و تحولت قصيدته الشهيرة "بطاقة هوية" التي يخاطب فيها شرطيا صهيونيا الي صرخة تحد جماعية للاحتلال . و يقول فيها "سجل .. انا عربي و رقم بطاقتي 50 الفا" ما ادى الى اعتقاله في العام 1967.
شهد في 1981 اغتيال ماجد ابو شرار احد اهم قياديي حركة فتح في روما حيث كانا يشاركان في مؤتمر عالمي لدعم الكتاب والصحافيين الفلسطينيين, وكانت الحادثة موضوع قصيدته "اصدقائي.. لا تموتوا" .
عاد الراحل درويش في منتصف التسعينات الى غزة ثم اختار الاقامة في رام الله في الضفة الغربية و انتقد في آخر قصائده "انت منذ الآن غيرك" الاقتتال بين الفلسطينيين .
/ نهاية الخبر / .