رمز الخبر: ۶۲۳۱
تأريخ النشر: 11:17 - 27 August 2008
بثت اذاعة «صوت العراق» تحليلا و نقدا شاملا لبنود مسودة الاتفاقية الامنية الستراتيجية التي تسعي امريكا لتوقيعها مع العراق ، اوضح أن بنود عديدة من شأنها ان تعرض حاضر العراق و مستقبله الى الخطر ، و تسلب منه فواصل مهمة من الشان السيادي الشامل لهذا البلد .كما تعطي الاتفاقية للامريكيين كثيرا من الامتيازات على حساب الوطن و المواطن العراقي و بناء العراق المستقل المتحكم بكل مفاصل السيادة دون اي اجتزاء .
و افادت وكالة انباء فارس بأن اذاعة «صوت العراق» ، و هي اذاعة مستقلة تبث من بغداد على الموجتين المتوسطة و القصيرة ، أوردت
12 ملاحظة هامة على عدد من فقرات و بنود هذه المسودة ، و حذرت من التوقيع عليها قبل إعادة النظر فيها وعرضها في وسائل الاعلام ليطلع الشعب العراقي على كافة تفاصيلها و ليشارك السياسيون و الخبراء الستراتيجيون في نقد و تنقيح و تعديل او إلغاء فقرات و بنود منها .
و اعتبرت «صوت العراق» تسارع اصحاب العلاقة بالشأن التفاوضي في الاشادة بما تم التوصل اليه من اتفاق في هذه المسودة التي رفعت الى المجلس السياسي للامن الوطني ، يزيد الخشية والخوف من تسويق هذه المسودة و تحويلها الى وثيقة او معاهدة لشرعنة استمرار بقاء القوات الامريكية في العراق ، وذلك لما تحويه المسودة من مواد و فقرات تشكل موضع شبهة و اشكال سيادي و امني في آن واحد .
و رأت «صوت العراق» الاندفاع الغريب لدى المفاوض العراقي في الاشادة فيها على الدوام ، بأنها من الامور التي تدفع الى التشكيك بجدوى هذه الاتفاقية الامنية للعراق ، و قالت : منذ المسودة الاولى للاتفاقية التي كانت تضم فقرات فاضحة تمس سيادة العراق ، كان بعض المشاركين في الوفد العراقي المفاوض ، يشيد ببنود تلك الاتفاقية بدءا من نائب رئيس الوزراء برهم صالح وانتهاء بوكيل الوزارة الحاج حمود و مرورا بوزير الخارجية هوشيار زيبباري .!! و كل اولئك اشادوا بما حوته و تضمنته المسودة الاولى وصوروها للشعب العراقي بأنها
"تضمن مصلحة و سيادة و أمن العراق" !! .
و اضافت : عاد هذا الفريق المفاوض ليعيد ذات التصريحات في تعليقاته على التصحيح الاول الذي جرى على مسودة الاتفاقية ، وقالوا ما مضمونه : " ليس بعد هذا التعديل من مخاوف وخشية وجرى الاخذ بنظر الاعتبار الغاء وتعديل كل مامن شانه ان يكون مخلا بسيادة العراق ، وهذا التعديل الجديد يضمن سيادة العراق "!! . و لكن وبعد التعديل الثاني الذي جرى على المسودة وتم تحديد عام 2011 كاقصى سقف زمني لبقاء القوات الامريكية في العراق ، أقر المفاوض العراقي بمجمل اركانه، ان هذه المسودة هي الافضل والمناسبة للعراق وللولايات المتحدة ، ولابد من اقرارها وتوقيعها !! .
و قالت اذاعة «صوت العراق» : "اذا كان المفاوض العراقي يرى كل تلك المسودات الثلاث بذات المنظار الايجابي ، و بنفس الرضا ، فإن الشعب العراقي يرى لزاما عليه ان لا يطمئن لهذه التصريحات ، خاصة و ان اغلب الفريق المفاوض العراق يمتاز بصفات لا يمكن الادعاء بأنه برئ منها و هي :
الف - ان اغلب اعضاء الجانب العراقي المفاوض ، قليل الخبرة و التجربة في مجال التفاوض الدولي و بالذات في هكذا موضوع شائك كالاتفاقية الامنية التي ستشكل اية ثغرة فيها ، مسا ً مباشرا ً بسيادة العراق . بينما الوفد الامريكي مثل السفير المسؤول عن الملف العراقي ساترفيلد و السفير رايان كروكر و غيرهم ، يستند الى خبرة طويلة و مراس عسير في التفاوض الدولي ، و قدرة فائقة على استخدام العبارات والمترادفات والمصطلحات السياسية والدبلوماسية بشكل يجعله قادرا على جعل كل فقرة من فقرات مسودة الاتفاقية ، حبلى بالتفسيرات والتأويلات على شاكلة الجدل التاريخي القائم حتى الان بين العرب و «اسرائيل» بشان قرار مجلس الامن 242 لعام 1967 الذي يقول «الاسرائيليون» انه يدعوهم الى الانسحاب من "أراض" عربية ، بينما يقول العرب ان القرار يدعو اسرائيل الى الانسحاب من "الاراضي" العربية المحتلة ، و شتان بين العبارة الاولى التي تعطي للاسرائيليين الحق بإبقاء بعض الاراضي العربية محتلة بيدهم ، و بين العبارة الثانية التي تعطي العرب الحق بالادعاء بأن الانسحاب لابد ان يكون من جميعا الاراضي العربية !! و مثل هذه الفخاخ موضع الاختلاف في تفسير قرار 242 ، تمتلئ بها مسودة الاتفاقية الاخيرة .
ب - ان من بين اعضاء الفريق المفاوض العراقي من لم يزل يملك علاقات صداقة و تعاون مع الجانب الامريكي بشكل يمنعه من الوقوف بوجهه والرد على مطالبه في التفاوض بالادلة والبراهين ، واذا تذكر هذا – المفاوض - انه يتحمل مسؤولية تاريخية ، فإن ذلك ربما يسعفه للرد ، لكن باستحياء و خجل حتى لايسبب للمفاوض الامريكي حرجا و يرد له طلبا .
ج – ان من بين المفاوضين في الجانب العراقي ، من يعتقد صادقا بان الولايات المتحدة هي بالفعل صديقة للعراقيين ، و هي تسعى لتقديم افضل ما يمكن من مساعدات ، و هو يعتقد كذلك انه كلما زادت فترة بقاء القوات الامريكية في العراق فان ذلك يوفر مزيدا من الامن ويمنع ما يصطلحون عليه بالفراغ الامني .
د - المسودة الاخيرة مازالت تحوي المزيد من الامور الغامضة التي تفسر لمصلحة الجانب الامريكي .
و حسب اطلاع اذاعة «صوت العراق» على ما ترشح من بنود هذه المسودة للاتفاقية الامنية فإنها تضم التالي :
اولا – كلما وردت كلمة "يتعهد" فإنها مقتصرة على الجانب العراقي فقط ، بينما تضيع هذه الفقرة "يتعهد" في إلزام الجانب الامريكي بمسؤولياته ، و اذا وردت مرة ما ، فإنها ترد بشكل عمومي في مقدمة الفقرة ، بينما تغيب في تفاصيلها ، حتى تظهر كل جانب وجزء من هذه الفقرة ، وكأنها غير مشمولة بالتعهد الاولي الذي ورد في بداية الفقرة .
ثانيا - مسودة الاتفاقية تفوض الجانب الامريكي بشأن "السيادة والسيطرة على الاجواء العراقية" بشكل كامل ومطلق ، بحجة ان العراق لا يملك الامكانات لرصد اجوائه ، بينما ضباط متقاعدون من الجيش العراقي من العاملين في الدفاع الجوي يؤكدون بأن الامكانات ميسورة من الكفاءات والقدرات ، و لا يحتاج الامر الا الى شراء منظومات رادار ، و بالامكان توفيرها من السوق العالمية خلال فترة قليلة جدا . و ان القبول بهذا التخلي عن الشان السيادي المتعلق بالاجواء العراقية ، انما هو تخلي عن حق من حقوق الشعب والوطن ، و هو يشكل انتقاصا مفضوحا للسيادة .
ثالثا – ان الحديث عن بدء الانسحاب من القواعد الامريكية ، لا يتضمن الاشارة عن مصير و مآل هذه القواعد بعد الاخلاء ، فهل تظل هذه القواعد الخالية من الجنود ، تحت سيطرة الجيش الامريكي حتى خروج اخر وحدة عسكرية له من العراق ، و من ثم تسلم كل هذه القواعد ، ام ان الجانب العراقي سيسارع الى استلام القاعدة العسكرية التي تم اخلاؤها فورا ، حتى لا تكون قاعدة جاهزة للامريكان لاستخدامها مجددا وقتما شاؤوا لتظل تشكل تقطة عسكرية امريكية بكل تجهيزاتها قابلة للاستفادة منها حالما يقرر الامريكان .
رابعا - مسودة الاتفاقية لا تحدد تفاصيل خروج القوات الامريكية و تحديد الوحدات والحجم الذي سيتم سحبها من العراق وتعداد افراد تلك الوحدات ، وانما ظل الامر عموميا ومبهما في فقرات المسودة ، و كأن الامر يتعلق بالحديث عن انسحاب عشرات الاشخاص من مقر صغير في قاعدة ما في العراق ، و ليس انسحابا لقوات جرارة يزيد تعدادها على ربع مليون جندي و ترسانه هائلة من السلاح و الذخيرة والمعدات .
خامسا – مسودة الاتفاقية لا تحدد مستوى و حجم العمليات العسكرية التي من "حق" القوات الامريكية القيام بها خارج قواعدها العسكرية .
سادسا – مسودة الاتفاقية لا تحدد حصانة المؤسسات العراقية ولا المسؤولين العراقيين كالوزرات و الوزارء وبقية المسؤولين و حتى المحافظين والقادة والضباط العسكريين ، ولا حصانة القواعد العسكرية والامنية والمخابراتية ولا حتى الحوزات العلمية او المرجعيات الدينية ، حيث يسمح هذا الاطلاق لعمل القوات الامريكية ، تنفيذ عمليات الدهم والاعتقال واطلاق النار والتسبب بالقتل في كل هذه الاماكن والمرافق الرسمية والدينية ، وهذا نموذج من نماذج ممارسات القوة المختلة الغاشمة ، وليس نموذجا لمهام قوات ملزمة بالمواثيق والرضوخ لقواعد السيادة وضوابط الدولة العراقية . كما يحاول الجانب الامريكي الإيهام بأنه ملتزم بها و هو ما ثبت بطلانه ، خاصة في العمليات التي نفذت في المحافظات التي سلم فيها الملف الامني لاداراتها المحلية وفي الوزارات والادارات ومكاتب المحافظين والقواعد العسكرية العراقية ، والامثلة كثيرة و لسنا في وارد سردها لكثرتها واشتهارها .
ثامنا – مسودة الاتفاقية توفر حصانة لقوات الامريكية في قواعدها وفي خارج هذه القواعد ايضا !!، بينما الاتفاقات التي ابرمتها امريكا مع اليابان وتايلاند ودول اخرى ، لا تضمن حصانة الجندي الامريكي الا داخل القواعد العسكرية الامريكية وليس خارجها ، كما هو في مسودة الاتفاقية الامنية الاخيرة .
تاسعا – مسودة الاتفاقية في فقرة الاشراف على الاجواء العراقية والتحكم بها ، تسلب بشكل طبيعي وفق هذا التفويض بالاشراف الامريكي على الاجواء والتحكم بها ، من العراق الاشراف واعطاء الاذن بتحريك طائراته المدنية في المطارات وخاصة في مطار بغداد الا باذن من الضباط الامريكيين ، اذا لا يحق لأي طيار ان يحلق بطائرة الركاب المدنية الا ان يأخذ اذنا مسبقا من الضابط الامريكي في برج المراقبة ، وهذا دليل من ادلة فقدان السيادة والرضوخ لارادة واوامر قوات اجنبية ، وهو يشكل صورة من صورة ممارسة المحتل لصلاحية طاغية هلى حساب سيادة العراق .
عاشرا – مسودة الاتفاقية تبقي مسمار جحا قائما لمصلحة القوات الامريكية و احتمال مواصلة بقائها في العراق ، اذ يؤكد بعض ما ورد من عبارات في بعض فقرات هذه المسودة ، ان الجانبين العراقي والامريكي يبحثان في الظروف الامنية المستقبيلية، للاتفاق على الضرورات وحجمها في تحديد عدد وحجم القوات الامريكية التي ستتعامل مع الظروف الاستثانئية .
كما ان فقرة الابقاء على قوات امريكية في العراق لتدريب وتاهيل القوات الامنية العراقية ، لم تجر الاشارة الى تعدادها و حجمها وهل صلاحياتها محدودة بالتدريب او القيام بعمليات عسكرية ايضا ، ولم تحدد كذلك حجم الذخائر وعدد الطائرات والدبابت والاليات التي سترافق تلك القوات في البقاء ، فهل تبقى الاعتدة والاليات والاسلحة بما يكفي لاستخدامها في عمليات واسعة او حرب شاملة، ام ان الذي سيبقى هو مجرد اليات لتوفير حماية محدودة وضيقة للقوات الامريكية المتبقية في العراق .
احد عشر – لم تتم الاشارة في مسودة الاتفاقية الى مصير ملف المخابرات والامن والاستخبارات الذي مازال ملفا "مغلقا" بيد القوات الامريكية حتى الان، وهو يشكل صورة من صور استلاب ونقص السيادة . حتى ان رئيس وزراء سابق دون ان نجد ضرورة لتسميته ، قالها صريحة لاحد الوزارء " انني لم التق مسؤول الامن والمخابرات في فترة حكومتي الا مرتين فقط ، كل مرة لم يستغرق اللقاء الا 15 دقيقة !! و كان اللقاء بيننا بروتوكليا و شخصيا وليس لقاء عمليا" !!
اثنا عشر- الاتفاقية لا تتحدث من قريب او بعيد عن تعهد امريكي للعمل على الغاء البند السابع الذي مازال يقيد العراق وهو البند الذي يشهره الامريكيون كـ " سيف ديمقوليس " على الشعب العراقي ، بينما الشعب العراقي والدولة العرقية في حل من قيودها ، لانه قرار اتخذ ضد النظام البائد وضد دولة لاوجود لموؤسساتها او مسؤوليها الذين غادروا الحكم اما اعداما او سجنا او هربا.فهل تريد المسودة ان تبقي الامر على ماهو عليه الامر في هذا الجانب ".
و اختتمت «صوت العراق» بالمطالبة بنشر بنود تفاصيل مسودة الاتفاق في وسائل الاعلام ليطلع الشعب العراقي عليها و قالت : "ان الحديث عن مسودة الاتفاقية الامنية الجديدة ، حديث يطول و يطول ، وهذه المسودة ، لابد ان تطرح بكل بنودها كاملة ، في وسائل الاعلام ليطلع عليها المواطنون ، و ليشبع المختصون والسياسيون بنودها بحثا و تدقيقا و اضافة و تعديلا و إلغاء ، حتى يتبين الخيط الاسود من الابيض و يكون الشعب العراقي هو صاحب القرار" .